إرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري

حديث: اخسأ، فلن تعدو قدرك

          276- حَدِيثُهُ: إِنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم مَعَ النَّبِيِّ صلعم قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ(1) يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صلعم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُوْلُ اللهِ؟» فَنَظَرَ إِلَيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوْلُ الأُمِّيِّينَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلعم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُوْلُ اللهِ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلعم: «آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِه» قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «مَاذَا تَرَى؟» قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَالَ النَّبِيُّ صلعم / : «خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ» قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبْأً» قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُ(2)، قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «اِخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اِئْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا خَيْرَ في قَتْلِهِ». [خ¦3055]
           قَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلعم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَأْتِيَانِ النَّخْلَ الَّذِي فِيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ طَفِقَ النَّبِيُّ صلعم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَهُوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ؛ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرِاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ(3)، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلعم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ _وَهُوَ اسْمُهُ_ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: «لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ».
          فِي لَفْظٍ: يَعْنِي: بَيَّنَ مَا عِنْدَهُ. [خ¦3056]
           وَقَالَ سَالِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلعم فِي النَّاسِ، وَأَثْنَى عَلَيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ أَنْذَرْتُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ؛ تَعْلَمُون أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». [خ¦3057]
           وَفِي لَفْظٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ؟ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالَّتِي يَقُولُ: إِنَّها الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ». [خ¦3338]
           فِي لَفْظٍ: «أَنْذَرَ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، ثَلَاثًا: إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ مِنَ اليُمْنَى». [خ¦4402]


[1] كذا في (ب)، وهو رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (وجَدُوهُ).
[2] في هامش (ب): (يَعْنِي بِالدُّخِ: الدُّخَانَ).
[3] كذا في (ب)، وفي «اليونينية»: (رَمْزَةٌ).