الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أن رسول الله مات وأبو بكر بالسنح

          3346- الحادي والعشرون: عن هشام بن عروةَ عن أبيه عن عائشَةَ: «أنَّ رسول الله مات وأبو بكرٍ بالسُّنحِ _يعني بالعالية_ فقام عمرُ يقول: والله ما مات رسول الله! قالت: وقال عمرُ: ما كان يقع في نفسي إلا ذاكَ، ولَيَبعثنَّه الله فلَيَقطعَنَّ أيديَ رجالٍ وأرجلَهم، فجاء أبو بكرٍ فكشَف عن رسول الله فقبَّله، وقال: بأبي أنت طِبتَ حيَّاً وميِّتاً، والذي نفسي بيده لا يُذيقنَّك الله الموتتين أبداً، ثم خرَج فقال: أيُّها الحالفُ! على رِسلِك، فلما تكلَّم أبو بكرٍ جلَس عمرُ، فحمِد الله أبو بكرٍ وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبدُ محمداً فإنَّ محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}[الزمر:30] وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:144] قال: فنَشَج النَّاسُ يبكون».
          قالت: واجتمعتِ الأنصارُ إلى سعد بنِ عبادةَ في سقيفة بني ساعدةَ، فقالوا: منا أميرٌ ومنكم أميرٌ، فذهب إليهم أبو بكرٍ وعمرُ بن الخطَّابِ وأبو عبيدةَ بن / الجراح، فذهب عمرُ يتكلَّمُ فأَسكته أبو بكرٍ، وكان يقول: والله ما أردتُ بذلك إلا أنِّي قد هيأتُ كلاماً قد أعجبني خشِيت ألا يبلُغه أبو بكرٍ، ثم تكلَّم أبو بكرٍ، فتكلَّم أبلَغُ الناسِ.
          فقال في كلامه: نحن الأمراءُ وأنتمُ الوزراءُ، فقال حُبابُ بن المنذرِ: لا والله لا نفعلُ! منَّا أميرٌ ومنكم أميرٌ، فقال أبو بكرٍ: لا، ولكنَّا الأمراءُ وأنتم الوزراءُ، هم أوسَطُ العربِ داراً [وأعزُّهم] أحساباً(1)، فبايِعوا عمرَ أو أبا عُبيدةَ. فقال عمرُ: بل نُبايعُك أنت، فأنت سيِّدُنا وخيرُنا وأَحبُّنا إلى رسول الله، فأخذ عمرُ بيده فبايعه وبايعه الناسُ، فقال قائلٌ: قتلتُم سعدَ بن عُبادةَ، فقال عمرُ: قتله الله. قالت: فما كانت من خطبتيهما(2) من خطبة إلا نفَع الله بها، لقد خوَّف عمرُ الناسَ وإنَّ فيهم[لتقىً] (3)، [فأفرَدَهم] الله بذلك، ثم لقد بصَّر أبو بكرٍ الناسَ في الله وعرَّفهم الحقَّ الذي عليهم، وخرجوا به يتلون: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ...} إلى {الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:144](4). / [خ¦3667] [خ¦3670]


[1] هكذا عند الحميدي والذي في نسخنا من البخاري: (وأعربهم أحساباً).
[2] في (ظ): (في خطبتهما) وفي (ابن الصلاح): (خطبتهما)، وما أثبتناه موافق لما في البخاري.
[3] في هامش (ت): (لنفاقاً)، وكذا في نسختنا من رواية البخاري، قال القاضي: كذا جاءت هذه الجملة _ أي: لنفاقاً _ في جميع النسخ التي وقفنا عليها من البخاري، وذكرها أبو عبد الله ابن نصر الحميدي في اختصاره الصحيح بغير هذا اللفظ (وإن فيهم لتقىً فردهم الله بذلك) فلا أدري أهو إصلاح منه أو من غيره أو رواية أو إحالة من الرواة له! والصواب عندي ما في النسخ واتفقت عليه روايات.انتهى باختصار.«مشارق» 2317.وانظر في تأويله «فتح الباري» 733.
[4] سبق أن أورد طرفًا من هذا الحديث في مسند أبي بكر الحديث:14.