أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل

          750/ 3622- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ أُسامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ:
          عَنْ أَبِي مُوسَىَ، عن النَّبِيِّ صلعم قالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنامِ أَنِّي أُهاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَىَ أَرْضٍ بِها نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَىَ أَنَّها الْيَمامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذا هِيَ يَثْرِبُ».
          قوله: (ذَهَبَ وَهَلِي) يُريدُ (1) : ذَهَبَ وَهْمِي إلى ذلك. يقال (2) : وَهَلَ الرَّجُلُ، يَهِلُ؛ إذا وَهِمَ الشَّيءَ (3).
          وفيه: أنَّ النبيَّ صلعم سَمَّاهَا يَثْرِبَ، وقد نَهَى أن تُدْعَى المدينةُ يَثْرِبَ، وسَمَّاها طَابَةَ (4)، وإنَّما كَرِهَ ذلك _واللهُ أعلم_ لِمَا فيه مِنْ معنى التَّثْرِيبِ، وكان صلعم يُغَيِّرُ الأسْماءَ القبيحةَ إلى الأسماء الحسنة.
          ويُشْبِهُ أن يكونُ إنَّما أَطْلَقَ هذا الاسْمَ عليها قبلَ نَهْيِهِ عن تَسْميتِها يثربَ، بل هو الذي يجوزُ أنْ يُظَنَّ به لا غَيْرَ؛ لأنَّه لا يجوز أن يكونَ قد (5) غَيَّرَ اسْمَها إلى القَبيحِ بعدما حَلَّاهَا بالاسم الحَسَنِ.
          وللعربِ في هذا الباب مذهبٌ معروفٌ (6) وهو (7) المَيْلُ إلى الأسماءِ الحَسَنَةِ، والتَّبَرُّكُ بها، والتَّفَاؤُلُ بِحُسْنِها، والنُّفُورُ عن الأسماء القَبيحة (8)، والتَّطَيَّرُ بها، فكأنَّه (9) إنَّما وسَمَها بِطَابَةَ؛ لتكونَ دَاعِيَةً لرَغْبَةِ الناسِ في المُقام بها، واسْتطابة العَيْش بالتَّوَطُّنِ فيها.


[1] (ذهب وهلي يريد) سقط من (أ).
[2] في (أ): (يقول).
[3] في (ر) و(م): (في الشيء) وفي (ف): (من الشيء).
[4] انظر: مسند الإمام أحمد (5/ 106).
[5] (قد) سقطت من (ط).
[6] في الفروع: (معلوم).
[7] في (ط): (وللعرب مذهب معروف في هذا الباب) وسقطت منها (وهو).
[8] (الحسنة والتبرك... القبيحة) سقط من (ف).
[9] في (ر) و(ف) و(م): (فإنه).