الإمام البخاري حياته ومنهجه في صحيحه

شروط البخاري لصحة الحديث

          [شروط البخاري لصحة الحديث](1)
          بعد أن عرفنا الحديث الصحيح والسند وعلّوه، بقي علينا أن نعرف ما هي / الشروط التي يجب أن تتحقق في الحديث؛ ليسجله الإمام البخاري في «صحيحه» إن صرَّح أنه ما أدخل فيه إلاّ صحيحاً، فالشرط الأول:
          1- أن يكون إسناد الحديث متصلاً.
          2- شروط الراوي.
          أن يكون راوي الحديث مسلماً: فإذا تحمَّل الرواية وهو مشرك وأدَّاها وهو مسلم فلا بأس بذلك.
          العقل: فلا تقبل رواية الصبي ولا المجنون، والأصل فيه: قول النبي صلعم : «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» والحديث مشهور من حديث علي بن أبي طالب.
          الصدق: وهو عمدة الأنباء وعدة الأنبياء وشيمة الأبرار وأرومة الأخيار، وهو البرزخ بين الحق والباطل. فيُرَدُّ حديث الكذَّاب وإن تاب.
          عدم التدليس بسائر انواعه.
          العدالة: وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يُقبل إلاّ خبر العدل.
          وتتحقق العدالة باتباع الأمور الأوامر واجتناب النواهي، وتجنُّب الفواحش المسقطة، وتحرّي الحق، والتوقِّي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة.
          وليس يكفي الشخص في ذلك اجتناب الكبائر حتى يتجنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلًا مقبول الشهادة.
          3- وأن يكون حفظه مأخوذًا عن العلماء لا عن الصُّحف.
          وأن يكون ضابطًا لما سمعه وقت سماعه متحققًا على شيخه في روايته من أن لا يدلسه إذا كان يعرف بالتدليس.
          وأن يكون متيقظًا سليم الذهن عن شوائب الغفلة.
          وأن يكون قليل الغلط والوهم.
          وأن يكون حسن الصمت موصوفًا بالوقار غير مشهور بالمجون والخلاعة. /
          وأن يكون مجانبًا للأهواء(2).
          وتتجلى هذه الشروط من قول الحافظ أبي بكر الحازمي ☼ عندما نقض قول الحاكم: ((بأن يكون للصحابي راويان)) وقال ما خلاصته:
          إن شرط الصحيح أن يكون إسناده متصلاً، وأن يكون راويه مسلماً، صادقاً، غير مدلّس، ولا مختلط، متصفًا بصفات العدالة، متحفظاً، سليم الذهن، قليل الوهم، سليم الاعتقاد(3).
          أن يثبت لقاء راوي الحديث مع من روى عنه، بينما يكتفي الإمام مسلم بمجرد ثبوت المعاصرة. وقد أظهر البخاري هذا المذهب في «تاريخه» وجرى عليه في «صحيحه» وأكثر منه حتى إنه ريما أخرج الحديث الذي لا تعلق له بالباب جملةً إلا ليبين سماع راو من شيخه؛ لكونه قد أخرج له شيئًا منعنعاً، وهذا مما ترجح به كتابه، لأننا وإن سلَّمنا بما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال، فلا يخفى أن شرط البخاري أوضح في الاتصال والله أعلم(4).


[1] مع العلم أن هذه الشروط يشاركه فيها غيره من كتب الصحاح ما عدا الشرط الأخير الذي ينفرد به.
[2] رسالة «شروط الأئمة الستة» لمحمد بن موسى الحازمي ص 39-43.
[3] «مقدمة ابن حجر» ص7 سطر 10.
[4] «مقدمة ابن حجر» ص10 س 5.