حاشية على مختصر ابن أبي جمرة

حديث: كنا نصلي مع رسول الله فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر

25- قولُه: (مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ) [خ¦385] أي: مِن أجْلِ شِدَّةِ الحرِّ.
          وقوْله: (في مَكَانِ السُّجُوْدِ) أي: مكان وضْعِ الجبْهة مِنَ الأرضِ، ولا دليل في هذا الحديث على رَدِّ قولِ إمامنا الشَّافعيِّ ╩ بمنع السُّجود على طَرَفِ الثَّوْبِ؛ لاحتمال أنَّ الطَّرف الذي يَضَعَه لا يتحرَّك بحركتِه، إمَّا بأنَّه غير محمولٍ للمُصلِّي أو محمولٌ طويلٌ لا يتحرَّك بحركَتِه.
          فإنْ سجدَ على ما هُو محمولٌ لَه ومتحرِّكٌ بحركته عامِداً عالماً بتحريمِه بطَلَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه كالجُزْءِ منْه، وإنْ كان ساهياً أو جاهِلاً لم تَبْطُلْ صلَاتُه وتجبُ إعادة السُّجود.
          وعِنْد الإمام مالكٍ فيه تفصيلٌ، حاصِلُه: إنْ كانَ حامِلاً للثَّوب ومفروشاً على نجسٍ بَطَلَتْ مُطْلقاً سواءٌ تحرَّك بحركته أوْ لَا.
          وإنْ كانَ مفروشاً على طاهرٍ لم تَبْطُلْ مُطْلَقاً مَع الكراهة، ما لم يكُن لشِدَّة الحرِّ والبَرْدِ، وإلَّا فلا كراهة؛ خِلافاً للأُجْهُوريِّ القائل بالكراهةِ مُطْلَقاً.
          وعندَنا السُّجودُ على طرفِ ثَوْبِه الذي لا يتحرَّك بحركتِه خِلَافُ الأَولى.
          واحتجَّ بهذا الحديث أبو حَنيفَةَ ومالكٌ وأحمدُ وإسْحاقُ على جوازِ السُّجودِ على الثَّوب في شِدَّة الحرِّ والبَرْدِ؛ وبه قال عُمر بنُ الخطَّاب(1) وغيرُهُ.
          وهذا الحديثُ ذكَره البخارِيُّ في باب: السُّجود على الثَّوبِ في شدَّةِ الحرِّ.


[1] قوله: «عمر بن الخطاب» زيادة من الأصل و«م»، وفي «ز1»: ابن عمر.