الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء

          1525- الثَّاني: عن الزُّهريِّ عن أبي سلمةَ عن جابرٍ قال: سمعت النَّبيَّ صلعم وهو يحدِّث عن فترة الوحي فقال في حديثه: «فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السَّماء، فرفعت رأسي فإذا الملَك الَّذي جاءني بحِراءٍَ جالسٌ على كرسيٍّ بين السَّماء والأرض، فَجُئثْتُ(1) منه رُعباً! فرجعت فقلت: زَمِّلوني(2)، / زَمِّلوني، فدثَّروني(3)، فأنزل الله ╡: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ...} إلى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:1-5]قبلَ أن تُفترَض الصَّلاة» وهي الأوثانُ. [خ¦4]
          في حديث عُقيلٍ عن ابنِ شهاب: «فَجُئثْتُ منه حتَّى هَوَيْتُ إلى الأرض(4)».
          وفيه: قال أبو سلمة: والرُّجز: الأوثان.
          قال: «ثمَّ حَمِيَ الوحيُ وتتابعَ»، وأوَّلُ حديث عُقيل: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «ثمَّ فتر الوحيُ عنِّي فترةً، فبينا أنا أمشي...» ثمَّ ذكر نحوه. [خ¦3238]
          وفي رواية يحيى بن أبي كثير قال: سألتُ أبا سلمة: أيُّ القرآن أُنزِلَ قبلُ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1] قلت: أوِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]! فقال: سألتُ جابرَ بن عبد الله: أيُّ القرآن أُنزِلَ قبلُ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1] قلت: أوِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]!.
          قال جابر: أحدِّثكم ما حدَّثنا رسول الله صلعم قال: «جاورت بحِراءٍَ شهراً، فلمَّا قضيتُ جواري نزلتُ فاستَبْطَنْتُ بطنَ الوادي، فنوديتُ، فنظرتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، فلم أَرَ أحداً، ثمَّ نوديت، فنظرت فلم أَرَ أحداً، ثمَّ نوديتُ، فرفعتُ رأسي فإذا هو قاعدٌ على عرشٍ في الهواء! _يعني جبريل ◙_ فأخذتني رَجفةٌ(5) شديدةٌ، فأتيتُ خديجةَ، فقلت: دثِّروني، فدثَّروني وصبُّوا / عليَّ ماءً، فأنزل الله ╡: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:1-4]». [خ¦4924]
          وفي حديث عليِّ بنِ المبارك عن يحيى: «فإذا هو جالسٌ على العرش بين السَّماء والأرض». [خ¦4922]


[1] فجُئِثْتُ منه: أي أُفزعت، وجُثِثْتُ بالثاء مثلُه في الفزع، وكذلك خِيفَ الرجلُ ورَبَدَ إذا فزِع.
[2] زمِّلُوني: أي دثِّروني، وكلُّ من لُفِّفَ في شيء فقد زُمِّل.
[3] الدِّثار: ما تدَّثَر به الإنسان فوق الشِّعار.
[4] هَوَيتُ إلى الأرض: أي سقطت، قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم:1] .
[5] فأخذتني رَجفةٌ: أي اضطرابٌ، ومنه يقال: رَجَفت الأرضُ: اضطربت، والبحر رَجَّافٌ لاضطرابه، وأَرْجَفَ الناسُ في الشيء إذا خاضوا فيه، ويُروى: وجْفَة بالواو والوجْفَة والوجِيف: الاضطراب والإسراع، وقلبٌ واجفٌ أي مضطرب.