إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله

          4788- وبه قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى) أبو السكين الطائيُّ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد ابن أسامة (قَالَ: هِشَامٌ) هو ابن عروة (حَدَّثَنَا) قال في «الفتح»: فيه تقديم المخبِر على الصيغة، وهو جائزٌ، وتقديره: قال: حدَّثنا هشامٌ (عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صلعم ) كذا رُوِيَ بالغين المعجمة؛ من الغَيْرة؛ وهي الحَمية والأنفة، وعند الإسماعيليِّ من طريق محمَّد بن بشر(1) عن هشام: «كانت تُعَيِّر اللاتي وَهبن أنفسهن» بعين مهملة وتشديد التَّحتيَّة (وَأَقُولُ: أَتَهَبُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا) وظاهرُ قوله: «وهبن»: أنَّ الواهبة أكثر من واحدةٍ، منهنَّ خولةُ بنتُ حكيمٍ، وأمُّ شريك، وفاطمة بنت شريح، وزينبُ بنت خزيمة، كما سيأتي في «النكاح» _إن شاء الله تعالى_ الكلام على ذلك، وفي حديث سِمَاك عن عكرمة عن ابن عبَّاس عند الطبريِّ بإسنادٍ حسنٍ: لم يكن عند رسول الله صلعم امرأةٌ وهبتْ نفسها له، والمراد: أنَّه لم يدخل بواحدةٍ ممَّن وهبْنَ أنفسهُنَّ(2) له، وإن كان مباحًا له(3)؛ لأنَّه راجعٌ إلى إرادته (فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}[الأحزاب:51] قُلْتُ مَا أُرَى) بضمِّ الهمزة، أي: ما أظُنُّ (رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ) أي: إلَّا موجدًا لك مرادك بلا تأخير.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «النكاح»، والنَّسائيُّ فيه، وفي «عشرة النساء» و«التفسير».


[1] «بن بشر»: ليس في (د).
[2] في غير (ب) و(س): «وهبت نفسها».
[3] «له»: ليس في (د).