-
فاتحة الكتاب
-
سند نسخة الحافظ اليونيني رحمه الله
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
كتاب الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
باب ما جاء في الوتر
-
باب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
باب ما جاء في السهو
-
باب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
باب فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
باب العمرة
-
باب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب حرم المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
الحوالات
-
باب الكفالة في القرض والديون
-
كتاب الوكالة
-
ما جاء في الحرث
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
في الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب في المظالم
-
باب الشركة
-
كتاب في الرهن
-
في العتق وفضله
-
في المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
-
حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور
-
حديث: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله
-
باب قول الله تعالى: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى: {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب غاية السبق للخيل المضمرة
-
باب ناقة النبي
-
باب الغزو على الحمير
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب رد النساء الجرحى والقتلى
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
- باب دعاء النبي إلى الإسلام
-
باب من أراد غزوة فورى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب من اختار الغزو بعد البناء
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب السرعة والركض في الفزع
-
باب الخروج في الفزع وحده
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب الأجير
-
باب ما قيل في لواء النبي
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب قتل النساء في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى للبشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر
-
باب الطعام عند القدوم
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
باب فرض الخمس
-
باب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى و الطب
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
باب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
باب ما جاء في إِجازة خبر الواحد الصدوق
-
كتاب الاعتصام
-
كتاب التوحيد
2940- 2941- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزَّاي، ابن محمَّد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزُّبير بن العوَّام، أبو إسحاق القرشيُّ الأسديُّ الزُّبيريُّ(1) المدنيُّ قال(2): (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ الزُّهريُّ القرشيُّ (عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ) بفتح الكاف (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عُبَيْدِ(3) اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ) بن مسعودٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَتَبَ) كتابًا (إِلَى قَيْصَرَ) ملك الرُّوم، واسمه: هرقل (يَدْعُوهُ) فيه (إِلَى الإِسْلَامِ، وَبَعَثَ) ╕ (بِكِتَابِهِ) هذا (إِلَيْهِ) إلى قيصر (مَعَ دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ) في آخر سنة ستٍّ بعد أن رجع من الحديبية (وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) أي: أمر دحية (أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ) أهل (بُصْرَى) بضمِّ الموحَّدة وسكون الصَّاد المهملة وفتح الرَّاء مقصورًا: مدينة حوران ذات‼ قلعةٍ بين الشَّام والحجاز، وعظيمها أميرها الحارث بن(4) شمر الغسَّانيُّ (لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ) عند غلبة جنوده الرُّوم عليهم في سنة عمرة الحديبية (مَشَى مِنْ حِمْصَ) مجرورٌ بالفتحة لأنَّه غير منصرفٍ للعلميَّة والتَّأنيث. وزاد ابن إسحاق عن الزُّهريِّ: أنَّه كان يُبسَط له البُسُط، ويوضع عليها الرَّياحين، فيمشي عليها (إِلَى إِيلِيَاءَ) بكسر الهمزة واللَّام، بينهما تحتيَّةٌ ممدودةٌ، وهي بيت المقدس (شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللهُ) بهمزةٍ مفتوحةٍ وموحَّدةٍ ساكنةٍ، أي: أنعم(5) عليه بدفع فارس عنه بعد أن ملكوا الشَّام وما والاها من الجزيرة وأقاصي بلاد الرُّوم، واضطروا هرقل حتَّى ألجؤوه إلى القسطنطينيَّة، وحاصروه فيها مدَّةً طويلةً (فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ) وهو بإيلياءَ (كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلعم ) الَّذي بعثه مع دِحية، فأعطاه دِحية لعظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، فلما وصل إليه (قَالَ حِينَ قَرَأَهُ: التَمِسُوا لِي هَهُنَا(6) أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ لأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) أي: عن نسبه وصفته ونعته وما يدعو إليه.
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) بالسَّند السَّابق: (فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَربٍ) وسقط لغير أبي ذرٍّ «بن حربٍ» (أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ) صفةٌ لـ «رجالٍ» وكانوا ثلاثين رجلًا كما عند الحاكم حال كونهم (قَدِمُوا تِجَارًا) بكسر الفوقيَّة وتخفيف الجيم (فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ)(7) وهي مدَّة صلح الحديبية (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا) بفتح الدَّال، فعلٌ ومفعولٌ (رَسُولُ قَيْصَرَ) برفع «رسولُ» فاعله (بِبَعْضِ الشَّأْمِ) قيل(8): غزَّة(9)، المدينة المشهورة (فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي) رسول قيصر (حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ) وعند ابن السَّكن: وعنده بطارقته والقسِّيسون والرُّهبان (فَقَالَ لِتُـَرْجُمَانِهِ) بفتح التَّاء _وقد تُضَمُّ_ وضمِّ الجيم، وهو المفسِّر لغةً بلغةٍ: (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إليه نَسَبًا. قَالَ) قيصر: (مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي) لأنَّه من بني / عبد منافٍ، وهو الأب الرَّابع له صلعم ولأبي سفيان، ولأبي ذَرٍّ: ”ابن عمٍّ“ بإسقاط الياء وتنوين الميم (وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي. فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ) بهمزةٍ مفتوحةٍ، أي‼: قرِّبوه. زاد في أوَّل الكتاب: «منِّي» [خ¦7] وإنَّما أراد بذلك الإمعان في السُّؤال (وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي) القرشيِّين (فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي) لئلَّا يستحوا(10) أن يواجهوه بالكذب إن كذب(11)، و«كتفِي» بكسر الفاء(12) وتخفيف الياء في الفرع كأصله(13) (ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لأَصْحَابِهِ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ) أبا سفيان (عَنِ) الرَّجل (الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ) في حديثه عنه (فَكَذِّبُوهُ) بتشديد الذَّال المكسورة (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ لَوْلَا الحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ) بضمِّ المثلَّثة بعد الهمزة السَّاكنة، أي: يَروي ويحكي (أَصْحَابِي عَنِّي الكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ) ╕ لبغضي إيَّاه إذ ذاك (وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الكَذِبَ عَنِّي فَصَدَقْتُهُ) بتخفيف الدَّال المهملة (ثُمَّ قَالَ) هرقل (لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟) أي: ما حال نسبه، أهو من أشرافكم أم لا؟ (قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ) عظيمٍ (قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) من قريش (قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. فَقَالَ: كُنْتُمْ) أي: هل كنتم (تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الكَذِبِ) وفي رواية شعيبٍ عن الزُّهريِّ أوَّل هذا الكتاب: فهل كنتم تتَّهمونه بالكذب [خ¦7] (قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ(14) مَلِكٍ؟) بكسر ميم «مِنْ» حرف جرٍّ وكسر لام «ملِك» صفةٌ مشبَّهةٌ، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”مَن مَلَك“ بفتح ميم «مَن» اسمٌ موصولٌ وفتح لام «ملَكَ» فعلٌ ماضٍ (قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ) أي: أهل النَّخوة والتَّكبر منهم (يَتَّبِعُونَهُ) بتشديد الفوقيَّة وإسقاط(15) همزة الاستفهام، وهو قليلٌ (أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ) أي: اتَّبعوه (قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟) وفي رواية شعيبٍ [خ¦7]: «أَمْ» بالميم بدل الواو (قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ) أي: منهم، كما في رواية شعيب (سَخْطَةً لِدِينِهِ) بالنَّصب على الحال، أي: ساخطًا (بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟) أي: ينقض العهد (قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ) أي: مدَّة صلح الحديبية (نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي) بالفوقيَّة، والَّذي في «اليونينيَّة»: بالتَّحتيَّة(16) (كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ) وسقط في رواية شعيبٍ لفظ «أنتقصه به» (لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ) أي: تُروَى (عَنِّي غَيْرُهَا، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أوْ قَاتَلَكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُِوَلًا) بضمِّ الدَّال وكسرها وفتح الواو (وَسِجَالًا) بكسر السِّين وبالجيم، أي: نُوَبًا، نوبةٌ لنا، ونوبةٌ له كما قال: (يُدَالُ عَلَيْنَا‼ المَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الأُخْرَى) بضمِّ أوَّل «يُدال» و«نُدال» بالبناء للمفعول، أي: يغلبنا مرَّةً ونغلبه أخرى (قَالَ: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟) زاد أبو ذرٍّ: ”به“ في رواية(17) (قَالَ) أبو سفيان: فقلت: (يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ) ولأبي الوقت: ”ولا نشرك“ (بِهِ شَيْئًا) بزيادة الواو قبل «لا» (وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) من عبادة الأصنام (وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ) المعهودة (وَالصَّدَقَةِ) المفروضة، وفي رواية شُعيبٍ [خ¦7] «والصِّدق» بدل: «الصَّدقة» (وَالعَفَافِ) بفتح العين: الكفُّ عن المحارم وخوارم المروءة (وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ: أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ) أي: عظيمٍ (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي) أشرف (نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا، فَقُلْتُ) في نفسي: (لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ؛ قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ) أي: يقتدي (بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا. فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ) قبل أن يُظهر(18) رسالته (وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ) بعد إظهارها (وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا. فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ: يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ) بالجمع، وفي رواية شعيبٍ: أبيه [خ¦7] بالإفراد (وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ / يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ) غالبًا (وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ) وفي رواية شعيب: أم (يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ: أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ) فإنَّه لا يزال في زيادةٍ (حَتَّى يَتِمَّ) أمره بالصَّلاة والزَّكاة والصِّيام ونحوها؛ ولذا نزل في آخر سنيِّه ╕ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الاية[المائدة:3] (وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا. فَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ) بفتح المثنَّاة وسكون الخاء المعجمة، وبعد اللَّام المكسورة طاءٌ مهملةٌ (بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ) بفتح الموحَّدة والإضافة إلى ضمير «الإيمان»، و«القلوبَ» نصبٌ على المفعوليَّة، أي: تخالط بشاشةُ الإيمان القلوبَ الَّتي تدخل فيها (لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ) وفي رواية ابن(19) إسحاق: وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبًا فتخرج منه (وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ لَا. وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ يكُونُ دُوَلًا وَيُدَالُ) بالواو، وسقطت لأبي ذَرٍّ (عَلَيْكُمُ المَرَّةَ، وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى) أي: تختبر بالغلبة عليهم(20)؛ ليُعلَم صبرهم (وَتَكُونُ(21) لَهَا) ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي‼ والمُستملي: ”له“ أي: للمبتلى منهم (العَاقِبَةُ. وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟) بإثبات الألف مع «ما» الاستفهاميَّة، وهو قليلٌ، وسبق في أوَّل الكتاب مزيدُ فوائد، فلتُنْظَر (فَزَعَمْتَ: أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَ) أنَّه (يَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ) أي: عن(22) عبادة الأوثان (وَ) أنَّه (يَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ) وللحَمُّويي والكُشْمِيهَنِيِّ: ”والصِّدق“ بدل: ”الصَّدَقَة“ (وَالعَفَافِ وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَالَ) هرقل: (وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ والمُستملي: ”نبيٍّ“ (قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ) قال ذلك لِمَا رأى من(23) علامات(24) نبوَّته الثَّابتة في الكتب السَّابقة (وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”لم أعلم“ (أَنَّهُ مِنْكُمْ) أي: من قريشٍ (وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا؛ فَيُوشِكُ) بكسر الشِّين المعجمة، أي: فيسرع (أَنْ يَمْلِكَ) ╕ (مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ) أرض بيت المقدس، أو أرض ملكه (وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ) بضمِّ اللَّام، أَصِلَ (إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ) بالجيم والشِّين المعجمة، لتكلَّفت (لُقِيَّهُ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”لقاءه“ وفي «مرسل ابن إسحاق» عن بعض أهل العلم: أنَّ هرقل قال: ويحك، والله إنِّي لأعلم أنَّه نبيٌّ مرسلٌ، ولكنْ أخاف الرُّوم على نفسي، ولولا ذاك(25) لاتَّبعته (وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ) وفي رواية عبد الله بن شدَّادٍ عن أبي سفيان: لو علمت أنَّه هو لمشيت إليه حتَّى أقبِّل رأسه، وأغسل قدميه (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا) هرقل (بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) أي: من وَكَّلَ ذلك إليه، أو من يأتي به، وزاد في رواية شعيبٍ عن الزُّهريِّ: الَّذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل [خ¦7] (فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: ╖ ، مِن مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ) قدَّم لفظ العبوديَّة على الرِّسالة؛ ليدلَّ على أنَّ العبوديَّة أقرب طرقِ العباد إليه، وتعريضًا لبطلان قول النَّصارى في المسيح أنَّه ابن الله؛ لأنَّ الرُّسل مستوون في أنَّهم عباد الله (إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ) أهل(26) (الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الإِسْلَامِ) مصدرٌ بمعنى الدَّعوة كالعافية. وفي رواية شعيبٍ: بدعاية الإسلام [خ¦7] أي: بدعوته، وهي كلمة الشَّهادة الَّتي يُدعَى إليها أهل الملل الكافرة (أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ) بكسر اللَّام في الأولى والأخيرة وفتحِها في الثَّانية، وهذا في غاية الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التَّجنيس، فإنَّ «تسلمْ» شاملٌ‼ لسلامته من خزي الدُّنيا بالحرب، والسَّبي، والقتل، وأخذ الدِّيار(27) والأموال، ومن عذاب الآخرة (يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ) أي: من جهة إيمانه بنبيِّه ثم بنبيِّنا محمَّدٍ صلعم ، أو من جهة أنَّ إسلامه سببٌ لإسلام أتباعه (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ) أعرضت عن الإسلام (فَعَلَيْكَ) مع إثمك (إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ) بالهمزة وتشديد / الياء بعد السِّين، جمع يريسي(28)، أي: الأكَّارين، وهم الفلَّاحون والزَّرَّاعون، وللبيهقيِّ في «دلائله»: «عليك إثم الأكَّارين» أي: عليك إثم رعاياك الَّذين يتَّبعونك، وينقادون بانقيادك، ونبَّه بهؤلاء على جميع الرَّعايا؛ لأنَّهم الأغلب وأسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا (وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}) بواو العطف على «أدعوك» أي: أدعوك(29) بداعية الإسلام، وأدعوك بقول الله تعالى: يا أهل الكتاب ({تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ}) نوحِّده بالعبادة، ونخلص له فيها ({وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا}) ولا نجعل غيره شريكًا له في استحقاق العبادة ({وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ}) فلا نقول: عزير ابن الله، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوه من التَّحريم والتَّحليل ({فَإِن تَوَلَّوْاْ}) عن التَّوحيد ({فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:64]) أي: لزمتكم الحجَّة، فاعترفوا بأنَّا مسلمون دونكم، أو اعترفوا بأنَّكم كافرون بما نطقتْ به الكتب، وتطابقت عليه الرُّسل (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى) هرقل (مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ) أي: صياحهم وشغبهم (فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا) بضمِّ الهمزة وكسر تاليها في الموضعين(30) بالبناء للمجهول (فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ(31): لَقَدْ أَمِرَ) بفتح الهمزة وكسر الميم، أي: كبر وعظم (أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ) بفتح الكاف وسكون الموحَّدة، كنية رجلٍ من خزاعة، خالف قريشًا في عبادة الأوثان، فعبد الشِّعرى، فنسبوه إليه؛ للاشتراك في مطلق المخالفة، وقيل غير ذلك ممَّا سبق أوَّل الكتاب في «بدء الوحي» [خ¦7] أي: لقد عظم شأنه (هَذَا مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ) وهم الرُّوم (يَخَافُهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا) بالذَّال المعجمة (مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ) ╕ (سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ قَلْبِي الإِسْلَامَ(32) وَأَنَا كَارِهٌ) أي: للإسلام، وكان ذلك يوم فتح مكَّة، وقد حسن إسلامه، وطاب به قلبه بعد ذلك ☺ .
وهذا الحديث سبق في «بدء الوحي» [خ¦7] مع زيادات مباحث، والله الموفِّق.
[1] في (د): «الزُّبيدي» وهو تحريفٌ.
[2] «قال»: ليس في (د).
[3] في (ب): «عبد» وهو تحريفٌ.
[4] زيد في (ب) و(م): «أبي» وليس بصحيحٍ.
[5] زيد في (ب) و(س) و(ص): اسم الجلالة.
[6] في (م): «هنا».
[7] قوله: «صفة لرجال... قريش» سقط من (ص).
[8] في (د): «قبل».
[9] في (د1) و(ص): «غزوة» وهو تحريفٌ.
[10] في (ب) و(س): «يستحيوا».
[11] «إن كذب»: ليس في (ص).
[12] في (ص): «الكاف» وهو خطأٌ.
[13] «كأصله»: مثبتٌ من (م).
[14] «مِنْ»: ليس في (ص).
[15] في (د): «وأسقط».
[16] قوله: «بالفوقيَّة، والَّذي في اليونينيَّة: بالتَّحتيَّة» سقط من (د1) و(ص).
[17] «في روايةٍ»: مثبتٌ من (م).
[18] في (د): «تظهر».
[19] في (د): «أبي» وليس بصحيحٍ.
[20] في غير (ب) و(س): «عليها».
[21] في (د): «ويكون» وهو خطأٌ.
[22] في (د): «مِنْ».
[23] «من»: ليس في (م).
[24] في (د1) و(م): «علامة».
[25] في (د1) و(ص) و(م): «ذلك».
[26] «أهل»: ليس في (م).
[27] في (ب) و(س): «الذَّراري».
[28] في (ب): «أريسي».
[29] «أي: أدعوك»: ليس في (ب).
[30] كذا ويقصد في الثاني بكسر الراء لا الخاء.
[31] «لهم»: ليس في (د) و(م).
[32] في (م): «الإيمان».