أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة

          ░45▒ هذا (باب: الغُسل والوُضوء)؛ بضم الغين المعجمة في الأول، وضم الواو في الثاني، قال العجلوني: (وجوَّز الكرماني فيهما الفتح أيضًا)، قلت: لكن المشهور الأول؛ لأنَّ المراد به هنا الفعل؛ فافهم، (من المِخْضب)، وفي رواية: (في) بدل (من)، وهو بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، آخره موحدة، شبه الإجانة، أو إناء يُغْسَلُ فيه الثياب، ويقال له: المِرْكَن_بالنُّون أخره_ كـ (مِنْبَر)، وهو يكون من أي جنس ولو صغيرًا، (والقَدَح)؛ بفتحتين: إناء معروف، واحد الأقداح التي للشرب، وقيل: القَدَح: الذي يؤكل فيه، وأكثر ما يكون من الخشب مع ضيق فيه، (والخَشَب)؛ بفتح المعجمتين، جمع خشبة، وكذا الخُشُْب؛ بضمتين وبسكون الشين، ومراده: الإناء من الخشب، (و) الإناء من (الحِجارة)؛ بكسر المهملة؛ لأنَّ الأواني تكون من الخشب، والحجر، وسائر جواهر الأرض كالحديد، والصفر، والنحاس، والذهب، والفضة، فقوله: (والخشب) يتناول سائر الأخشاب، وقوله: (والحجارة) يتناول سائر الأحجار من التي لها قيمة والتي لا قيمة لها، والحجارة: جمع حجر، وهو جمع نادر؛ كالجمالة: جمع جمل، وكذا حجار_بدون الهاء_ وهما جمع كثرة، وجمع القلة: أحجار.
          فإن قلت: ما وجه عطف الخشب والحجارة على المخضب والقدح؟
          قلت: هو من باب عطف التفسير؛ لأنَّ المخضب والقدح قد يكونان من الخشب، وقد يكونان من الحجارة، وقد صرح في الحديث المذكور في هذا الباب: (بمِخْضَبٍ من الحجارة)، كما يأتي عن قريب، والدليل على صحة ذلك ما وقع في رواية: (في المخضب والقدح) .
          وقال ابن حجر: (ليس من عطف العام على الخاص فقط، بل بين هذين وهذين(1) عموم وخصوص من وجه) .
          وردَّه في «عمدة القاري» / بأن قصارى فهم هذا القائل أنه ليس من عطف العام على الخاص، ثم أضرب عنه إلى بيان العموم والخصوص من وجه بين هذه الأشياء، ولم يبيِّن وجه العطف ما هو، وقد وقع في بعض النسخ بعد قوله: (والحجارة) : (والتَّور)؛ بفتح المثناة فوق، قال الجوهري: (هو إناء يشرب فيه)، زاد العلامة المطرزي: (صغير)، وفي «المغيث»: (هو إناء شبه إجانة من صفر أو حجارة يتوضأ فيه ويؤكل(2) فيه، وقيل: هو مثل قدح من الحجارة)، كذا في «عمدة القاري».
          وما شرحنا عليه من قوله: (من المِخْضَبِ) أحسن؛ لأنَّها أنسب بالمعطوفات، وفي رواية: (في المخضب)، ولم يطلع ابن حجر على رواية: (من المخضب)، فقال ما قال من التكلفات؛ فافهم.


[1] في الأصل: (بل من هذين وهذان)، ولعله تحريف عن المثبت.
[2] في الأصل: (ويكل).