الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة

          3335- العاشرُ: عن الزُّهريِّ عن عُروَةَ أنَّ عائشةَ أخبرته: أنَّ النكاحَ في الجاهلية كان على أربعةِ أنحاءٍ: فنكاحٌ منها نكاحُ الناسِ اليومَ، يخطُب الرجلُ إلى الرجل وليَّتَه أو ابنتَه فيُصدقُها ثم ينكحها.
          ونكاحٌ آخرُ كان الرجلُ يقول لامرأته إذا طهُرتْ من طمثِها(1) : أرسلي إلى فلانٍ فاستَبضِعي(2) منه، ويعتزِلُها زوجُها ولا يَمسُّها حتى يَتبيَّنَ حملُها من ذلك الرجلِ الذي تستبضعُ منه، فإذا تبيَّن حملُها أصابها زوجُها إذا أحبَّ، وإنَّما يفعل ذلك رغبةً في نجابة الولد، فكان هذا النكاحُ نكاحَ الاستبضاعِ.
          ونكاحٌ آخرُ يجتمع الرَّهطُ ما دون العشَرةِ فيدخلون على المرأة كلُّهم يُصيبُها، فإذا حملت ووضعتْ ومرَّ ليالٍ بعد أن تضَع حملَها أرسلت إليهم فلم يستطع رجلٌ منهم أن يمتنعَ حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتُم الذي كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنُك يا فلانُ. تُسمِّي من أحبتْ باسمه فيُلحق به ولدُها، لا يستطيعُ أن يمتنعَ به(3) الرجلُ.
          ونكاحٌ رابعٌ يجتمع الناس الكثيرُ فيدخلون على المرأة لا تمتنعُ ممن جاءها، وهنَّ البغايا(4)، كُنَّ يَنصِبنَ على أبوابهنَّ الراياتِ وتكون علماً، فمن أرادهن دخَل عليهن، فإذا حملت إحداهنَّ ووضعتْ حملَها جمعوا لها ودعوا لها / القافةَ ثم ألحقوا ولدَها بالذي يَرون، فالتاطَ به(5) ودُعيَ ابنَه لا يمتنع من ذلك.
          «فلما بُعث محمدٌ بالحق هدَم نكاحَ الجاهليةِ كلَّه إلا نكاحَ الناسِ اليومَ». [خ¦5127]


[1] طَمَثت المرأةُ وطَمِثت: إذا حاضت، وطَمِث الرجلُ المرأةَ إذا أصابها بجماع لا غير، وأصل الطَّمْث المس.(ابن الصلاح نحوه).
[2] الاسْتِبْضاع: نوع من نكاح الجاهلية، وهو أن يطلب الرجل جماع المرأة، وتطلب المرأة جماعه إيَّاها؛ لتنال منه الولد فقط.(ابن الصلاح نحوه).
[3] استشكل في (ابن الصلاح) أن يُعدّى (يمتنع) بالباء، وهو جائز على التضمين، بمعنى: يمتنع من إلحاقه به.
[4] البِغَاء: الفجور، والبغايا الزواني، الواحدة بَغِي.
[5] أي لصق به.(هامش ابن الصلاح).