الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: اللهم اهد أم أبي هريرة

          2767- الحادي والثَّمانون بعد المئة: عن أبي كثير قال: حدَّثني أبو هريرةَ قال: «كنت أدعو أمِّي إلى الإسلام وهي مشركةٌ، فدعوتها يوماً فأسمَعَتنِي في رسول الله صلعم ما أكره، فأتيت رسول الله صلعم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله، إنِّي كنت أدعو أمِّي إلى الإسلام فتأبى عليَّ، فدعوتها فأسمعَتنِي فيكَ ما أكره، فادع الله أن يهدي أمَّ أبي هريرةَ، فقال رسول الله صلعم: اللَّهمَّ اهدِ أمَّ أبي هريرةَ. فخرجتُ مستَبشِراً بدعوة نبيِّ الله صلعم، فلمَّا جئت فصرتُ إلى الباب، فإذا هو مُجافٌ،(1) فسمعت أمِّي خَشْفَ(2) قدميَّ، فقالت: مكانك يا أبا هريرةَ، وسمعتُ خضخضة(3) الماء، قال: فاغتَسَلَت ولَبِسَت دِرعها، وعجلت عن خِمَارها، ففتحت الباب، ثمَّ قالت: يا أبا هريرةَ أشهد أن لا إله إلَّا الله وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلعم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أَبشِر، قد استجاب الله دعوتك وهدى أمَّ أبي هريرةَ فحَمد الله وقال خيراً، قال: قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يُحَبِّبني أنا وأمِّي إلى عباده المؤمنين ويحبِّبهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلعم: اللَّهمَّ حبِّب عُبَيدَك هذا _يعني أبا هريرةَ_ وأمَّه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهما المؤمنين». فما خُلِقَ مؤمنٌ يسمعُ بي ولا يراني إلَّا أَحَبَّنِي.
          وقد ذكره الإمام أبو بكرٍ البرقاني وأبو مسعود الدِّمشقي في كتابيهما، وأوَّله عندهما: عن أبي كثير قال: حدَّثنا أبو هريرةَ قال: [«والله ما خلق الله مؤمناً يسمع بي ولا يراني إلَّا أَحَبَّنِي، قلت: وما علمك بذلك يا أبا هريرةَ؟ قال: إنَّ أمِّي كانت امرأةً مشركةً وكنت أدعوها إلى الإسلام فتأبى عليَّ...»] وذكر الحديث.


[1] أَجَفْتُ البابَ: فهو مُجاف؛ أي: مغلق.
[2] الخَشْفُ والخَشْفة: الصوتُ والحركة.
[3] الخَضْخَضَة: التحريكُ وصوتُ التحريك.