إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أتتني أمي راغبة في عهد النبي

          5978- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبدُ الله بن الزُّبير بن عيسى القرشيُّ المكيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة قال: (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ) قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) عروةُ بن الزُّبير قال: (أَخْبَرَتْنِي) بتاء التأنيث والإفراد (أَسْمَاءُ ابْنَةُ) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”بنت“ (أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ( ☻ ) أنَّها(1) (قَالَتْ: أَتَتْنِي أُمِّي) قُتَيْلَة(2) _على الأصحِّ_ بنت عبد العزَّى، في مدَّة صلحِ الحديبيَة، زاد الإمامُ أحمدُ وهي مشركةٌ في عهدِ قريش، حالَ كونها (رَاغِبَةً) في برِّي وصلتِي، أو راغبةً عن الإسلام كارهةً له، ولأبي ذرٍّ: ”وهي راغبةٌ“ (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلعم فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلعم آصِلُهَا؟) بمد الهمزة على الاستفهام (قَالَ) صلعم : (نَعَمْ) صليها (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سُفيان: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهَا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة:8]) وتمام الآية {وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8] وهي رخصةٌ من الله تعالى في صلة الَّذين لم يُعادوا المؤمنين ولم يُقاتلوهم، وقيل: إنَّ هذا كان في أوَّل الإسلام عند المُوادعة وترك الأمر بالقتالِ‼، ثمَّ نسخ بآية {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}[التوبة:5] وقيل: المراد بذلك النِّساء والصِّبيان لأنَّهم ممَّن لا يقاتلُ فأذنَ الله في برِّهم، وقال أكثرُ أهل التَّأويل: هي محكمةٌ، واحتجَّوا بحديث أسماء، بل قيل: إنَّها نزلتْ كما ذكر هنا عن سفيان، وفي «مسند أبي داود الطَّيالسيِّ» عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيهِ: أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق طلَّق امرأتهُ قيلةَ في الجاهليَّة، وهي أمُّ أسماء بنت أبي بكر، فقدمتْ عليهم في المدَّة الَّتي كانت فيها المهادنةُ بين رسول الله صلعم وبين كفَّار قريش، فأهدتْ إلى أسماء بنت أبي بكر الصِّديق قُرْطًا وأشياءَ، فكرهتْ أن تقبلَ منها حتَّى أتتِ النَّبيَّ صلعم وذكرت(3) ذلك له، فأنزلَ الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} الاية[الممتحنة:8].
          وحديث الباب قد سبقَ في «باب الهدية للمشركين» من «كتاب الهبة» [خ¦2620] والله الموفِّق والمعين.


[1] قوله: «الصديق ☻ أنها»: ليس في (د).
[2] في كل الأصول: «قيلة»، والمثبت موافق لما في مسند الطيالسي (1744) وهو الذي في «الفتح» وغيره.
[3] في (د): «فذكرت».