إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عباس أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى}

          4818- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) العبديُّ البصريُّ، أبو بكر بُنْدَار قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) الهذليُّ البصريُّ المعروف بغُنْدَر قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ) ضد الميمنة، الهلاليِّ الكوفيِّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا) هو ابنُ كيسان اليمانيُّ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ) تعالى: ({إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:23] فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صلعم ) فحمل الآية على أمرِ المخاطبين بأن يوادُّوا(1) أقاربه صلعم ، وهو عامٌّ لجميع المكلفين (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) لسعيد: (عَجِلْتَ) بفتح العين وكسر الجيم وسكون اللام، أي: أسرعْتَ في تفسيرها (إِنَّ النَّبيَّ صلعم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: إِلَّا أَنْ تَصِلُوا(2) مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ) فَحَمَلَ الآية على أن توادُّوا النَّبيَّ صلعم من أجل القرابةِ الَّتي بينه وبينكُم، فهو خاصٌّ بقريشٍ، ويؤيدُه أنَّ السُّورة مكِّيَّة، وأمَّا حديث ابن عبَّاس أيضًا عند ابنِ أبي حاتمٍ قال: لما نزلت هذه الآية: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:23] قالوا: يا رسولَ الله، من هؤلاءِ الَّذين أمرَ الله بمودَّتهم؟ قال: «فَاطِمة وولدُها ‰ ». فقال ابنُ كثيرٍ: إسنادهُ ضعيف، فيه متَّهمٌ لا يُعرف إلَّا عن شيخٍ شيعيٍّ محترقٍ(3)، وهو حسين الأشقرُ، ولا يقبل خبرُه في هذا المحلِّ، والآية مكِّيَّة، ولم يكن إذ ذاك لفاطمةَ أولادٌ بالكلِّيَّةِ، فإنَّها لم تتزوَّج بعليٍّ إلَّا بعد بدرٍ من السَّنة الثَّانيةِ من الهجرةِ، وتفسيرُ الآيةِ بما فسَّر به حبر الأمَّة وترجمانُ القرآنِ ابن عبَّاس أحقُّ وأولى، ولا تنكرُ الوَصَاةُ(4) بأهلِ البيتِ واحترامِهم وإكرامِهم؛ إذ هم من الذُّرِّيَّة الطَّاهرةِ الَّتي هي أشرفُ بيت وجدَ على الأرضِ فخرًا وحسبًا ونسبًا، ولا سيَّما إذا كانوا متَّبعين للسُّنَّة(5) الصَّحيحة كما كان عليه سلفهم، كالعبَّاس وبنيهِ وعليٍّ وآلِ بيتهِ وذرِّيتهِ‼(6) ♥ أجمعين ونفعنَا بمحبَّتِهم.


[1] في (ب): «يؤدوا».
[2] في (م): «تضلوا».
[3] في (ص) و(م): «مخترق» عبارة ابن كثير: «فيه مبهم لا يعرف عن شيخ...».
[4] في (د): «الوصاية».
[5] في (ص): «للسنية».
[6] في (ص): «ذويه».