غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أسماء بنت أبي بكر

          1523 # أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق، الصَّحابيَّة، بنت الصَّحابيِّ، أمُّ الصَّحابيِّ، بيت الرَّحمة ═ القرشيَّة(1) ، التَّيميَّة، أخت عائشة الصِّدِّيقة، الملقَّبة بذات النِّطاقين، وإنَّما لقِّبت بذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم وأبا بكر ☺ لمَّا أراد الهجرة صنعت أسماء لهما سُفْرةً، فلم تجد ما تشدُّها به، فشقَّت نطاقها، وشدَّت السُّفرة به، فسمَّاها رسول الله صلعم ذات النِّطاقين.
          وقال الكلاباذيُّ(2) : لمَّا أراد رسول الله صلعم وأبو بكر أن يخرجا من الغار الذي كانا فيه، ويقصدا المدينة أتتهما بسفرة، ونسيت أن تجعل [لها] عصاماً، يعني رباطاً، فجعلت نطاقها عصاماً لها، ثمَّ علَّقتها.
          وقال ابن عساكر في معجمه(3) : إنَّها شقَّت نطاقها باثنين(4) ، فربطت بواحد السِّقاء، وبواحد السُّفرة؛ لأنَّها لم تجد ما تربطهما(5) به.
          قال الكرمانيُّ(6) : وقيل: بل جعلت الباقي نطاقاً لها.
          وهي أمُّ عبد الله، وعروة. روت عن رسول الله صلعم ستَّة وخمسين حديثاً، نقل عنها البخاريُّ في صحيحه ثمانية.
          روى عنها: ابنها عروة، ومولاها عبد الله بن كيسان، وعبد الله بن أبي مليكة، وفاطمة بنت المنذر(7) ، وصفيَّة بنت شيبة.
          نقل عنها البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب من أجاب الفتيا، من كتاب العلم [خ¦86] .
          قال ابن الأثير(8) : أسماء هي زوجة الزُّبير بن العوَّام، وأمُّها قَتْلَةُ، أو قتيلة بنت عبد العزَّى(9) ، وكانت أسنَّ من عائشة، وعاشت بعد عائشة، وهي أختها من أبيها، وكان عبد الله بن أبي بكر شقيقها.
          قال أبو نعيم(10) : ولدت قبل التَّاريخ بسبع وعشرين سنة، وكان عمر أبي بكر لمَّا ولدت نيِّفاً وعشرين سنة، وأسلمت بعد سبعة عشر إنساناً، وهاجرت إلى المدينة وهي حامل بعبد الله بن الزُّبير، فوضعته بقباء، وفرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً، وكبَّروا؛ لأنَّهم قيل لهم: إنَّ اليهود سحروا المسلمين، فلا يلد لهم ولد، فهي أوَّل مهاجرة ولدت بعد الهجرة، ثمَّ إنَّ الزُّبير طلَّقها، وذلك أنَّ(11) عبد الله قال لأبيه الزُّبير: مثلي لا توطأ أمُّه. وقيل: إنَّه كانت أسنَّت وكبرت. وقيل: إنَّ الزُّبير ضربها، فصاحت بابنها عبد الله، فأقبل نحوها، فلمَّا رآه أبوه، قال له أبوه: أمُّك طالق إن دخلت. فقال عبد الله: تجعل أمِّي عرضة ليمينك. فدخل وخلَّصها منه، فبانت منه. قال: وأسماء عاشت، وطال عمرها، وعميت، / (وبقيت) إلى أن قتل ابنها الحجَّاجُ بن يوسف _كما ذكرنا في ترجمته_ وعاشت بعده عشرة أيَّام، أو عشرين، أو بضعة وعشرين، حتَّى أتى جواب عبد الملك بن مروان بإنزال عبد الله من الخشبة، وخبرها كما ذكرنا مع ابنها لمَّا استشارها في قبول الأمان من الحجَّاج. قال ابن الأثير(12) : يدلُّ على عقل كثير، ودين متين، وقلب صبور قويٍّ على احتمال الشَّدائد.
          قال الكرمانيُّ: هي أكبر من عائشة بعشر سنين، أسلمت بمكَّة قديماً، وتزوَّجها الزُّبير بمكَّة قبل الإسلام، وما ادَّخرت قطُّ شيئاً لغد، ووقف عبد الله على الباب يوماً، فلمَّا جاءه الزُّبير ليدخل البيت منعه، فسأله عن ذلك: فقال: ما أدعك تدخل حتَّى تطلِّق أمِّي. فامتنع الزُّبير، فأبى عبد الله إلَّا طلاقها، فسأل عن السَّبب، فقال: مثلي لا يكون له أمٌّ توطأ. فطلَّقها، وهي، وابنها، وأختها، وأبوها، وجدُّها صحابيُّون، وليس لأحد من الصَّحابة هذه المنقبة _كما مرَّ_ وكانت من أعلم النَّاس بتعبير الرُّؤيا، وتعلَّمته من أبيها أبي بكر ☻ وعاشت نحو مئة سنة، توفِّيت سنة ثلاث، أو أربع وسبعين.


[1] في (ن): (وعن القرشية).
[2] الهداية والإرشاد:2/847.
[3] معجم الشيوخ:1/394، دار البشائر، وتاريخ دمشق:69/11.
[4] في غير (ن): (اثنين).
[5] في (ن): (تربطها).
[6] شرح البخاري:2/66.
[7] جاء في الأصول بعد (المنذر) بياض بمقدار كلمة أو كلمتين ثم (ابن أسماء) وأثبت المصنف فيه كلمة (كذا). ولم أجد أحداً روى عن أسماء ♦ من اسم أمه أسماء.
[8] أسد الغابة:7/8.
[9] في (ن) تصحيفاً: (عبد العزيز).
[10] في الحلية:2/55.
[11] في (ن): (وذلك فإن).
[12] أسد الغابة:7/8.