الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: نهى النبي عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة

          1537- الرَّابع عشر: عن عطاء وأبي الزُّبير عن جابرٍ قال: «نهى النَّبيُ صلعم عن المُخَابَرة والمُحَاقَلَة، وعن المُزَابَنَة، وعن بيع الثَّمر حتَّى يبدوَ / صلاحُه، وألَّا يُباع إلَّا بالدِّينار والدِّرهم إلَّا العَرَايا». [خ¦1487]
          وحديثُ عطاء أتمُّ.
          وفي حديث مخلد بن يزيدَ الجزريِّ عن ابن جُريجٍ: «وعن بيع الثَّمرة حتَّى تُطْعِمَ».
          وفيه: قال عطاء: فسَّر لنا جابرٌ قال: أمَّا المُخَابَرَةُ: فالأرضُ البيضاء يدفعها الرَّجل إلى الرَّجل فينفق فيها ثمَّ يأخذ من الثَّمر، وزعم أنَّ المُزَابَنَةَ: بيعُ الرُّطب في النَّخل بالتَّمر كيلاً، والمُحَاقَلَةَ: في الزَّرع على نحو ذلك، يبيع الزَّرعَ القائمَ بالحبِّ كيلاً.
          وفي رواية زيد بن أبي أُنيسةَ عن عطاءٍ عن جابرٍ: «أنَّ رسولَ الله صلعم نهى عن المحاقلة والمزابنة(1) والمخابرة(2)، وأن يشتريَ النَّخل حتَّى يُشْقِهَ، والإشْقَاه(3) : أن يحمرَّ أو يصفرَّ أو يؤكلَ منه شيءٌ.
          والمُحَاقَلَةُ(4) : أن يُباع الحقلُ(5) بكيلٍ من الطعام معلوم.
          والمُزَابَنَة: أن يُباع النَّخل بأوساقٍ من التَّمر.
          والمُخَابَرَة: الثُّلُث والرُّبع وأشباه ذلك».
          قال زيدٌ: قلت لعطاء: أسمعتَ جابراً يذكرُ هذا عن / رسول الله صلعم؟ قال: نعم.
          وأخرج مسلمٌ من حديث سفيانَ عن عمرو بن دينارٍ عن جابرٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن المُخابرة».
          ومن حديثِ زكريا بنِ إسحاقَ عن عمرٍو عن جابرٍ قال: «نهى رسولُ الله صلعم عن بيع الثَّمر حتَّى يبدوَ صلاحُه».
          ومن حديثِ زهير عن أبي الزُّبير عن جابرٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن بيع الثَّمر حتَّى يطيبَ».
          ولمسلمٍ من حديثِ أبي الوليد سعيدِ بن مِينَاءَ عن جابرٍ قال: «نهى رسول الله صلعم عن المُزَابَنَة والمُحَاقَلة والمُخَابَرة وعن بيع الثَّمرحتَّى يُشْقِح»، قال: قلت لسعيد: ما تُشْقِح؟ قال: تحمارُّ أو تصفارُّ أو يؤكلُ منها.
          وقد أخرج البخاريُّ هذا الفصلَ الأخير وحدَه من رواية سَليم بن حيَّان عن سعيد بن مِيناءَ، عن جابرٍ قال: «نهى النَّبيُّ صلعم أن تباع الثَّمرة حتَّى تُشْقِحَ»، قيل: وما تشقح؟ قال: تحمارُّ أوتصفارُّ أو يؤكلُ منها. [خ¦2196]
          وقد قال أبو مسعود: إنَّه من أفرادِ البخاريِّ، وأخرجه على ذلك.
          وهذا الفصلُ بعينه عند مسلمٍ من هذه التَّرجمة مجموعاً مع ما قد ذُكر معه كما أوردنا، فهو من المتَّفَق عليه.
          هذا وقد ذكر أبو مسعودٍ بعد سطرين من ذِكْرِهِ هذا عن البخاريِّ أوَّلَ الحديثِ / الَّذي هذا الفصلُ فيه، وجعله من أفراد مسلم.
          وأوَّلُه: «نهى النَّبيُّ صلعم عن المُزَابَنَة والمُحَاقَلَة».
          وقال: أخرجه عن عبد الله بن هاشم(6) عن بهز، وهذا هو الَّذي في آخره هذا الفصل.
          وفي رواية أيُّوب عن أبي الزُّبير وسعيد بن ميناءَ عن جابرٍ: «نهى رسول الله صلعم عن المُحَاقَلَة والمُزَابَنَة والمُعَاوَمة(7) والمُخَابَرة _قال أحدُهما: بيع السنين هي المعاومة_ وعن الثُّنْيا، ورخَّص في العرايا(8)».
          وأخرج مسلم من حديث سليمان بن عتيق عن جابر: «أنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن بيع السِّنين».


[1] المزابنة: بيعُ الرُّطب في النخل بالتمر كيلاً.
[2] المخابرة في الأرض البيضاء: أن يدفعَها صاحبُها إلى من يعمُرها وينفق عليها ثم يأخذ من الثمر والزرع جزءاً يتفقان عليه.
[3] الإشقاه: أن يحمرَّ ما في النخل من التمر أو يصفرَّ أو يؤكلَ منها والفعل منه شَقَه يشْقَه.
[4] المحاقلة في الزرع: على نحو ذلك أن يُباع الزرع القائم بالحبِّ كيلاً.
[5] الحقل: الزرع إذا تشعَّبَ ورقُه، وقد يكون الحقلُ الأرض البيضاء وهي القَراح، ولكن قوله عن الحقل: بكيل من الطعام دليل على أنه عنى الزرعَ القائمَ في الحقل، وفي رواية ابن همام عن جابر: الحقولُ كراء الأرض.
[6] تصحَّفت في (ابن الصلاح) إلى: (هشام).
[7] المُعَاوَمَة: بيع السنين.
[8] العرايا: بيع ما تصدق به من ثمر النخل يخرصها تمراً، وقد تقدمت الأقوال في هذا وتفسير بعض ذلك في حديث جابر.