أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب الخروج في طلب العلم

          ░19▒ هذا (باب الخروج) أي: السفر (في طلب العلم)؛ أي: لأجل طلبه برًّا وبحرًا، (ورحل) بالحاء المهملة (جابر بن عبد الله) الأنصاري الصحابي المشهور ☺، (مسيرةَ شهر إلى عبد الله بن أُنيس)؛ بضم الهمزة، مصغر أنس، ابن سعد الجُهَني؛ بضم الجيم وفتح الهاء، المتوفى بالشام سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية ☻ (في)؛ أي: لأجل (حديث واحد) فلفظ / (في) للتعليل، كما في قوله تعالى: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف:32]، والحديث ذكره المؤلف في (المظالم) بلفظ: ويذكر عن جابر عن عبد [الله] ابن أنيس سمعت النبي الأعظم صلعم يقول: «يَحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه مَن بَعُد كما يسمعه مَن قَرُب: أنا الملك أنا الديان».
          زاد أحمد وأبو يعلى: (لا ينبغي لأهل الجنة أن تدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى يقتصه منه حتى اللطمة، قال: وكيف وإنَّما يأتي عراة غرلًا بهمًا، قال: بالحسنات والسيئات)، والعراة: جمع عار، والغرل: بضم الغين المعجمة وإسكان الراء جمع أغر، وهو الأقلف، وبهمًا: بضم الموحدة؛ أي: ليس معهم شيء، أو أصحاء ليس فيهم عاهات كالعمى والعور وغيرهما، وإنَّما هي أجساد صحيحة للخلود إمَّا في الجنة وإمَّا في النار، وقوله: (فيناديهم) المعنى: يجعل ملكًا يناديهم أو يخلق صوتًا ليسمعه الناس، وأمَّا كلام الله؛ فليس بحرف ولا صوت.
          (فإن قلت) : إنَّ المؤلف نقض قاعدته؛ حيث عبر هنا بقوله: (ورحل) بصيغة الجزم المقتضية للتصحيح، وفي المظالم بقوله: (ويذكر) بصيغة التمريض.
          (قلت) : لأنَّ عند المؤلف (يذكر) معناه الجزم أيضًا لا التمريض، ولعله ذكره هناك؛ لأنَّ الصوت ممَّا يُحتاج إلى تأويله في نسبته إلى الربِّ جلَّ وعزَّ؛ فافهم.