غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

فاختة بنت أبي طالب

          1548 # فاختِةُ بنت أبي طالب، ويقال: اسمها هند. والأوَّل الأكثر الأصحُّ، أمُّ هانئ، أخت عليِّ بن أبي طالب من الأبوين، الهاشميَّة، المدنيَّة.
          أسلمت عام الفتح، وكانت تحت هُبيرة بن أبي وَهْب، فولدت له جَعْدَةَ بن هبيرة، والد يحيى، وكان جعدة والياً على خراسان من قبل عليٍّ، وجعدة أخو عمرو(1) ، وبه يكنَّى هبيرة، وكان يقال لهبيرة: أبو عمرو. ولدت له عمراً، ويوسف، وهانئاً، وولد لجعدة أيضاً عُبيد الله، والحَسَن، وعليٌّ، والحارث، وجعفر، ولا يعرف لأمِّ هانئ / بنت، ولها ابن ابن يقال له: هارون. وأمَّا(2) هبيرة بن أبي وهب فإنَّه أقام بنجران حتَّى مات مشركاً، ولمَّا بلغه إسلام هند، (يعني) أمَّ هانئ، أنشد أبياتاً منها _من البحر الطَّويل_:
أشاقتْكَ هندٌ أمْ نآك سؤالُها                     كذاك النَّوَى أسبابُها(3) وانفِتالُها
وقد أَرَّقتْ في رأسِ حِصْنٍ ممرَّدٍ                     (بِنَجْرانَ) يَسْرِي بعدَ ليلٍ خيالُها
فإن كنتِ قد تابعتِ دينَ محمَّدٍ                     وقطِّعَتِ الأرحام منك حبالُها
فكوني على أعلى سَحيقٍ بهضبةٍ                     مُلَمْلَةٍ غبراءَ يُبْسٍ تِلاَلُها
وعاذلةٍ هبَّتْ بليلٍ تلومُني                     وتعذِلُني باللَّيل ضلَّ ضلالُها
وتزعم أنِّي إن أطعتُ عشيرتي                     سَأرْدَى وهل يُرْدِيْنِ إلَّا زوالُها
          ولمَّا فرَّ عام الفتح من مكَّة إلى نجران، قال معتذراً _من البحر الطَّويل_:
لعمرُكَ ما ولَّيْتُ ظهري محمَّداً                     وأصحابَه جُبناً ولا خِيفةَ القتلِ
ولكنَّني قلَّبْتُ أمري فلم أَجِدْ                     لسيفي غَنَاءً إن ضربتُ ولا نَبْلي
وقفتُ فلمَّا خِفْتُ ضَيْقَةَ موقفي                     رجعتُ لعَوْدٍ كالهِزَبْرِأبي الشِّبْلِ
          قال خلف الأحمر: أبيات هبيرة في الاعتذار خير من قول الحارث بن هشام _من البحر الكامل_:
الله يعلم(4) ما تركتُ قتالَهم                     حتَّى عَلَوا فَرَسي بأشقرَ مُزْبِدِ(5)
           قال الأصمعي: بل قول الحارث أحسن في الاعتذار.
          روت أمُّ هانئ ستَّة وأربعين حديثاً.
          قال عبد الرَّحمن بن أبي ليلى: ما أخبرني أحد أنَّه رأى النبي صلعم صلَّى الضُّحى إلَّا أُّم هانئ فإنَّها حدَّثت أنَّه صلعم دخل بيتها يوم فتح مكَّة، فاغتسل، فسبَّح ثمان ركعات، ما رأيته صلَّى صلاة أخفَّ منها إلَّا أنَّه كان يتمُّ الرُّكوع والسُّجود.
          قال حمَّاد بن سلمة: إنَّ النَّبيَّ صلعم استسقى أمَّ هانئ، فشرب، ثمَّ ناولها، فكرهت أن تردَّ فضلته، فشربت وهي صائمة، وخطبها رسول الله صلعم، فقالت(6) : والله إنِّي لأحبُّك في الجاهليَّة، فكيف في الإسلام؟! ولكنَّني امرأة ذات أولاد. فسكت صلعم.
          وقيل: اسمها عاتكة، بالمهملة. وقيل: فاطمة أيضاً.
          روى عنها عبد الرَّحمن بن أبي ليلى.
          نقل عنها البخاريُّ بالواسطة، في باب التَّستُّر عند الغسل من كتاب الغسل [خ¦280] .
          وهانئ، بالهاء، بعد الألف نون، آخره همزة.
          ماتت أمُّ هانئ في خلافة معاوية.


[1] في (ن): (عمراً) وفي غيرها: (عمر) وكذلك في كل المواضع التي ذكر فيها.
[2] في (ن) تصحيفاً: (وأقام).
[3] في (ن): (أسيالها).
[4] في غير (ن): (أعلم).
[5] الشعر في مغازي الواقدي:2/849، على خُلْف في رواية الأبيات، مع زيادة فيها، وكذا الشعر مع ترجمة هند في أسد الغابة:7/209، 280، وفيه: (أتاك) بدل (نآك)، و(بلالها) وجاء في الأصول: (ببشرى لها من بعد ليلٍ خيالها) والمثبت يوافق المصادر كلها، ولم يذكر في ترجمة هند إلا البيتين الأولين ثم استكملها في الكنى عند أم هانىء، وكذا الشعر بعده فيه:7/393. وجاء في بيت الحارث بن هشام: (نأشهر) بدل (بأشقر)، وأتى الناسخ بحاشية طويلة، نقلها من كتاب المعارف لابن قتيبة، ساق فيها ترجمة الحارث مع شيء من شعره، وشعر حسان بن ثابت فيه، عندما انهزم في غزوة بدر، ثم ذكر إسلامه يوم فتح مكة، وخروجه إلى الشام؛ حتى مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، فلتنظر هناك.
[6] في (ن) تصحيفاً: (فقال).