أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

          ░28▒ هذا (باب الغضب) بالإضافة، وهو انفعال يحصُل من غليان الدم لشيءٍ دخل في القلب (في) حالة (الموعظة)؛ أي: الوعظ (و) في حالة (التعليم إذا رأى) الواعظ أو المعلِّم (ما يكره)؛ أي: الذي يكرهه، فحذف العائد.
          أراد المؤلف الفرق بين قضاء القاضي وهو غضبان، وبين تعليم العلم أو تذكير الوعظ؛ فإنَّه بالغضب أجدر وخصوصًا بالموعظة، كذا قاله الشيخ الإمام بدر الدين العيني، وتبعه ابن المُنَيِّر والبِرماوي، واعترضه الدَّماميني؛ حيث قال: أمَّا الوعظ؛ فمُسَلَّم، وأمَّا تعليم العلم؛ فلا نُسَلِّم أنَّه أجدر بالغضب؛ لأنَّه ممَّا يدهش الفكر، فقد يفضي التعليم به إلى خلل، والمطلوبُ كمالُ الضبط.
          قلت: وهو مردودٌ؛ فإنَّ الغضب يقوِّي القلب ويحسِّنه، ويخرج الجواب منه سريعًا على الصواب، ويتفتَّح الفكر به، ويزول عن العقل جميع العوارض المخلَّة للتعليم، فيصير جوهره مضيئًا بسبب غليان الدم، فيحصل به كمال الضبط، ولا يفضي إلى خلل؛ فليحفظ.