إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم

          7082- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال / : (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم بن شهابٍ(1) أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ابن عوفٍ: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : سَتَكُونُ فِتَنٌ(2) القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ المَاشِي) في الرِّواية الأولى: «والقائم فيها» [خ¦7081] (وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي) وزاد الإسماعيليُّ من طريق الحسن بن إسماعيل الكلبيِّ عن إبراهيم بن سعدٍ في أوَّله: «النَّائم فيها خيرٌ من اليقظان، واليقظان فيها خيرٌ من القاعد»، والحسن بن إسماعيل وثَّقه النَّسائيُّ، وهو من شيوخه، وعند أحمد وأبي داود من حديث ابن مسعودٍ: «النَّائم فيها خيرٌ من المضطجع»، وهو المراد «باليقظان» في الرِّواية السَّابقة، وفيه: «والماشي فيها خيرٌ من الرَّاكب»، والمراد بالأفضليَّة في هذه الخيريَّة: مَن يكون أقلَّ شرًّا ممَّن فوقه على التَّفصيل السَّابق (مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ) قال التُّوربشتيُّ: أي: من تطلَّع لها؛ دعته(3) إلى الوقوع فيها، والتَّشرُّف: التَّطلُّع، واستُعير هنا للإصابة بشرِّها، أو أريد به(4): أنَّها تدعوه إلى زيادة النَّظر إليها، وقيل: إنَّه من استشرفت الشَّيء، أي: علوته؛ يريد: من انتصب لها؛ صرعته، وقيل: هو من المخاطرة والإشفاء على الهلاك، أي: من خاطر بنفسه فيها(5) أهلكته، قال الطِّيبيُّ: ولعلَّ الوجه الثَّالث أولى؛ لما يظهر من معنى اللَّام في «لها»، وعليه كلام «الفائق»، وهو قوله: أي: من غالبها غالبَتْهُ(6) (فَمَنْ وَجَدَ مَلْجأً أَوْ مَعَاذًا؛ فَلْيَعُذْ بِهِ) بفتح الميمَين، ومعناهما واحدٌ كما مرَّ، وفيه التَّحذير من الفتن، وأنَّ شرَّها يكون بسبب(7) الدُّخول فيها‼، والمراد بالفتن جميعها، أوِ المراد: ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك؛ حيث لا يُعْلَمُ المُحِقُّ من المُبطِل، وعلى الأوَّل: فقالت طائفةٌ بلزوم البيوت، وقال آخرون بالتَّحوُّل عن بلد الفتنة أصلًا، ثمَّ اختلفوا، فمنهم من قال: إذا هجم عليه في شيءٍ من ذلك؛ يكفُّ يدَه ولو قُتِلَ، ومنهم من قال: يدافع عن نفسه وماله وأهله، وهو معذورٌ إن قَتل أو قُتِل، والله أعلم(8).


[1] «بن شهاب»: ليس في (د).
[2] زيد في (ع): «القائم فيها خيرٌ من القاعد، و».
[3] في (ع): «رغبة».
[4] في (ص): «بها».
[5] «فيها»: مثبت من (د) و(س).
[6] في (د) و(س): «غلبته».
[7] في غير (د): «بحسب».
[8] «والله أعلم»: مثبتٌ من (ع).