الإمام البخاري حياته ومنهجه في صحيحه

تكرار الحديث وإعادته وفائدة ذلك

           تكرار الحديث وإعادته وفائدة ذلك
          يقول ابن حجر في «المقدمة ص12»: قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما رويناه عنه في جزء سماه: «جواب المتعنت».
          اعلم أن البخاري ☼ كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع، ويستدل به في كل باب بإسناد آخر، ويستخرج منه بحسن استنباطه وغزارة فقهه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه، وقلَّما يُورد حديثًا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، وإنما يورده من طريق أخرى لمعانٍ نذكرها والله أعلم بمراده منها.
          1- فمنها أنه يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر، والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حدِّ الغرابة، وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة، وهلم جرا إلى مشايخه. فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار، وليس كذلك لاشتماله على فائدة.
          2- إنه صحَّح أحاديث على هذه القاعدة، يشتمل كل حديث منها على معانٍ متغايرة [فيورده] في كل باب من طريق غير الطريق الأولى. /
          3- ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة، ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليها.
          4- ومنها أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم، فحدَّث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى وحدَّث به آخر، فعبَّر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر، فيورده بطرقه إذا صحَّت على شرطه، ويفرد لكل لفظة بابًا مفرداً.
          5- ومنها أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال، ورجح عنده الوصل فاعتمده، وأورد الإرسال منبهًا على أنه لا تأثير له عنده في الوصل.
          6- ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك.
          7- ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلًا في الإسناد ونقصه بعضهم، فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أنَّ الراوي سمعه من شيخ حدَّثه به عن آخر ثم لقي الآخر فحدَّثه به، فكان يرويه على الوجهين.
          8- ومنها أنه ربما أورد حديثًا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصرحًا فيها بالسماع على ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعن، فهذا جميعه فيما يتعلق بإعادة المتن الواحد في موضع واحد أو أكثر(1).


[1] انظر «مقدمة ابن حجر» ص 13 س 15.