أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب المسح على الخفين

          ░48▒ هذا (باب) جواز (المسح على الخفين) في الوضوء بدلًا عن غسل الرجلين، وإنَّما عبَّر بـ (الخفين)؛ إشارةً إلى أنه لو لبس خفًّا واحدة؛ لا يجوز عليها المسح، لكن إذا كانت إحدى رجليه مقطوعة مما فوق الكعب؛ فإنه يجوز كما أفصح به في «الينابيع» وغيره، وإنما قال: (على الخفين)؛ إشارةً إلى أنَّ المسح لا يكون إلا على ظاهرهما، وإنَّما سمِّي الخف خفًّا؛ لأنَّه من الخفة؛ لأنَّ الحكم خفَّ به من الغسل إلى المسح، كما في «البحر» و«السراج»، قلت: وفيه أنَّه يقتضي حصول التسمية حين المشروعية مع أن اللغة سابقة على ورود الشرع، وقد قال العلامة خير الدين الرملي الحنفي: المسح على الخفين من خصائص هذه الأمة، فكيف يعلل للوضع السابق عليه؟ وقد يجاب: بأنَّ الواضع هو الله تعالى، كما هو قول الأشعري، وهو تعالى عالم بما يشرعه على لسان نبيه الأعظم ◙؛ فليحفظ.
          وهو في اللغة: إمرار اليد على الشيء، واصطلاحًا: عبارة عن رخصة مقدرة جُعِلَتْ للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها، كذا في «البحر»، واعترضه في «النهر» وقال: (الأولى أن يقال: هو إصابة اليد المبتلة الخف أو ما يقوم مقامها في الوضع المخصوص في المدة الشرعية) انتهى، وهو شامل لما لو كان المسح باليد أو الخرقة ونحوهما كالمطر.
          وإنَّما قلنا بالجواز؛ للإشارة إلى أنَّ المسح غير واجب؛ لأنَّ العبد مخيَّر بين فعله وتركه، كذا قالوا، وينبغي أن يكون المسح واجبًا في مواضع؛ منها: إذا كان معه ماء لو غسل به رجليه؛ لا يكفي وضوءَه، ولو مسح على الخفين؛ يكفيه، فإنَّه يتعين عليه المسح، ومنها: ما لو خاف خروج الوقت لو غسل رجليه؛ فإنه يمسح، وتمامه في «منهل الطلاب».