إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث جبير: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور

          4854- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبد الله بنُ الزُّبيرِ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بنُ عُيينة (قَالَ: حَدَّثُونِي) أصحَابي (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلمٍ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ(1) مُطْعِمٍ) القرشيِّ النوفليِّ (عَنْ أَبِيهِ ☺ ) أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلعم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}) خلقهم فوُجِدُوا بلا خالقٍ ({أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}[الطور:35]) لأنفسِهم؟ وهذا(2) باطلٌ ({أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ}[الطور:36]) بأنَّهم خُلقوا، أي: هم مُعترِفون، وهو معنى قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ}[لقمان:25] أو لا يوقنونَ بأنَّ الله خالق واحد ({أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ}) خزائِنُ رزقِ ربِّك ({أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}[الطور:37]) المتسلِّطونَ على الأشياءِ يدبِّرُونها(3) كيف شاؤوا (كَادَ(4) قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ) ممَّا تضمَّنتهُ من بليغِ الحجَّةِ، وفيه وقوعُ خبر «كادَ» مقرونًا بـ «أن» في غيرِ الضَّرورةِ. قال ابنُ مالكٍ: وقد خفيَ ذلك على بعض النَّحويين، والصَّحيح جوازهُ إلَّا أنَّ وقوعهُ غير مقرون بـ «أن» أكثر وأشهر من وقوعهِ بها. انتهى. ولأبي ذرٍّ: ”قال: كادَ قَلبِي يَطيرُ“ فزاد: ”قال“ وأسقطَ «أن»(5).
          (قَالَ سُفْيَانُ) بنُ عُيينة: (فَأَمَّا أَنَا؛ فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ) أنَّه قال: (سَمِعْتُ النَّبيَّ صلعم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، لَمْ) ولأبي ذرٍّ: ”ولَم“ (أَسْمَعْهُ) أي: ولم أسمع الزُّهريَّ (زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي) يعني قوله: فلمَّا بلغَ إلى آخره، وقد كان جبيرُ بن مطعمٍ قدمَ على النَّبيِّ صلعم بعد وقعة بدرٍ في فداءِ الأسارى، وكان إذ ذاك مُشركًا، وكان سَماعه هذه الآية من هذه السُّورة من جملةِ ما حملهُ على الدُّخولِ في الإسلامِ بعد.


[1] قوله: «بن»: ليست في (ب).
[2] في (د): «وذلك».
[3] في (ص): «يديرونها».
[4] في (د) و(م) زيادة هنا ستأتي قريبًا: «ولأبي ذرٍّ: قال _أي: جبير_ كادَ» وفي (م) زيادة.
[5] قوله: «ولأبي ذرٍّ: قال: كادَ قَلبِي يَطيرُ، فزاد: قال، وأسقطَ: أن»: ليس في (م) و(د)، وجاء في (د): «وسقط أن لأبي ذر».