الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لا عدوى، ولا صفر، ولا غول

          1678- الحادي والسَّبعون: عن ابن جُريجٍ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قال: سمعت النَّبيَّ صلعم قال: «لا عَدْوى(1)، ولا صَفَرَ(2)، ولا غُوْلَ(3)».
          قال: وسمعت أبا الزُّبير يذكر أنَّ جابراً فَسَّر لهم قوله: «ولا صَفَرَ» فقال أبو الزُّبير: الصَّفَرُ البطن.
          وقيل لجابر: كيف؟ فقال: كان يقال: دوابُّ البطن. /
          ولم يفسِّر الغُوْلَ، قال أبو الزُّبير: هذه الغُولُ الَّتي تَغوَّلُ.
          وفي حديث زهير عن أبي الزُّبير(4) : «لا عَدْوى، ولا طِيَرَةَ(5)، ولا غُولَ».


[1] لا عَدْوى: هو أن يكون ببعيرٍ جربٌ أو بإنسانٍ برصٌ أو جُذامٌ، فتُتقى مخالطتُه ومؤاكلتُه مخافةَ أن يتعدَّى ما به إلى من يقاربُه فيصيبُه ما أصابَه فيقال: أعداه الداءُ، وكانوا يراعون ذلك قبل الإسلام، فأبطل عليه السلام ذلك بقوله: (لا عدوى) ومنه التعدِّي وهو مجاوزة الحقِّ أو الشيءِ إلى غيرِه.
[2] ولا صَفَر: يُتأوَّلُ على وجهين: يُقال: إنّ العربَ كانت تظن أن في البطن حيةً تصيب الإنسان إذا جاع بما يؤذيه، وأنها تعدي وتتجاوز ذلك إلى المصاحب والمؤاكل فأبطل الإسلام هذا، قال الهروي: وذلك معروف في أشعارهم، قال في «المجمل»: والصَّفَر دوابُّ البطن وهي تصيب الماشية والناس، والوجه الثاني: أنه من تأخيرِهم المحرّمَ إلى صَفَر وما كانت الجاهلية تفعله في ذلك فرفعه الإسلام بقوله عليه السلام: (لا صفر).
[3] ولا غُوْل: كانت العرب تقول: إنّ الغيلان في الفلَوَات تتراءى للناس وتتغوَّل أي تتلون لهم، فتُضِلُّهم عن الطريق وتفزعُهم وتهلكُهم ويسمونها السَّعَالي، وقد ذكروها في أشعارهم فأبطلت الشريعةُ ذلك، وأصل التغوُّل التلوُّن، ويقال: تغوَّلت المرأةُ إذا تلوَّنتْ.
[4] زاد في (ابن الصلاح): (عن جابر).
[5] الطَّير والطِّيَرة: التشاؤم بالشيء تراه أو تسمعه فتتوهم وقوع المكروه به، واشتقاقه من الطَّير كتطيُّرِهم من الغراب رؤيةً وصوتاً، ثم استمرَّ ذلك في كل ما يُتطير برؤيتِه وصوتِه، وقيل في قوله تعالى: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس:19] أي شؤمُكم، وفي قوله: {طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ} [الأعراف:131] أي الشؤم الذي يَلحقُهم والمكروه الذي أُعدَّ لهم في الآخرة أو في الأقدار السيئة التي يُعجِّلها الله لهم في الدنيا.