-
المقدمة
-
حديث: من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار
-
حديث: كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها
-
حديث: رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها
-
حديث: كنا نصلي مع النبي المغرب إذا توارت بالحجاب
-
حديث: أن من أكل فليتم أو فليصم
-
حديث: أن من كان أكل فليصم بقية يومه
-
حديث: صلوا على صاحبكم
-
حديث: أن النبي أتي بجنازة ليصلي عليها فقال هل عليه من دين
-
حديث: على ما توقد هذه النيران؟
-
حديث: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره
-
حديث: يا ابن الأكوع ألا تبايع؟
-
حديث: يا ابن الأكوع ملكت فأسجح إن القوم يقرون في قومهم
-
حديث: كان في عنفقته شعرات بيض
-
حديث: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر
-
حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات وغزوت
-
حديث: كتاب الله القصاص
-
حديث: أهريقوا ما فيها واكسروا قدورها
-
حديث: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء
-
حديث: خرجنا مع النبي إلى خيبر فقال رجل منهم
-
حديث: أن ابنة النضر لطمت جارية
-
حديث: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال لي فقال لي
-
حديث: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش
-
مؤلفه
-
أسماءُ رجالِ الحديثِ
-
تراجم شيوخ البخاري
-
ذكر تراجم شيوخ الشيوخ لأبي عبد الله البخاري
-
ذكر تراجم شيوخ شيوخ الشيوخ للبخاري
-
تم الكتاب بعون الملك الوهاب
20- قولُهُ: (حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ) هو محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بن المثنَّى البصريُّ، كما تقدَّمَ (قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ) الطَّويلُ، في كتابِ التَّفسيرِ في البُخارِيِّ: <حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَساً حَدَّثَهُمْ>.
وهذا الحديثُ هو العشرونَ من الثُّلاثياتِ.
أخرجَهُ البُخاريُّ بعدَ الحديثِ التَّاسع عشرَ بحديثينِ.
قولُهُ: (عَنْ أَنَسٍ ☺ أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ) بالنُّونِ المفتوحَةِ والضَّادِ المعجمَةِ السَّاكِنَةِ، واسمُها الرُّبَيِّعُ، بضمِّ الرَّاءِ وفتحِ الموحَّدَةِ وتشديدِ التحتيَّةِ المكسورةِ، وهو جَدُّ أنسٍ.
قولُهُ: (لَطَمَتْ جَارِيَةً) وفي روايةِ الفزاريِّ: جاريَةً من الأنصارِ، وفي روايةِ معمرٍ عندَ أبي داؤدَ: امرأةً بدلَ جاريةً.
وفيهِ أن المرادَ بالجَّاريةِ المرأةُ الشَّابَةُ لا الأمةُ الرَّقيقةُ.
قوله (فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا) فعرضُوا عليهم الأرشَ فأبَوا فطلبُوا العفوَ فأبُوا.
فإنْ قلتَ: سبقَ في البُخاريِّ أنَّها جَرَحَتْ، وقالَ هناكَ: كَسَرَتْ، والجَّرْحُ غيرُ الكسرِ؟!
قلتُ: قالَ ابنُ حَزْمٍ _بالمهملةِ المفتوحَةِ وسكونِ الزَّاي _ الأنصاريُّ: وردَ في أمرِ الرُّبَيِّعِ حديثانِ مُختلفانِ؛ أحدُهما في جراحَةٍ جَرَحَتْهَا والثَّانِي في ثَنيةٍ كسرَتْهَا، فقضى صلعم بالقصاصِ، فحلفَتْ أمُّها في الجِّراحَةِ بأنْ لا يُقْتَصَّ منها وحلفَ أخوها في الكسرِ لا يُقْتَصُّ منها، وكانَ هذا قبلَ أُحُدٍ لأنَّ أنسَ بنَ النَّضرِ قُتِلَ يومَ بدرٍ.
قالَ السنديُّ: محلُّ القِصاصِ في كسرِهَا إذا انضبطَ الكَسْرُ.
قولُهُ: (فَأَتَوْا) أي أتَى أهلُها النَّبيَّ صلعم يطلبونَ القِصاصَ، زادَ في الصُّلحِ ومثله لابنِ ماجه والنَّسائيِّ من وجهٍ آخرَ عن أنسٍ: فطلبَ العفوَ إليهم فأبَوا، فعرضُوا عليهم الأرشَ فأبَوا، أي طلبَ أهلُ الرُّبيِّعِ إلى أهلِ التي كُسِرَتْ ثنيَّتُها أن يعفوا عن الكسرِ المذكورِ مجاناً أو على مالٍ فامتنعُوا، زادَ في الصُّلحِ: فأبوا القِصاصَ، وفي روايةِ الفزاريِّ: فطلبَ القومُ القصاصَ، فأتُوا النَّبِيَّ صلعم.
قولُهُ: (فَأَمَرَ بِالقِصَاصِ) زادَ في الصُّلحِ: فقالَ أنسُ بنُ النَّضرِ إلى آخرِ ما حكيتُهُ في بابِ القِصاصِ بين الرِّجالِ والنِّساءِ، وهوَ هذا: فقالَ أنسُ بنُ النَّضرِ: أَتُكْسَرُ ثنيَّةُ الرُّبيِّعِ يا رسولَ اللهِ، لا والذي بعثكَ بالحقِّ لا تُكسَرُ ثَنِيَّتُهَا، قالَ: يا أنسُ، كتابُ اللهِ القِصاصُ، وفيهِ: فرضيَ القومُ وعفَوا، وقعَ في روايةِ الفزاريِّ: فرضيَ القومُ فقبلُوا الأرشَ، وفي روايةِ معتمرٍ: فرضُوا بأرشٍ أخذوهُ، وفي روايةِ مروانَ بنِ معاويةَ عن حُميدٍ عندَ الإسماعيليِّ: فرضيَ أهلُ المرأةِ بأرشٍ أخذوهُ فعفَوا، فعُرِفَ أنَّ قولَهُ: فعفوا، أي على الدِّيَةِ؛ زادَ معتمرٌ: فعَجِبَ النَّبِيُّ صلعم وقالَ: <إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ> أي لأبرَّ قَسَمَهُ، ووقعَ في روايةِ خالدٍ الطَّحانِ عن حميدٍ عن أنسٍ في هذا الحديثِ عندَ ابنِ أبي عاصمٍ: <كَمَا مِنْ رَجُلٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ>.
ووجهُ تَعَجُّبِهِ أنَّ أنسَ بنَ النَّضرِ أقسمَ على نفي فعلِ غيرِهِ مع إصرارِ ذلكَ الغيرِ على إيقاعِ ذلكَ الفعلِ، فكانَ قضيَّةُ ذلكَ في العادةِ أنْ يحنثَ في يمينِهِ، فأَلْهَمَ اللهُ الغيرَ العفوَ؛ فبرَّ قسمُ أنسٍ، و أشارَ بقولِهِ: إِنَّ مِنْ / عِبَادِ اللهِ، إلى أنَّ هذا الاتِّفاقَ إنَّما وقعَ إكراماً من اللهِ لأنسٍ ليبرَّ يمينُهُ، وأنَّهُ من جملةِ عبادِ اللهِ الَّذينَ يُجيبُ دُعاءَهُم ويُعطيهم أرَبَهُم.
واخْتُلِفَ في ضبطِ قولِهِ صلعم: (كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ) فالمشهورُ أنَّهُما مرفوعانِ على أنَّهُما مبتدأٌ وخبرٌ، وقيلَ منصوبانِ؛ على أنَّهُ ممَّا وُضِعَ فيهِ المصدرُ موضِعَ الفعلِ، أي كتبَ اللهُ القِصاصَ، أو على الإغراءِ والقصاصُ بدلٌ منهُ فيُنْصَبُ أو ينصبُ بفعلٍ محذوفٍ، ويجوزُ رفعُهُ بأن يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ.
واخْتُلِفَ أيضاً في المعنى، فقيلَ: المرادُ حكمُ كتابِ اللهِ القصاصُ، فهو على تقديرِ حذفِ مضافٍ، وقيلَ: المرادُ بالكتابِ الحكمَ، أي حكمُ اللهِ القصاصُ، وقيلَ: أشارَ إلى قولِهِ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:45] وقيلَ إلى قولِهِ: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه} [النحل:126] وقيلَ إلى قولِهِ: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:45] في قولِهِ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة:45] بناءً على أنَّ شرعَ من قَبْلَنَا شرعٌ لنا ما لم يَرِدْ في شرعِنَا ما يرفعُهُ.
وقد استُشْكِلَ إنكارُ أنسِ بن النَّضرِ كسرَ سنِّ الرُّبَيِّعِ مع سماعِهِ مِنَ النَّبيِّ صلعم الأمرَ بالقِصاصِ، ثم قالَ: تُكْسَرُ سِنُّ الرُّبيِّعِ، ثم أقسمَ أنَّها لا تُكسرُ.
وأُجِيْبَ بأنَّهُ أشارَ بذلكَ إلى التَّأكيدِ على النَّبيِّ صلعم في طلبِ الشَّفاعَةِ إليهِم أنْ يعفُوا عَنْهَا.
وقيلَ: كانَ حلفُهُ قبلَ أن يعلمَ أنَّ القِصاصَ حَتْمٌ، فَظَنَّ أنَّهُ على التَّخييرِ بينَهُ وبينَ الدِّيَةِ أو العفوِ، وقيلَ: لم يرِدْ الإنكارُ المحضُ والرَّدُ، بل قالَهُ توقُّعاً ورجاءً من فضلِ اللهِ أن يُلْهِمَ الخصومَ الرِّضَى حتى يعفوا أو يقبلُوا الأرشَ، وبهذا جزمَ الطَّيبيُّ فقالَ: لم يقلْهُ ردَّاً للحُكمِ بل نفى وقوعَهُ لما كانَ لهُ عندَ اللهِ من اللُّطفِ بهِ في أمورِهِ والثِّقةِ بفضلِهِ أن لا يُخَيِّبَهُ فيما حلفَ بهِ، ولا يخيبُ ظنُّهُ فيما أرادَهُ بأن يُلهِمَهُم العفوَ، وقد وقعَ الأمرُ على ما أرادَ.
وفيهِ: جوابُ الحلفِ فيما يُظَنُّ وقوعُهُ والثَّناءُ على من وقعَ لهُ ذلكَ عندَ أَمْنِ الفتنَةِ بذلكَ عليهِ، واستحبابُ العفوِ عن القِصاصِ، والشَّفاعةُ في العفوِ، وأنَّ الخيرةَ في القِصاصِ أو الدِّيةِ للمُستحِقِّ على المُستَحَقِّ عليهِ، وإثباتُ القصاصِ من النِّساءِ في الجِّراحاتِ وفي الأسنانِ، وفيهِ: الصُّلحُ على الدِّيةِ.
وجريانُ القِصاصِ في كسرِ السِّنِّ ومحلِّهِ فيما إذا أمكنَ التَّماثُلُ؛ بأن يكونَ المكسورُ مضبوطاً فيُبْرَدَ من سنِّ الجَّاني ما يُقابلُهُ بالمبرَدِ مثلاً، قالَ أبو داودَ في ((السُّنن)): قلتُ لأحمدَ كيفَ؟ قالَ: يُبْرَدُ، ومنهم من حملَ الكسرَ في هذا الحديثِ على القطعِ، وهو بعيدٌ من هذا السِّياقِ.
قالَ القسطلانيُّ: وهو محمولٌ على أنَّ الكسرَ كانَ مُنضبطاً وأمكنَ القِصاصُ؛ بأن يُنشرَ بمنشارٍ بقولِ أهلِ الخبرَةِ، وهذا بخلافِ غيرِ السِّنِّ من العظامِ لعدمِ الوُثوقِ بالمُماثَلَةِ فيها؛ قالَ الشَّافِعيُّ: ولأنَّ دونَ العظمِ حائلاً من جلدٍ ولحمٍ وعصَبٍ تتعذَّرُ معهُ المماثَلَةُ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّةِ والحنفيَّةِ، وقالَ المالكيَّةُ بالقودِ في العظامِ إلا ما كانَ مَخوفاً أو كانَ كالمأمومَةِ والمِنقلَةِ والهاشِمَةِ ففيها الدِّيةُ.
قالَ ابنُ بطَّالٍ: أجمعُوا على قلعِ السِّنِّ بالسِّنِّ في العمدِ، واختلفُوا في سائرِ أعضاءِ الجَّسَدِ، ومذهبُ مالكٍ القَوَدُ إلا فيما كانَ مَخوفاً كما تقدَّم، فثُلُثُ الدِّيةِ، واقتصَّ من موضحةٍ وسابِقِهَا، ثم قالَ: إلا أن يَعْظُمَ الخطرُ في غيرِهَا كعظمِ الصَّدرِ.
وفي الحديثِ القِصاصُ في كسرِ السِّنِّ، وهو محمولٌ على ما إذا أمكنَ التَّماثُلُ بأن يكونَ المكسورُ مضبوطاً فيُبردَ بالمبرَدِ من سِنِّ الجَّانِي ما يُقابِلُ المكسورُ، واللهُ أعلمُ وعلمُهُ أحكمُ. [خ¦6894] /