أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب فضل العلم

          ░1▒ ♫ وفي رواية: ثبوتها قبل (كتاب) .
          (باب فضل العلم) وإنما قال: (فضل العلم)، ولم يقل: فضل العلماء؛ لأنَّ بيان فضل العلم يستلزم بيان فضل العلماء؛ لأنَّ العلم صفة قائمة بالعالم، فذِكْر بيان فضل الصفة يستلزم بيان فضل من هي قائمة به.
          (وقول الله تعالى)؛ بالجرِّ عطفًا على المضاف إليه، إمَّا (فضل العلم) أو على (العلم) في (كتاب العلم) بناء على إثبات الباب وحذفه، وقال ابن حجر: ضبطناه في الأصول بالرفع على الاستئناف، قلت: هذا ليس بشيء، كما لا يخفى على أنه قد رده الشيخ الإمام بدر الدين العيني بما يطول، إلى أن قال: فتعين بطلان دعوى الرفع؛ فليحفظ: ({يَرْفَعِ} )؛ بالكسر في الفرع والتلاوة؛ للساكنين ({اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ} ) بالنصر وعلوِّ الكلمة، ودخول الجنة في الآخرة ({وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} )؛ منصوب بالكسرة، مفعول {يَرْفَعِ}؛ أي: ويرفع العلماء منكم خاصة درجات بما جمعوا من العلم والعمل، قال ابن عباس: درجات العلماء فوق المؤمنين بسبع مئة درجة، ما بين الدرجتين خمس مئة عام، ({وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ) [المجادلة:11] تهديد لمن لم يمتثل الأمر أو استكرهه.
          (وقوله) ╡: ({رَّبِّ} ) وللأصيلي: {وقل رب}، ({زِدْنِي عِلْمًا} ) [طه:114]؛ أي: سَلْهُ الزيادة منه؛ أي: بالقرآن؛ لأنَّه ◙ كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد به علمًا، وإنما اقتصر على هاتين(1) الآيتين في الاستدلال لما ترجم له؛ إمَّا لأنَّ القرآن العظيم أعظم الأدلة، أو لأنَّه لم يقع له حديث من هذا النوع على شرطه؛ لأنَّه أوَّلًا كان يكتب الأبواب والتراجم ثم يلحق فيها ما يناسبها من الأحاديث التي على شرطه، ولو لم يكن من فضيلة العلم وأهله إلَّا آية {شَهِدَ اللهُ } [آل عمران:18] فبدأ الله / تعالى بنفسه، ثم ثنَّى بملائكته، وثلَّث بأهل العلم؛ لكفى.
          وفي الحديث: «العلماء ورثة الأنبياء»، وغاية العلم العمل، والعالم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر، فمن عمل به سَعِدَ في الدنيا والآخرة.


[1] في الأصل (هذين)، ولعل المثبت هو الصواب.