الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما من صاحب إبل لا يفعل فيها

          1665- الثَّامن والخمسون: عن ابن جُريجٍ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: «ما من صاحب إبلٍ لا يفعل فيها حقَّها إلَّا جاءت يومَ القيامة أكثرَ ما كانت وقعد لها بقاعٍ(1) قَرقَرٍ(2) تستنُّ عليه بقوائمها وأخفافها ولا صاحبِ بقرٍ لا يفعل فيها حقَّها إلَّا جاءت يومَ القيامة أكثرَ ما كانت / وقَعَد لها بقاعٍ قَرقَرٍ تنطَحُه بقُرونها وتطؤه بقوائمها، ولا صاحبِ غَنَمٍ لا يفعل فيها حقَّها إلَّا جاءت يومَ القيامة أكثرَ ما كانت وقَعَد لها بقاعٍ قَرقَرٍ تنطَحُه بقُرونها وتطؤه بأظلافِها، ليس فيها جَمَّاءُ(3) ولا مُنكَسِرٌ قرنُها، ولا صاحبِ كنزٍ لا يفعل فيه حقَّه إلَّا جاء كنزُه يومَ القيامة شُجاعاً(4) أقرعَ، يتبعه فاتحاً فاهُ، فإذا أتاه فَرَّ منه، فيناديه: خُذْ كنزَكَ الَّذي خَبَأْته، فأنا عنه غَنِيٌّ، فإذا رأى أن لا بدَّ منه سَلَك يده في فيه، فيَقضَمُها(5) قَضْمَ الفحل».
          قال أبو الزبير: سمعت عبيدَ بنَ عميرٍ يقول هذا القولَ، ثمَّ سألْنا جابرَ بن عبد الله عن ذلك فقال مثلَ قول عبيد.
          وقال أبو الزُّبير: سمعت عُبيد بن عُمير يقول: «قال رجلٌ: يا رسول الله؛ ما حقُّ الإبل؟ قال: حَلَبُها على الماء، وإعارةُ دَلْوِها، وإعارةُ فَحْلها، ومَنيحتُها، وحملٌ عليها في سبيل الله».
          وأخرجه أيضاً من حديث عبد الملك بن أبي سليمانَ العَرزَميِّ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ عن النَّبيِّ صلعم قال: «ما مِن صاحبِ إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدِّي حقَّها، إلَّا أُقْعِدَ لها يومَ القيامة بقاعٍ قَرقَرٍ، تطَؤُه ذاتُ الظِّلْف بظِلْفها، وتنطَحُه ذاتُ القَرْن بقَرْنها، ليس فيها يومئذٍ جَمَّاءُ ولا مكسورةُ القَرن. قلنا: يا رسول الله؛ وما حَقُّها؟ قال: إطراقُ فَحْلها(6)، وإعارةُ دَلوها، ومنيحتُها(7)، وحَلَبُها / على الماء، وحملٌ عليها في سبيل الله، ولا من صاحبِ مالٍ لا يؤدِّي زكاته إلَّا تحوَّل يومَ القيامة شجاعاً أقرعَ يتبعُ صاحبَه حيثُما ذهب وهو يَفِرُّ منه، ويقال: هذا مالُك الَّذي كنت تبخلُ به، فإذا رأى أنَّه لا بدَّ له منه أدخلَ يدَه في فيه، فجعل يَقضَمُها كما يَقضَمُ الفحلُ».
          وليس لعبد الملك بن أبي سليمانَ عن أبي الزُّبير في مسند جابر من الصَّحيح غيرُ هذا.


[1] القاع: المنخفض من الأرض.
[2] القَرقَر: الأملس الذي لا نبات فيه.
[3] شاةٌ جَمَّاء: لا قرن لها والذكر أجمّ.
[4] الشُّجاع هاهنا: ضربٌ من الحيَّات، والأقْرع: الذي لا شعر في رأسه وهو أشدُّها سماً.
[5] القضْم: العضُّ والكسر، وقال أبو عُبيد: القضْم بأدنى الأسنان والخضْم بأقصاها، وقد يكنى بذلك عن التمتع بالدنيا والانبساط فيها.
[6] إطْراقُ فحْلِها: ألا يمنعَ صاحبُ الفحلِ فحلَه ممن طلبه للإناث.
[7] المِنْحة من لبنها يوم وِرْدِها: أن يسقي من حضره من لبنها المحتاجين إلى ذلك، والمِنْحة منها أيضاً أن يعطي الشاة أو الناقة من يحلبها ويشرب من لبنها وقتاً معلوماً، هذا أصلها ثم جُعلت كلُّ عطيّةٍ منحةً.