الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان

          1616- التَّاسع: عن عطاءٍ عن جابرٍ قال: «انكسفتِ الشَّمسُ في عهد رسول الله صلعم يومَ مات إبراهيمُ ابنُ رسول الله صلعم، فقال النَّاس: إنَّما انكسَفت لموت إبراهيمَ، فقام النَّبيُّ صلعم فصلَّى بالنَّاس سِتَّ ركَعاتٍ بأربعِ سجَداتٍ ثمَّ بدأ فكبَّر ثمَّ قرأ فأطال القراءةَ، ثمَّ ركع نحواً ممَّا قام، ثمَّ رفع رأسَه من الرُّكوع فقرأ قراءةً دونَ القراءة الأولى، ثمَّ ركع نحواً ممَّا قام، ثمَّ رفع رأسه من الرُّكوع فقرأ قراءةً دونَ القراءة الثَّانية، ثمَّ ركع نحواً ممَّا قام، ثمَّ رفع رأسه من / الرُّكوع، ثمَّ انحدَر بالسُّجود فسجد سجدَتينِ، ثمَّ قام أيضاً فركع ثلاث ركَعاتٍ ليس منها ركعةٌ إلَّا الَّتي قبلَها أطولُ من الَّتي بعدَها، وركوعُه نحوٌ من سجوده، ثمَّ تأخَّر وتأخَّرتِ الصُّفوف خلفَه حتَّى انتهينا إلى النِّساء، ثمَّ تقدَّم وتقدَّم النَّاس معه حتَّى قام في مَقامه، فانصرف حين انصرف وقد آضتِ(1) الشَّمسُ فقال: يا أيُّها النَّاس؛ إنَّما الشَّمسُ والقمرُ آيتانِ من آيات الله، وإنَّهما لا ينكسِفان لموت أحدٍ من النَّاس، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فَصَلُّوا حتَّى تنجليَ، ما من شيءٍ تُوعَدونَهُ إلَّا قد رأيتُه في صلاتي هذه لقد جِيءَ بالنَّار، وذلك حين رأيتموني تأخَّرتُ مخافةَ أن تصيبَني من لَفْحِها(2)، وحتَّى رأيت فيها صاحبَ المِحْجَن(3) يَجُرُّ قُصْبَهُ(4) في النَّار، كان يسرِق الحاجَّ بِمِحجَنه، فإن فُطِن له قال: إنَّما تَعَلَّق بِمِحجَني، وإن غُفِل عنه ذهَب به، وحتّى رأيت فيها صاحبةَ الهِرَّة الَّتي ربطتها فلم تُطْعِمْها ولم تَدَعْها تأكل من خَشاش الأرض(5) حتَّى ماتت جوعاً، ثمَّ جيءَ بالجنَّة، وذلك حين رأيتموني تقدَّمت حتَّى قُمت في مَقامي، ولقد مددْتُ يدِي وأنا أريد أن أتناولَ من ثَمَرها لتنظروا إليه، ثمَّ بدا لي ألَّا أفعلَ، فما من شيءٍ تُوعدونَه إلَّا قد رأيتُه في صلاتي هذه».
          وأخرجه من حديث هشام الدَّستَوائيِّ عن أبي الزُّبير عن جابرٍ قال: «كَسَفَتِ / الشَّمسُ على عهد رسول الله صلعم في يومٍ شديد الحرِّ، فصلَّى رسول الله صلعم بأصحابه، فأطال القيام حتَّى جعلوا يَخِرُّون، ثمَّ ركع فأطال، ثمَّ رفع فأطال، ثمَّ ركع فأطال، ثمَّ سجد سجدتينِ، ثمَّ قام فصنع نحواً من ذلك، فكانت أربع ركَعاتٍ وأربع سجَداتٍ.
          ثمَّ قال: إنَّه عُرِضَ عليَّ كلُّ شيءٍ ترتجونَه فعُرِضَت عليَّ الجنَّةُ، حتَّى لو تناولتُ منها قِطْفاً أخذتُه _أو قال: تناولت منها قِطْفاً فقَصُرَت يدي عنه_ وعُرِضَت عليَّ النَّارُ، فرأيت فيها امرأةً من بني إسرائيل تُعذَّب في هرَّةٍ لها ربطتها فلم تُطعِمْها ولم تَدَعْها تأكل من خَشاش الأرض! ورأيت أبا ثُمامةَ عمرَو بن مالك يَجُرُّ قُصْبَه في النَّار! وإنَّهم كانوا يقولون: إنَّ الشَّمسَ والقمرَ لا يَخسفان إلَّا لموت عظيمٍ، وإنَّهما آيتان من آيات الله يُريكُموهُما، فإذا خَسَفا فصلُّوا حتَّى تنجليَ».
          وفي رواية عبد الملك بن الصَّبَّاح عن همَّام نحوُه، إلَّا أنَّه قال: «رأيتُ في النَّار امرأةً حِميَريَّةً سوداءَ طويلةً...» ولم يقل: من بني إسرائيل.


[1] أشار في (ابن الصلاح) أنها نسخة: (سع)، وفي هامشها: (ص: أضاءت)، وما أثبتناه موافق لنسختنا من رواية مسلم.
[2] اللَّفح: حر النار.
[3] المِحْجَن: العصا المعوجة العقفاء وكل منعقف أحجن.
[4] القُصْب: المِعَى، وجمعها أقصاب.
[5] خَشَاش الأرض: هوامها وما يدب من حشراتها.