إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عمر: أوف بنذرك

          6697- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ) المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) بضم العين فيهما، العمريُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابنِ عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ) أباهُ (عُمَرَ) ☻ (قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ) أي: الحال الَّتي كنتُ عليها قبل الإسلام من الجهلِ بالله ورسولهِ وشرائعِ الدِّين وغير ذلك (أَنْ أَعْتَكِفَ) أي: الاعتكاف (لَيْلَةً) لا يُعارضه رواية: «يومًا» لأنَّ اليوم يُطلق على مُطلق الزَّمان ليلًا كان أو نهارًا، أو أنَّ النَّذر كان ليومٍ وليلةٍ، ولكن يُكتفى بذكر أحدِهما عن ذكر الآخر، فرواية: «يوم» أي: بليلتهِ، ورواية: «ليلة» أي: مع يومها، فعلى الأوَّل يكون حجَّة على من شرط الصَّوم في الاعتكاف؛ لأنَّ اللَّيل ليس محلًّا للصوم (فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ) حول الكعبةِ ولم يكن إذ ذاك جدارٌ يحوطُ عليها (قَالَ) صلعم له: (أَوْفِ بِنَذْرِكَ) بفتح الهمزةِ، وهذا(1) تمسَّك به من قال بصحَّة نذر الكافرِ، ومن منع _وهو الصَّحيح_‼ يَحْمِلُ الحديث على أنَّه صلعم لم يأمرْه بالاعتكافِ إلَّا تشبيهًا بما نذرَ لا عين ما نذرَ، وتسميتُه بالنَّذر من مجازِ التَّشبيه، أو من مجاز الحذفِ.
          والحديث(2) سبق في «آخرِ الاعتكافِ» [خ¦2043] وسبق في «غزوةِ حُنين» [خ¦4320] تعيين زمن سؤال عُمر، ولفظه: «لمَّا قفلنَا من حُنَينٍ سألَ عُمر النَّبيَّ صلعم عن نذرٍ كان نذرَه في الجاهليَّة اعتكافٍ» وفي «فرض الخمس» [خ¦3144] «قال عمر: فلمْ أعتكفْ حتَّى كان بعد حُنين»(3)، والله أعلم.


[1] في (د): «وقد».
[2] في (د): «هذا».
[3] في (ع) و(د): «حين».