مصابيح الجامع

{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}

          ░9▒ (الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِد) هكذا وقفتُ عليه في بعض النسخ، والخَتَّال: بخاء معجمة مفتوحة ومثناة فوقية مشددة، ولا ينتظم هذا مع المختال؛ لأنَّ المراد به: ذو (1) الخيلاء والكبر، فهو مُفْتَعلٌ من الخيلاء (2)، وأما خَتَّال(3) : فهو فَعَّال من الخَتْلِ (4)، وهو الخديعةُ، فلا يمكن أن يكون بمعنى المختالِ المرادِ (5) به المتكَبِّر.
          قال الزركشيُّ: قال القاضي في باب الخاء مع التاء؛ يعني: المثناة الفوقية في تفسير سورة النساء: كذا لهم، وعند الأصيلي: <والخالُ>، وكلُّه صحيحٌ من الخيلاء، وقال في باب الخاء مع الياء يعني: المثناة التحتية: قوله: المختالُ والخالُ (6) كذا وقع (7) للأصيلي، ولغيره(8) : <والختَّال>، وليس بشيءٍ هنا، والصواب الأول. هذا آخر كلامه، وهو مناقض (9) لقوله أولًا: وكله صحيح، ثم يقول في الآخر: وليس بشيء. انتهى كلام الزركشي.
          قلت: واعتراضُه مندفعٌ (10)؛ فإن القاضي قدَّم أولًا ثلاثة ألفاظ، وهي: المختال على صيغة مُفْتَعل، والخَتَّال على صيغة فَعَّال، والخال على صيغة فَعَل متحرك العين بحسب الأصل، ثم قال: وكله صحيحٌ من الخيلاء، ولم يسكت على (11) قوله: صحيح، فإنما شملَ ما يمكن (12) اشتقاقه (13)، وهو المختالُ والخال.
          وأما الخَتَّال _بالمثناة المشددة_ فمن الخَتْلِ (14)؛ بمعنى: الخديعة، كما قدمناه، فلم يدخل تحت قوله: وكلُّه (15) صحيحٌ من الخيلاء.
          قوله: ((ولغيره: الخَتَّال، وليس بشيء هنا(16)))، فهو إنكارٌ لإدخال هذه اللفظة في هذا المحل الذي لا يليقُ به، ولم يصدر منه ما يناقضُ هذا الإنكار بوجه (17)، فالاعتراضُ عليه ساقطٌ.
          وما أحسنَ قولَهُ(18) : / ((هنا)) فإنه إشارةٌ إلى ثبوت اللفظ في الجملة، وإنما انصبَّ الإنكارُ إلى الإتيان بها في غير محلِّها.


[1] في (ج): ((ذوا)).
[2] في (د): ((مفتعل والخيلاء)).
[3] في (ج): ((خيال))، وفي (ق): ((خبال)).
[4] في (ج): ((الخيل))، وفي (ق): ((الخبل)).
[5] ((المراد)): ليست في (ج).
[6] من قوله: ((المراد به المتكبر... إلى قوله: المختال والخال)): ليس في (ق).
[7] ((وقع)): ليست في (ق).
[8] في (ج) و(م) و(د): ((وغيره)).
[9] في (ق): ((منا في)).
[10] في (د): ((يندفع)).
[11] في (ج) و(د): ((عليه من)).
[12] ((من)): زيادة في (ج) و(د).
[13] في (ق): ((يمل إسعاقه)).
[14] في (ق): ((فهي الختال)).
[15] في (د): ((كله)).
[16] ((هنا)): ليست في (ق).
[17] في (ق): ((فرجعنا)).
[18] في (ق): ((وأما قوله)).