نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: {يحول بين المرء وقلبه}

          ░14▒ (باب: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}) وأوَّله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:24]. قال الواحديُّ: حكايةً عن ابن عبَّاس والضَّحَّاك: يحول بين المرء الكافرِ وطاعته، ويحول بين المطيع ومعصيته. وعن سعيد بن جُبير معناه: يحولُ بين الكافر وأن يؤمنَ، وبين المؤمن وأن يكفر، وعن مجاهد: يحول بين المرء وقلبه فلا يعقل ولا يدري ما يعمل. وقيل: السَّعيد من أسعده الله، والشَّقي من أضله الله، والقلوب بيد الله يقلِّبها كيف شاء.
          وقال السُّدِّي: يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيعُ أن يؤمن ولا أن يكفر.
          وقال الرَّاغب: المراد أنَّه يُلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده بحكمةٍ تقتضي ذلك، والغرض من هذه التَّرجمة الإشارة إلى أنَّ الله خالق لجميع كسب العباد من الخير والشَّرِّ، وأنَّه قادر على أن يحولَ بين الكافر والإيمان، ولم يقدِّره إلَّا على ضدِّه وهو الكفر، وعلى أن يحولَ بين المؤمن والكفر، وأقدرهُ على ضدِّه وهو الإيمان، وفعل الله عدل فيمن أضلَّه؛ لأنَّه لم يمنعهم حقًّا وجبَ عليه، / وخلقهم على إرادتهِ لا على إرادتهم، وكان ما خلق فيهم من قوَّة الهداية والتَّوفيق على وجه التَّفضُّل.