الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما بال دعوى الجاهلية

          1563- الأربعون: عن عمرٍو عن جابرٍ قال: «غزونا مع النَّبيِّ صلعم وقد ثابَ معه ناسٌ من المهاجرين حتَّى كثُروا، وكان من المهاجرينَ رجلٌ لعَّابٌ، فَكَسَع(1) أنصاريَّاً، فغضب الأنصاريُّ غضباً شديداً حتَّى تداعَوا(2) وقال الأنصاريُّ: يا لَلأنصار! وقال المهاجرُ: يا لَلمهاجرين! فخرج النَّبيُّ صلعم فقال: ما بالُ دعوى الجاهليَّةِ؟!(3) ثمَّ قال: ما شأنُهم؟ فأُخبِرَ بكَسْعَة المهاجريِّ الأنصاريَّ، قال: فقال النَّبيُّ صلعم: دعوها، فإنَّها خبيثةٌ! وقال عبد الله بن أُبيِّ ابنِ سَلولَ: / أقد تداعَوا علينا؟! لئن رجَعنا إلى المدينة لَيُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ.
          قال عمر: ألَا نقتلُ يا نبيَّ الله هذا الخبيثَ؟ _لعبدِ الله_ فقال النَّبيُّ صلعم: لا يتحدَّثُ النَّاسُ أنَّه كان يقتلُ أصحابَه». [خ¦3518]
          وفي حديث عبد الرَّزَّاق عن معمر نحوه، إلَّا أنَّه قال: «فأتى النَّبيَّ صلعم فسأله القَوَد(4)، فقال: دعوها، فإنَّها مُنِتنة...» الحديث.
          وأخرجه مسلم من حديث زهير بن معاوية عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قال: «اقتَتَل غلامان: غلامٌ من المهاجرين وغلامٌ من الأنصار، فنادى المهاجرُ _أو المهاجرون_ : يا لَلمهاجرين! ونادى الأنصاريُّ: يا لَلأنصار! فخرج النَّبيُّ صلعم فقال: ما هذا؟! دعوى(5) الجاهليَّة! قالوا: لا يا رسول الله، إلَّا أنَّ غلامين اقتتلا فكَسَع أحدُهما الآخرَ، فقال: لا بأسَ، ولينْصُرِ الرَّجلُ أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فَلْيَنْهَهُ، فإنَّه له نصرٌ، وإن كان مظلوماً فلينصُرْه».


[1] كَسَعَ الرجل: إذا ضرب دُبُرَه باليد أو بالرجل، وكَسَعْتُ القوم في الحرب إذا اتَّبعتَ أدبارهم تضرِبهم بالسيف.
[2] تداعَوا: تنادَوا واستعانُوا بالقبائل بسبب صوتي لهم في ذلك.
[3] دعوى الجاهلية: قولُهم يا آل فلان؛ لأنَّ ذلك من العصبيةِ والخروج من حُكم الإسلامِ والاستنصار به.
[4] أشار في (ابن الصلاح) إلى أنها نسخة (سع)، وفي هامشها (ص: العود).
[5] في (ابن الصلاح): (أدعوى)، وما أثبتناه من باقي الأصول موافق لنسختنا من رواية مسلم.