الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما لك يا عائشة حشيا رابيةً

          3428- الخمسونَ: عن محمد بن قَيسِ بن مَخرمةَ بن المطَّلبِ أنَّه قال يوماً: ألا أُحدِّثكم عني وعن أمي؟ قال: فظننا أنَّه يريد أمَّه التي ولدته، قال: قالت عائشةُ رضوانُ الله عليها: ألا أُحدِّثُكم عنِّي وعن رسول الله؟ قلنا: بلى، قال: قالت: «لمَّا كانت ليلتي التي النَّبيُّ فيها عندي انقلب فوضَع رداءَه وخلَع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسَط طرَف إزارِه على فراشه فاضطَجَع، فلم يلبَث إلا رَيثَما(1) ظن أنِّي قد رقَدتُ، فأخَذ رداءَه رُوَيداً(2)، وانتعل رُويداً، وفتح البابَ رُويداً، فخرَج ثم أَجافَه(3) رُويداً، وجعلتُ دِرعي في رأسي واختمرتُ وتقنَّعتُ إزاري ثم انطلقتُ على إثرِه، حتى جاء البقيعَ، فقام فأطال القيامَ، ثم رفَع يديه ثلاثَ مرارٍ، ثم انحرف فانحرفتُ، فأسرع وأسرعتُ، فهَرول فهَرولتُ، فأحضر فأحضرت، فسبقتُه فدخلت، فليس إلَّا أنِ اضْطجعتُ(4) فدخل فقال: ما لكِ يا عائشةُ حَشْيا رَابيَةً(5) ؟! قالت: قلتُ: لا شيء، قال: لتُخبِرني أو ليُخبِرنِّي اللطيفُ الخبيرُ. قالت: قلت(6) : يا رسولَ الله؛ بأبي أنت وأمِّي، فأخبرتُه، قال: فأنتِ السَّوادُ الذي رأيتُ أمامي؟ قلتُ: نعم، فلَهَزني(7) في صدري لهزةً أوجعتني، ثم قال: أَظننتِ أن يَحيفَ(8) الله عليكِ ورسولُه قالت: قلتُ: مهما يكتُمِ الناسُ / يعلمْهُ الله، نعم.
          قال: فإنَّ جبريلَ ◙ أتاني حين رأيتِ، فناداني فأخفاه منكِ، فأجبته فأخفيتُه منكِ، ولم يكن يدخُل عليكِ وقد وضَعتِ ثيابَك، وظننتُ أن قد رقَدتِ، فكرِهتُ أن أُوقظكِ، وخشيتُ أن تَستوحِشي، فقال: إنَّ ربَّكَ يأمُرُكَ أن تأتيَ أهلَ البقيعِ فتستغفرَ لهم. قالت: قلتُ: كيف أقولُ يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهلِ الديارِ منَ المؤمنين والمسلمين، ويرحمُ الله المستَقدمِينَ(9) والمستَأخِرين، وإنَّا إن شاء الله لَلاحقون».


[1] الرَّيْثُ: الإبطاء، يقال: راثَ يَرِيثُ؛ أي: أبطأ.(ابن الصلاح نحوه).
[2] فَعلَ ذلك رُوَيداً: أي؛ على مَهَل وتثبُّت.(ابن الصلاح).
[3] أَجافَ البابَ: أي؛ أغلقه.
[4] في (ظ): (انضجعت).
[5] يقال: هو حَشٍ، وهي حَشْيَا: بلا مدٍّ ولا همزٍ إذا أصابهما الربو وضيق النفَس، وكذلك رابية، من الربو وهو تدارك النفَس، من إتعاب النفْس.(ابن الصلاح).
[6] سقط قوله: (قلت) من (ت)، وما أثبتناه موافق لما في مسلم.
[7] اللَّهْزُ: الضرب بجميع الكف في الصدر، يقال: لهَزَه يَلْهَزه لهْزاً.(ابن الصلاح نحوه).
[8] الحَيْف: الميل عن الواجب.(ابن الصلاح نحوه).
[9] في هامش (ابن الصلاح): (سع: منا).