إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {والنجم}

          ░░░53▒▒▒ (سورة { وَالنَّجْمِ}) مكِّيَّة، وآيُها إحدى أو اثنتان وستون.
          ( ╖ ) سقطَ لفظ(1) «سورة» والبسملَة لغير أبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ}[النجم:6]) أي: (ذُو قُوَّةٍ) في خلقهِ، وزاد الفِريابيُّ عنه: جبريل. وقال ابنُ عبَّاسٍ: منظرٌ حسنٌ، فإن قلت: قد عُلم كونه ذا قوَّة بقوله: {شَدِيدُ الْقُوَى}[النجم:5] فكيف يفسَّرُ {ذُو مِرَّةٍ} بـ «قوَّة»؟ أُجيب بأن {ذُو مِرَّةٍ} بدلٌ من {شَدِيدُ الْقُوَى} لا وصفٌ له، أو المراد(2) بالأول(3): قوَّته في العلمِ، وبالثَّاني قوَّة جسدهِ، فقدَّم العلميَّة على الجسديَّة ({قَابَ قَوْسَيْنِ}[النجم:9]) أي: (حَيْثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ) قاله مُجاهد فيما وصلهُ الفِريابيُّ أيضًا، وفيه مضافان محذوفان، أي: فكان مقدارُ مسافةِ قربهِ ╕ منه تعالى مثل مقدارِ مسافةِ قاب، وهذا ساقط لأبي ذرٍّ.
          ({ضِيزَى}[النجم:22]) قال مُجاهد فيما وصلهُ الفِريابيُّ أيضًا: (عَوْجَاءُ) وقال الحسنُ: غير معتدلةٍ، وقيل: جائرةٌ‼؛ حيثُ جعلتُم له البنات التي تستنكفون عنهنَّ، وهي فُعلَى _بضم الفاء_ من الضَّيزِ، وهو الجور؛ لأنَّه ليس في كلامِ العرب فِعلى _بكسر الفاء_ صفة، وإنما كُسرت محافظةً على تصحيحِ الياء كبِيض، وإلَّا فلو بقيت الضَّمَّة انقلبَتِ الياء واوًا، وفي نسخة: ”حَدباءَ“(4).
          ({وَأَكْدَى}[النجم:34]) أي: (قَطَعَ عَطَاءَهُ) قال:
فأَعْطَى قَلِيلًا ثمَّ أَكْدَى عَطَاءَهُ                     ومَنْ يَبْذُلِ المَعْرُوفَ فِي النَّاسِ يُحْمَد
وهو من قولِهم: أَكدَى الحَافِرُ إذا بلغَ الكُدْيَة _وهي الصَّخرةُ الصَّلبةُ_ فتركَ الحفرَ.
          ({رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49]) قال مُجاهدٌ فيما وصلهُ الفِرْيابيُّ: (هُوَ) أي: الشِّعرى (مِرْزَمُ الجَوْزَاءِ) بكسر الميم الأولى، وهي العبورُ، وقال السَّفاقسيُّ: وهي الهنعةُ، عبدها أبو كبشةَ وخالفَ قريشًا في عبادةِ الأوثانِ.
          ({ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37]) أي / : (وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ) وقال الحسنُ: عملَ ما أُمر به وبلَّغَ رسالاتِ ربِّه إلى خلقهِ، وقيل: قيامهُ بذبحِ ابنهِ.
          ({أَزِفَتْ الْآزِفَةُ}[النجم:57]) أي: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) الَّتي كلَّ يومٍ تزدادُ(5) قُربًا، فهي كائنةٌ قريبةٌ وزادت في القربِ، وهذا ساقط لأبي ذرٍّ.
          ({سَامِدُونَ}[النجم:61]) قال مجاهدٌ: هي (البَرْطَمَةُ) بالموحدة المفتوحة والراء الساكنة والطاء المهملة والميم المفتوحتين، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”البَرطَنَة“ بالنون بدل الميم، الغِنَاء، فكانوا إذا سمعوا القرآنَ تغنَّوا ولعِبُوا، وقيل: السَّامدُ اللَّاهِي، وقيل: الهائمُ. (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغَنَّوْنَ(6) بـ) اللُّغة (الحِمْيَرِيَّةِ) يقولون: يا جاريةُ، اسمدِي لنا، أي: غنِّي.
          (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) النَّخعيُّ _فيما وصلهُ سعيد بنُ منصورٍ_ في قولهِ تعالى: ({أَفَتُمَارُونَهُ}[النجم:12]) أي: (أَفَتُجَادِلُونَهُ) من المراءِ، وهو المجادلةُ (وَمَنْ قَرَأَ: {أَفَتُمَارُونَهُ}) بفتح التاء وسكون الميم من غير ألفٍ، وهم حمزةُ والكسائيُّ ويعقوبُ وخَلَف (يَعْنِي: أَفَتَجْحَدُونَهُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”أفتَجْحَدونَ“ بحذف الضَّمير، من مَرَاه حقَّهُ؛ إذا جحدَهُ، وقيل: أفتغلبونهُ في المراءِ؟ من ماريتُهُ فمريتهُ.
          ({مَا زَاغَ}) ولأبي ذرٍّ: ”وقَالَ: {مَا زَاغَ}“ ({الْبَصَرُ}) أي: (بَصَرُ مُحَمَّدٍ صلعم ) عمَّا رآهُ تلك اللَّيلة ({وَمَا طَغَى}[النجم:17]) أي: (وَلَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”ومَا“ (جَاوَزَ مَا رَأَى) بل أثبتهُ إثباتًا صحيحًا مستيقنًا، أو ما عدلَ عن رؤيةِ العجائبِ الَّتي أمرَ برؤيتِها وما جاوزَها ({فَتَمَارَوْا}[القمر:36]) في سورة القمر، أي: (كَذَّبُوا) ويحتملُ وقوع ذلك هنا من ناسخٍ.
          (وَقَالَ الحَسَنُ) البصريُّ _فيما وصلهُ عبد الرَّزَّاق_: ({ إِذَا هَوَى}) في قولهِ تعالى: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}[النجم:1] أي: (غَابَ) أو انتثرَ يوم القيامةِ، أو انقضَّ، أو طلعَ، والنجم: الثُّريَّا.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصلهُ الفِريابيُّ في قولهِ تعالى: ({أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48]) أي: (أَعْطَى فَأَرْضَى) وقال مجاهدٌ: {وَأَقْنَى}: أرضَى بما أعطَى وقنعَ. قال(7) الرَّاغب: وتحقيقهُ: أنَّه جعلَ له قُنيةً من الرِّضَا.


[1] في (د) و(م): «وسقطت لفظة».
[2] في (د) و(ص) زيادة: «بقوله».
[3] في (ج) و(د) و(ص) و(م): «بالأولى».
[4] قوله: «وفي نسخة: حدباء»: ليست في (د).
[5] في (م): «تزاد».
[6] في (ب): «يغنون».
[7] في (د): «وقال».