-
كتاب الصلاة
-
باب مواقيت الصلاة
-
باب الأذان
-
كتاب الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب العيدين
-
باب ما جاء في الوتر
-
باب الاستسقاء
-
أبواب الكسوف
-
باب ما جاء في سجود القرآن
-
باب ما جاء في التقصير
-
باب التهجد
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب ما جاء في السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
باب أستئجار الرجل الصالح
-
كتاب الحوالات
-
باب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد
-
فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
باب خلق ادم
-
كتاب التفسير
-
كتاب اللباس
░░56▒▒ كِتَابُ الجِهَادِ
░1▒ بَابُ فَضْلِ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ
وَقَوْلِ اللهِ جلَّ وعزَّ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيْم}[التوبة:111] إِلَى قَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ}[التوبة:112] وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الحُدُودُ الطَّاعَةُ».
هذا التَّعليق عن ابن عباس ذكره إسماعيل بن أبي زياد الشامي في تفسيره عنه. وذكر أبو عبد الله الحاكم في «الإكليل» أنَّ هذه الآية الكريمة هي أول آية نزلت في الإذن بالقتال.
وفي «المستدرك» عن ابن عباس على شرطهما: أول آية نزلت فيه: {أُذِنَ لِلَّذِيْنَ يُقَاتَلُوْنَ}[الحج:39] الآية. وأحاديث الباب كلها تقدَّمت.
وحديث أبي سعيد: «يا رسول الله! أي: النَّاس أفضل؟» خرَّجه الستة.
قال المهلَّب: ليس على عمومه في الفضل؛ ولا أنَّه أفضل النَّاس قاطبة؛ لأنَّ أفضل منه من أُوتي منازل الصِّدِّيقين، وحَمَلَ النَّاس على شرائع الله، وسننِ نبيِّه صلعم، وكأنَّه يريد والله أعلم: أفضل أحوال عامَّة النَّاس؛ لأنَّه قد يكون في خاصَّتهم من أهل الدِّين، والعلم، والفضل، والضبط للنفس من هو أفضل منه.
وقوله: (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَن يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ) يريد: بعقد نيَّته، إن كانت خالصة لله جلَّ وعزَّ، وإعلاء كلمته.
وفي «المستدرك» على شرطهما: «أَيُّ المُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيْمَانًا؟ قَالَ: الَّذِي يُجَاهِد فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ».
وقوله صلعم: (كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ) فيه دلالة أنَّ حركات / المجاهد، ونومه، ويقظته، حسنات، وإنَّما مثَّله بالصَّائم؛ لأنَّ الصائم ممسكٌ نفسَه عن الملَّذات، وكذلك المجاهد ممسكٌ نفسَه على محاربة العدو، وحابس نفسه على مراعاته.
وقوله: (مَعَ مَا نَالَ مِن أَجرٍ أَو غَنِيمَةٍ) إنَّما أدخل (أو) هنا لأنَّه قد يرجع مرَّة بالأجر، ومرة بهما جميعًا، فأُدخلت (أو) ليدل على اختلاف الحالين، لا أنَّه يرجع بغنيمة دون أجر؛ بل أبدًا يرجع بالأجر، كانت غنيمة أو لم تكن.
قال ابن التِّين: (أو) هنا بمعنى الواو، وقاله أيضًا القرطبي، قال: هي الواو الجامعة على مذهب الكوفيِّين، يؤيد هذا ما رواه أبو داود: «مَعَ مَا نَالَ مِن أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» بالواو الجامعة، وكذا هو في بعض روايات مسلم.
قال: وذهب بعض العلماء إلى أنَّ (أو) على بابها، وليست بمعنى الواو، قالوا: حاصله لمن يستشهد في الجهاد أحد الأمرين، إمَّا الأجر إن لم يغنم، وإمَّا الغنيمة والأجر.
قال: وهذا ليس بصحيح؛ لحديث عبد الله بن عمر من عند مسلم، وقال صلعم: «مَا مِن غَازِيَةٍ تَغْزُو فَيُصِيبُوا وَيَغنَمُوا إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَي أَجرَهُم مِنَ الآخِرَةِ، وَيَبقَى الثُّلُثُ، وِإِن لَم يُصِيبُوا غَنِيمَةً، ثُمَّ لَهُم أَجرُهُم» وهذا نصٌّ في أنَّه يحصل لهم مجموع الأجر والغنيمة بالوجه الأول.
وقال أبو عبد الله بن أبي صفرة: تفاضلهم في الأجر، وتساويهم في الغنيمة، دليل قاطع أنَّ الأجر يستحقُّونه بقتالهم، فيكون أجر كل واحد على قدر عنائه، وأنَّ الغنيمة لا يستحقُّونها بذلك، لكن بتفضل الله عليهم ورحمته بما رأى من ضعفهم، فلم يكن لأحد فضلٌ على غيره، إلا أن يُفَضِّلَه قاسمُ الغنيمة، فينفله من رأسها، كما فعل أبو قتادة، أو من الخمس، كما في حديث ابن عمر، والله يؤتي فضله من يشاء.
قال ابن التِّين: وقوله (أَنْ يُدْخِلَه الله الجَنَّةْ) يحتمل وجهين: أحدهما: أن يدخله الجنَّة بإثر وفاته تخصيصًا للشهيد، أو يحتمل: أن يدخلها بعد البعث، وتكون فائدة تخصيصه أنَّ ذلك كفارة لجميع خطايا المجاهد، ولا يوزن مع حسناته.
وذكر العلامة أبو عبد الله محمد بن عيسى بن أَصْبغ الأزدي _المعروف بابن المناصف_ في كتاب الإيمان في أبواب / الجهاد: في اللُّغة أصله الجُهد، وهو المشقَّة، يقال: جَهدُتُ الرَّجل بلغتُ مشقَّته، وكذلك الجهاد في الله تعالى، إنَّما هو بذل الجهد في أعمال النفس، وتذليلها في سبيل الشَّرع، والحمل عليها بمخالفة النَّفس، من الرُّكون إلى الدَّعة، واللَّذَّات، واتِّباع الشَّهوات، وفي حديث سَبرة بن أبي فاكه من عند النَّسائي: سمعت النبي صلعم يقول، فذكر حديثًا فيه: «ثُمَّ قَعَدَ لَهُ _يعني الشيطان_ بِطَرِيقِ الجِهَادِ فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالمَالِ».
والجهاد في الشَّرع يقع على ثلاثة أنحاء؛ جهاد بالقلب، وجهاد باللسان، وجهاد باليد، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى، وسيأتي لحديث أبي سعيد تكملة إن شاء الله تعالى في كتاب الرِّقاق.