إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها

          5206- وبه قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد ”محمَّد بنُ سلام“ قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بنُ خازمٍ(1) (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بنِ الزُّبيرِ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}[النساء:128] قَالَتْ: هِيَ المَرْأَةُ(2) تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لَا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا) أي: لا يستكثرُ من مصاحبتِها ونحو ذلك لكبرِ سنٍّ أو مرضٍ، ويهمُّ بطلاقها (فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا وَيَتَزَوَّجُ) امرأة (غَيْرَهَا، تَقُولُ) ولأبي ذرٍّ: ”وتقول“(3) (لَهُ) حال كونها تسترضيهِ بترك بعض حقِّها: (أَمْسِكْنِي وَلَا تُطَلِّقْنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِي، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيَّ وَالقِسْمَةِ لِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا}) أصله: يتصالحا(4)، فأبدلت التاء صادًا وأدغمت ({صُلْحًا}) على أن تطيبَ له نفسًا عن القسمةِ أو عن بعضها، أو عن النَّفقةِ، أو عنهما ({وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء:128]) من الفرقةِ، أو من النُّشوزِ، أو من الخصومةِ في كلِّ شيءٍ، أو الصُّلحُ خيرٌ من الخيورِ، كما أنَّ الخصومة شرٌّ(5) من الشُّرورِ، وعند الحاكمِ من طريقِ ابن المسيَّب، عن رافعِ بنِ خديجٍ: أنَّه كان تحتهُ امرأةٌ، فتزوَّج عليها شابَّة فآثرَ البكرَ عليها، فنازعتهُ وطلَّقها، ثمَّ قال: إن شئتِ راجعتُك وصبرت. فقالت: راجعنِي، فراجعَها، ثمَّ لم تصبرْ فطلَّقها، قال: فذلك الصُّلح الَّذي بلغنا أنَّ الله أنزلَ فيه هذه الآية. وفي التِّرمذيِّ: أنَّها من حديثِ ابن عبَّاس قال: خشيَتْ سودةُ أن يطلِّقَها رسولُ الله صلعم ، فقالت: يا رسولَ الله، لا تطلِّقني واجعلْ يومي(6) لعائشةَ، ففعل، ونزلت الآية. وله شاهدٌ في «الصَّحيحين» من حديثِ عائشةَ: «أنَّ سودةَ لما كبرتْ جعلتْ نوبتَها لعائشةَ، فكان رسول الله صلعم يقسمُ لها ليلَتها ويوم سودةَ» [خ¦2688] ولم يُذكرْ فيه نزولُ الآية.
          وحديثُ الباب سبقَ في «سورة(7) النِّساء» [خ¦4601].


[1] في (ب) و(س): «حازم».
[2] في (م) زيادة: «التي».
[3] قوله: «ولأبي ذر وتقول» ليس في (د).
[4] في (س): «أن يتصالحا».
[5] «شر»: ليست في (د).
[6] في (م) و(د): «نوبتي».
[7] في (م): «تفسير».