جامع الصحيحين بحذف المعاد والطرق

حديث: أول ما بدي به رسول الله الرؤيا

          3671- (خ، م) حدَّثنا جعفر بن إبراهيم المكِّي قال: أخبرنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن شَنْبُويَةَ (1) قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن أحمد النَّقَوِي (2) قال: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر قال: أخبرنا الزُّهري قال: أخبرني عروة:
          عن عائشةَ قالت: أولُ ما بُدِئ به رسول الله صلعم من الوحي الرُّؤيا الصَّادقةُ في النوم؛ فكان لا يَرى رُؤيا إلَّا جاءتْ مثلَ فَلَقِ الصُّبح، ثُمَّ حُبِّبَ إليه الخَلاءُ (3) ، فكان (4) يَأتي حِرَاء، فيَتحنَّثُ فيه _وهو التعبُّد_ اللياليَ ذواتِ العدد، ويَتزوَّدُ لذلك، ثُمَّ يَرجعُ إلى خديجةَ، فيَتزوَّدُ لمثلها، حَتَّى فَجِئَه الحقُّ وهو في غار حِرَاء، فجاءه المَلَكُ فيه، فقال: «اقرأ» قال (5) : «ما أنا بقارئ» قال: «فأَخذَني، فغَطَّني حَتَّى بَلَغَ مني الجَهْد، ثُمَّ أَرسلَني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأَخذَني، فغَطَّني الثانيةَ حَتَّى بَلَغَ مني الجَهْد، ثُمَّ أَرسلَني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأَخذَني، فغَطَّني الثالثةَ حَتَّى بَلَغَ مني الجَهْد، ثُمَّ أَرسلَني، فقال: {اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حَتَّى بلغ {مَا لَم يَعلَمْ} [العلق:1-5]» فرَجعَ بها يرجفُ (6) بَوَادِرهُ (7) حَتَّى دَخلَ على خديجةَ، فقال: «زَمِّلُوني، زَمِّلُوني» فزَمَّلُوه حَتَّى ذَهبَ عنه الرَّوعُ، فقال لخديجة: «ما لي؟» وأَخبَرَهَا الخبرَ، وقال: «قد خشيتُ عليَّ» فقالت: كلَّا، أَبشِرْ؛ فواللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ؛ إنَّك لَتَصلُ الرَّحِمَ، وتَصدُقُ الحديثَ، وتَحملُ الكَلَّ، وتَقرِي الضَّيفَ (8) ، وتُعينُ على نَوَائبِ الحقِّ، ثُمَّ انطلَقَتْ به خديجةُ حَتَّى أَتَتْ به وَرَقَةَ بنَ نَوفَل بنِ أَسدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، وهو ابنُ عمِّ خديجةَ أخي أبيها، وكان امرأً تَنصَّرَ في الجاهلية، وكان يَكتبُ الكتابَ العربيَّ (9) ، فكَتبَ من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يَكتبَ، وكان شيخًا كبيرًا قد عَمِيَ، فقالت له خديجة: أي ابنَ عمِّ؛ اسمعْ من ابن أخيك، فقال ورقةُ: ابنَ أخي؛ ما تَرى؟ فأَخبَرَه رسولُ الله صلعم ما رَأى، فقال ورقةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنزِلَ على موسى، يا لَيتَني فيها جَذعًا؛ أَكونُ حيًّا حين يُخرجُك قومُك، فقال رسول الله صلعم: «أَوَمُخرِجِيَّ (10) هم؟» قال ورقةُ: نعم، لم يَأتِ أحدٌ قطُّ بما جئتَ به إلَّا عُودِيَ وأُوذِيَ، وإنْ يُدرِكْني يومُك أَنصرْك نصرًا مُؤزَّرًا، ثُمَّ لم يَنشَبْ ورقةُ أن تُوفِّي وفَتَرَ الوحيُ فترةً، حَتَّى حَزنَ رسولُ الله صلعم فيما بلَغَنَا حزنًا غدا منه مِرَارًا كي يَتردَّى من رؤوس الشَّواهق، فكلَّما أَوفَى بِذروةِ جبلٍ؛ فكاد يُلقِي نفسَه منه تَبدَّى له جبرئيلُ، فقال: «يا محمَّدُ؛ إنَّك رسولُ الله حقًّا» فيَسكنُ لذلك جأشُه (11) ، وتَقرُّ نفسُه، فيَرجعُ، فإذا طالَتْ عليه فترةُ الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أَوفَى بِذروةِ الجبل تَبدَّى له جبرئيلُ، فقال له مثلَ ذلك.
          قال مَعْمَر: قال الزُّهري: فأَخبَرَني أبو سَلَمة بن عبد الرَّحْمَن عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ الله صلعم وهو يحدِّثُ عن فترة الوحي، فقال في حديثه: «فبينا أنا أَمشِي سمعتُ صوتًا من السماء، فرَفعتُ رأسي، فإذا المَلَكُ الذي جاءني بِحِراءَ جالسٌ على كرسيٍّ بين السماء والأرض، فجُئِثتُ منه رُعبًا، فرَجعتُ، فقلت: زَمِّلُوني، زَمِّلُوني، فدَثَّرُوني، فأَنزلَ اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:1-5] _وهي الأَوثانُ_ قبلَ أن تُفرَضَ (12) الصَّلاةُ».
          وفي رواية أخرى: «ثُمَّ حَمِيَ الوحيُ وتَتَابَعَ». [خ¦4953] [خ¦4954]
          وخالَفَ حربُ بنُ شَدَّاد عن يحيى عن أبي سَلَمة، / فقال: أولُ ما نَزلَ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر:1].


[1] في (ف): (شبويه)، وهو تحريف.
[2] في (هـ): (المنقري)، وهو تحريف.
[3] في (ف) تحتها: (الخلوة).
[4] في (ف): (وكان).
[5] في (ف) و(هـ): (فقال).
[6] في (ف): (ترجف).
[7] في (هـ): (فؤاده).
[8] في (هـ): (وتقوي الضعيف).
[9] في (هـ): (العربية).
[10] في (هـ): (ومخرجي).
[11] في (هـ): (فتسكن لذلك جلبته).
[12] في (ف): (يفرض).