مصابيح الجامع

{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} الآية

          ░6▒ (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء:19]: لَا تَنهَرُوهُنَّ) قال القاضي: كذا لأكثر الرواة بالنون؛ من الانتهار (1)، وعند المستملي: <تقهروهنَّ> بالقاف.
          ({تَعُولُوا}: تَمِيلُوا) وقال الشافعي ☼(2) : {تعولوا}: تكثر عيالُكم.
          قال ابنُ العربي: وقد أعجب أصحاب الشافعي بهذا منه، وقالوا: هو حجَّة في اللغة، ومنزلتُه في الفصاحة ما هي، حتى لقد قال الجويني: هو أفصحُ مَنْ نطقَ بالضاد، واعتقدوا أن معنى الآية: فانكحوا واحدة إن خفتُم أن تكثر عيالكم، فذلك أقربُ إلى أن ينتفي (3) عندكم (4) كثرةُ العيال.
          قالوا: ولو كان المرادُ: الميل، لم تكن فيه فائدة؛ لأنَّ الميل لا يختلفُ بكثرة النِّساء وقلَّتهنَّ، وإنما يختلف القيامُ بحقوقهنَّ.
          قال ابنُ العربي(5) : وكلُّ ما وُصِف به الشافعي، فهو جزءٌ من مالك، ونُغْبةٌ (6) من بحره (7)، والمعنى واللفظ يشهد لما قاله مالك من أنَّ المراد: الميل، كما قاله ابن عباس.
          أمَّا اللفظ: فلأن الفعل ثلاثي يُستعمل في الميل الذي ترجع إليه معاني (8) (ع و ل) كلُّها، والفعل في كثرة العيال رباعي، لا مدخل له في الآية.
          وأمَّا المعنى: فلأن الله تعالى قال: {ذَلِكَ أَدْنَى} [المائدة:108]؛ أي(9) : أقربُ إلى أن ينتفي العَوْل، يريد: الميل، فإنه إذا كانت واحدة، عُدِمَ الميل، وإذا كن ثلاثًا، فالميلُ أقلُّ، وهكذا اثنتين، فأرشد الله الخلقَ إذا خافوا عدمَ القسط بالوقوعِ في الميل (10) مع اليتامى أن يأخذوا من الأجانب أربعًا إلى واحدة، فذلك أقربُ إلى أن يقلَّ الميلُ في اليتامى (11)، وفي الأعداد المأذون فيها، أو ينتفي (12)، وذلك هو المراد، وأما كثرةُ العيال، فلا يصح أن يقال: ذلك أقربُ إلى (13) أن لا تكثرَ عيالُكم.


[1] ((من الانتهار)): ليست في (ج).
[2] في (ج) و(د): ((☺)).
[3] في (ق): ((يشق)).
[4] في (ج) و(ق) و(د): ((عنكم)).
[5] في (ق): ((أبزى)).
[6] في (ق): ((نقطة)).
[7] في (ج): ((نحوه)).
[8] في (ق): ((يقال)).
[9] ((?أدنى? أي)): ليست في (د).
[10] ((في الميل)): ليست في (د).
[11] من قوله: ((أن يأخذوا... إلى قوله: في اليتامى)): ليس في (د).
[12] في (ق): ((وينبغي)).
[13] في (ج) زيادة: ((الآخرة))، وفي (د): ((ذلك إلى آخره)).