-
مقدمة المصنف
-
باب الألف
-
باب الباء
-
باب التاء
-
باب الثاء
-
باب الجيم
-
باب الحاء
-
باب الخاء
-
باب الدال
-
باب الذال
-
باب الراء
-
باب الزاي
-
باب السين
-
باب الشين
-
باب الصاد
-
باب الضاد
-
باب الطاء
-
باب الظاء
-
باب العين
-
باب الغين
-
باب الفاء
-
باب القاف
-
باب الكاف
-
باب اللام
-
باب الميم
-
باب النون
-
باب الهاء
-
باب الواو
-
باب اللام ألف
-
باب الياء
-
أسماء النساء
-
أسماء بنت أبي بكر
-
أمة بنت خالد
-
بريرة بنت صفوان
-
جويرية بنت الحارث
-
حفصة بنت عمر
-
حفصة بنت سيرين
-
خديجة بنت خويلد
-
خنساء بنت خذام
-
خولة بنت قيس
-
الربيع بنت معوذ
-
رملة بنت أبي سفيان
-
الرميصاء بنت ملحان
-
زينب بنت جحش
-
زينب بنت خزيمة
-
زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
زينب بنت أبي سلمة
-
سبيعة بنت الحارث
-
سودة بنت زمعة
-
صفية بنت حيي
-
صفية بنت شيبة
-
عائشة بنت أبي بكر الصديق
-
عائشة بنت سعد بن أبي وقاص
-
عائشة بنت طلحة
-
عمرة بنت عبد الرحمن
-
غزية بنت جابر حكيم
-
الغميصاء بنت ملحان
-
فاختة بنت أبي طالب
-
فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم
-
فاطمة بنت المنذر
-
لبابة بنت الحارث
-
معاذة بنت عبد الله
-
ميمونة بنت الحارث
-
نسيبة بنت كعب
-
هجيمة بنت حيي
-
هند بنت أبي أمية
-
هند بنت الحارث
-
أسماء بنت أبي بكر
-
الأنساب والكنى
-
باب في بيان أسماء من تفرد به مسلم في صحيحه
-
باب في بيان الكنى التي تفرد بذكرها مسلم
-
من كنى النساء
1527 # حفصة بنت عمر بن الخطَّاب ☻ أمُّ المؤمنين، وأمُّها وأمُّ أخيها عبد الله زينبُ بنت مظعون، أخت عثمان بن مظعون، وكانت من السَّابقات المهاجرات، وكانت أوَّلاً تحت خُنَيْسِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمي، بضمِّ المعجمة، وفتح النُّون، [بعد التَّحتيَّة المثنَّاة معجمة، وضبطه الزُّهريُّ بفتح المعجمة، وكسر النُّون،] وكان ممَّن شهد بدراً، وتوفِّي بالمدينة من جروحٍ أصابته يوم بدر، وقيل: يوم أحد. والأوَّل _كما قال ابن سيِّد النَّاس(1)_ أشهر.
ولدتْ قبل النُّبوَّة بخمس سنين، وتزوَّجها صلعم في شعبان، على رأس ثلاثين شهراً من الهجرة، على القول الأوَّل، وبعد أُحُد على القول الثَّاني، وعرضها عمر على أبي بكر، فلم يردَّ عليه شيئًا، فغضب من ذلك، ثمَّ عرضها على عثمان، وقال: هل لك في حفصة بنت عمر؟ فقال: سأنظر في ذلك. ثمَّ لبث عثمان أيَّاماً، ثم لقي عمر، فقال: ما أريد أن أتزوَّج يومي هذا. فشكاه عمر إلى رسول الله صلعم، فقال: «يا عمر، يتزوَّج(2) حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوَّج عثمان من هي خير من حفصة». ثمَّ خطب حفصة رسول الله صلعم إلى عمر فتزوَّجها، وزوَّج عثمان أمَّ كلثوم بنت رسول الله صلعم، فلقي أبو بكر عمر، فقال: لا تَجِدْ عليَّ في نفسك، فإنَّ رسول الله صلعم كان قد ذكر حفصة، فلم(3) أكن لأفشي(4) سرَّ رسول الله صلعم، فلو تركها لتزوَّجتها.
وذكر الطَّبريُّ _في مناقب أمَّهات المؤمنين_ أنَّ عمر عرضها أوَّلاً على عثمان، ثمَّ على أبي بكر، وروى عن رِبْعِيِّ بن خراش، عن عثمان أنَّه خطب إلى عمر ابنته، فردَّه، فبلغ ذلك النَّبيَّ صلعم، فلمَّا راح إليه قال: «يا عمر، أدلُّك على ختن خير لك من عثمان، وأدلُّ عثمان على ختن خير له منك». قال: نعم، يا نبي الله. قال: تزوِّجني ابنتك، وأزوِّج عثمان ابنتي». قال الطَّبريُّ(5) : وهذه الأحاديث الثَّلاثة توهم التَّضادَّ، والجمع ممكن بأن يكون عرض على عثمان أوَّلاً، فلم يجبه إلى سؤاله، وقد كان عثمان سمع النَّبيَّ صلعم يذكرها، ثمَّ فهم عنه تركها، فخطبها إذ ذاك، فردَّه عمر، فبلغ ذلك النَّبيَّ صلعم، وجاءه عمر ذاكراً له الحال الأوَّل؛ (لشدَّة تألُّمه به)، فقال صلعم لعمر تلك المقالة جبراً لهما.
قال قيس بن زيد: إنَّ النَّبيَّ صلعم طلَّق(6) حفصة، فدخل عليها خالاها قُدامة وعثمان ابنا مظعون، فبكت، وقالت: والله ما طلَّقني عن سَبَع. بفتح المهملة، وفتح الموحَّدة، آخرها مهملة، أي نقص وعيب، وجاء النَّبيُّ صلعم فتجلببت(7) ، فقال: «قال لي جبريل: راجع حفصة، فإنَّها صوَّامة قوَّامة، وإنَّها زوجتك في الجنَّة».
وقال عمَّار بن ياسر: أراد رسول الله صلعم أن يطلِّق حفصة، فجاءه جبريل، فقال: لا تطلِّقها، فإنَّها صوَّامة قوَّامة، وإنَّها زوجتك في الجنَّة.
قال الطَّبريُّ: والحديثان متضادَّان، ويمكن الجمع بينهما بأن يكون النَّبيُّ صلعم / أراد الطَّلاق، وهمَّ به، فظنَّته حفصة والنَّاس، ثمَّ أمر بالتَّرك، فظنَّ النَّاس أنَّه أمر بالرَّجعة، أو أطلق عليه الرَّجعة لوجود حقيقتها، إذ هي عبارة عن العود إلى ما كان. قلت: هذا كلام حسن، لكن ذكر ابن سيِّد النَّاس(8) _عن عمَّار_ أنَّه طلَّقها، ثمَّ راجعها رحمة لعمر، ثمَّ أراد أن يطلِّقها ثانية، فقال له جبريل: لا تطلِّقها. الحديث، فظهر أنَّهما واقعتان، لا واقعة واحدة، فلا تضادَّ، وظهر الجمع.
قال عقبة بن عامر: طلَّق رسول الله صلعم حفصة، فبلغ ذلك عمر، فحثا على رأسه التُّراب، وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها. فنزل جبريل من الغد، فقال: إنَّ الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر. قال ابن الأثير(9) _نقلاً عن ابن عمر_: إنَّ عمر دخل على حفصة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ لعلَّ(10) رسول الله صلعم طلَّقك، [إنَّه كان طلَّقك مرَّة، ثمَّ راجعك من أجلي، إن كان طلَّقك] لا أكلِّمك أبداً.
وأوصى عمر إلى حفصة بعد موته، وأوصت حفصة إلى أخيها عبد الله بن عمر ما أوصى إليها عمر، وبصدقة تصدَّق بها عمر بمال وقفه بالغابة.
قال الطَّبريُّ: مدحتها عائشة، وقالت: إنَّها ابنة أبيها؛ لما روى الزُّهريُّ، قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين، وأهدي لهما طعام، فأكلتا منه، فدخل عليهما النَّبيُّ صلعم، قالت عائشة: فبدرتني(11) حفصة، (وكانت ابنة أبيها،) فقالت: يا رسول الله، أهدي لنا طعام، فأكلنا. فتبسَّم صلعم، وقال: «صوما يوماً آخر مكانه». قلت: الأمر للاستحباب، كما يليق بشأن فضلهما، وإلَّا فقد صحَّ أنَّه صلعم قال: «الصَّائم المتطوِّع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر» وروي أمين، بالنُّون والرَّاء(12) ، وأمَّا قوله ╡: {لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد : 33] أراد الإبطال بالرِّياءِ، أو النَّهيُ للنُّدب جمعاً بين الكتاب والسُّنَّة، فتأمَّل، فقد وقع التَّصريح، هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلَّا إن أن تطوَّع». وفي استثناء الحديث بحث(13) شريف، تركناه خوف الإطالة؛ لأنَّه يصلح أن يكون الحديث حجَّة للمذهبين.
قال في مناقب أمهات المؤمنين: شهد بدراً من بيت حفصة سبعة أنفس: أبوها عمر، وعمُّها زيد، وزوجها خُنيس، وأخوالها الثَّلاثة، عثمان، وعبد الله، وقدامة بنو مظعون، وابن خالها السَّائب بن عثمان.
قال ابن حزم: روت حفصة ستِّين حديثاً.
قال الكلاباذيُّ(14) : روى عنها أخوها عبد الله، نقل البخاريُّ عنها(15) بالواسطة في مواضع، أوَّلها، في كتاب الصَّلاة [خ¦618] .(16)
[تكلمة:]
فإن قلت: لم طلَّق النَّبيُّ صلعم حفصة؟ قلت: قد مضى أنَّها حلفت لخاليها أنَّه ما طلَّقها لنقص، حاشاها وحاشى أهل بيتها الطَّاهرين، رضوان الله عليهم أجمعين، وحشرنا في زمرتهم، يا ربَّ العالمين، ثمَّ السَّبب في ذلك إظهار حفصة سرَّ النَّبيِّ صلعم في / قوله تعالى: { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } [التحريم:3] كما صرَّح [به] الزَّمخشريُّ، والنَّسفيُّ، والبغويُّ، قال محيي السُّنَّة(17) : كان صلعم يقسم بين أزواجه، فلمَّا كان يوم حفصة استأذنت في زيارة أبيها(18) ، فأذن لها، فلمَّا خرجت بعث إلى جاريته مارية القبطيَّة أمِّ إبراهيم، فأدخلها بيت حفصة، ووقع عليها، فلمَّا رجعت وجدت الباب مغلقاً، فجلست عند الباب تبكي، فخرج صلعم ووجه يقطر عرقاً، فقال: «ما يبكيك؟» قالت: إنَّما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي، ثمَّ وقعت عليها في يومي على فراشي، أما رأيت لي حرمة وحقًّا؟ ما كنت تصنع هذا بامرأة منهنَّ. فقال صلعم: «أليست هي جاريتي، قد أحلَّها الله لي؟» قالت: بلى. قال: «اسكتي، فهي حرام عليَّ». والتمس بذاك رضاها «ولا تخبري بهذا امرأة منهنَّ». فلمَّا خرج قرعت حفصة الجدار بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشِّرك أنَّ رسول الله صلعم قد حرَّم عليه جاريته مارية؟ وقد أراحنا الله منها. وكانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النَّبيِّ صلعم، وفي هذا أنزل الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ } [التحريم:1] ولمَّا قال لحفصة ذلك، قال: «اكتمي عليَّ، وأبشِّرك أنَّ أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمَّتي». فلمَّا أخبرت بذلك عائشة وما كتمتها طلَّقها صلعم، واعتزل نساءه تسعاً وعشرين ليلة في بيت مارية. قاله في الكشَّاف، زاد محيي السُّنَّة: في مَشْرُبة أمِّ إبراهيم القبطيَّة، حتَّى نزلت آية التَّخيير، فلمَّا بلغ عمر ذلك، قال: (أما) لو كان في آل الخطَّاب خير ما طلَّقك رسول الله صلعم. فجاءه جبريل، وأمره بمراجعتها.
قال ابن عبَّاس: لم أزل حريصاً(19) على أن أسأل عمر بن الخطَّاب عن المرأتين من أزواج النَّبيِّ صلعم اللتين قال الله تعالى فيهما: { إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [التحريم:4] حتَّى حجَّ، وحججت معه، وعدل وعدلت بإداوة، فتبرَّز ثمَّ جاء، فسكبت على يديه فتوضَّأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان قال الله تعالى فيهما: { إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ } الآية؟ قال: واعجباً (لك) يابن العبَّاس(20) ، هما عائشة وحفصة. ثمَّ ساق(21) الحديث، فقال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أميَّة بن زيد، من عوالي المدينة، نتناوب النُّزول إلى رسول الله صلعم، فإذا نزلت جئته بما حدث ذلك (اليوم)، وإذا (نزل) فعل كذلك، وكنَّا معشر قريش نغلب النِّساء، فلمَّا قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن(22) من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إنَّ أزواج النَّبيِّ صلعم ليراجعنه، وإنَّ إحداهن لتهجره / إلى اللَّيل. قال: فأفزعني ذلك، وقلت: خاب من فعل ذلك منهنَّ. ثمَّ جمعت عليَّ ثيابي، فنزلت على حفصة، وقلت: أتغاضب إحداكنَّ رسول الله اليوم حتَّى اللَّيل؟ قالت: نعم. قلت: قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكي، لا تستكثري النَّبيَّ، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك، ولا يغرَّنَّك أنَّ جارتك أوضأ منك، وأحبُّ إلى النَّبيِّ _يريد عائشة_ وكنَّا نتحدَّث أن غسَّان تُنْعِلُ الخيل لتغزونا، فنزل الأنصاريُّ يوم نوبته، فرجع إلينا عشاء، فضرب بابي ضرباً شديداً، وقال: أثَمَّ هو؟ ففزعت، فخرجت إليه، فقال: قد حدث اليوم أمر عظيم. قلت: ما هو، أجاء غسَّان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهول، طلَّق النَّبيُّ صلعم أزواجه. فقلت: خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظنُّ أنَّ هذا يوشك أن يكون. فجمعت ثيابي، وصلَّيت الفجر مع النَّبيِّ صلعم، فدخل (على) مشربة له، فاعتزل فيها، فدخلت على حفصة، فإذا هي تبكي، فقلت: ما يبكيك، ألم أكن حذَّرتك(23) هذا، أطلَّقكنَّ رسول الله؟ قالت: لا أدري، هاهو ذا معتزل في المشربة. فجئت إلى المنبر، فإذا حوله رهط يبكي [بعضهم] ، فجلست بينهم قليلاً، ثمَّ غلبني ما أجد، فجئت المشربة التي فيها رسول الله صلعم، فقلت لغلام [له] أسود: استأذن لعمر. فدخل الغلام، فكلَّم النَّبيَّ صلعم، ثمَّ رجع، وقال: ذكرت له فَصَمت. فانصرفت حتَّى جلست مع الرَّهط الذين عند المنبر، ثمَّ غلبني ما أجد، فجئت الغلام، فقلت: استأذن لعمر. فدخل ورجع، وقال: ذكرتك له فَصَمَت. فلمَّا ولَّيت منصرفاً إذا الغلام(24) يدعوني، فقال: [قد] أذن لك. فدخلت، فإذا رسول الله صلعم مضطجع على رُمَالِ حصير، ليس بينه وبينها(25) فراش، قد أثر الرُّمَال بجنبه، متَّكئاً على وسادة من أدم، حشوها ليف، فسلَّمت عليه، ثمَّ قلت _وأنا قائم_: (يا رسول الله، طلَّقت نساءك؟ فرفع إلي بصره وقال: «لا». فقلت: الله أكبر. ثمَّ قلت _وأنا قائم،) أستأنس برسول الله_: يا رسول الله، لو رأيتنا وكنَّا معشرَ قريش نغلب النِّساء، فلمَّا قدمنا المدينة إذا قوم تغلبهم نساؤهم. فتبسَّم صلعم، ثمَّ قلت: يا رسول الله، لو رأيتني دخلت على حفصة، وقلت لها: لا يغرَّنَّك أنَّ جارتك أوضأ منك، وأحبُّ إلى النَّبيِّ صلعم _أريد عائشة_ فتبسَّم تبسمة أخرى، فجلست حين(26) رأيته تبسَّم، فرفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيت شيئاً يردُّ البصر غيرَ أَهَبَةٍ ثلاثةٍ، فقلت: يا رسول الله، ادع الله فليوسِّع على أمَّتك، فإنَّ فارساً والرُّوم قد وسِّع عليهم، وأعطوا الدُّنيا، وهم لا يعبدون الله. فجلس النَّبيُّ صلعم، وكان متَّكئاً، فقال: «أو في هذا / [أنت] يابن الخطَّاب، إنَّ أولئك قوم عجِّلت لهم طيِّباتهم في الدُّنيا». فقلت: استغفر لي. [قال:] فاعتزل [النَّبيُّ] صلعم نساءه لأجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعاً وعشرين ليلة، ثمَّ بدأ بعائشة(27) ، ونزل إليها، وأنزل الله تعالى { إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } الآية(28) .
تذنيب:
روى محيي السُّنَّة(29) عن عائشة أنَّها قالت: كان صلعم يحبُّ الحلواء والعسل، وكان إذا صلَّى العصر دار على نسائه، فيدنو منهنَّ، فدخل على حفصة، فاحتبس عندها أكثر ممَّا كان يحتبس، فسألتُ عن ذلك، قيل لي(30) : أهدت (لها) امرأة من قومها عُكَّةَ عسل، فسقت رسول الله صلعم منه شربة. فقلت: أما والله لَنحتالَنَّ له. فذكرت ذلك لسودة، وقلت: إذا دخل عليك، فإنَّه سيدنو منك، فقولي له: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ فإنَّه سيقول: لا. فقولي: ما هذا الرِّيح؟ وكان صلعم يشتدُّ عليه أن يوجد منه الرِّيح، فإنَّه سيقول: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي [له] : جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ. وسأقول ذلك، وقولي ذلك أنت يا صفيَّة، فلمَّا دخل على سودة، قالت سودة لعائشة: والله الذي لا إله إلَّا هو لقد كدت أن أباديه بالذي قلت لي، وإنَّه لَعَلَى الباب خوفاً منك يا عائشة. قالت سودة: فلمَّا دنا منِّي صلعم قلت: يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: «لا». قالت: فما بال هذا الرِّيح؟ قال: «سقتني حفصة شربة عسل». قالت: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ. فلمَّا دخل عليَّ، قلت له مثل ذلك، ودخل على صفيَّة، فقالت له مثل ذلك، فلمَّا دخل على حفصة قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك من العسل؟ قال: «لا حاجة إليَّ(31) به». قالت سودة: سبحان الله، لقد حرمناه. قالت عائشة: فقلت لها: اسكتي. فأنزل الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ } [التحريم: 1] الآية. وفي رواية أنَّه احتبس عند زينب بنت جحش، وهي التي أسقته العسل، إلى آخر القصة.
توفِّيت حفصة حين بايع الحسن بن عليٍّ معاوية، وذلك في جمادى الأولى، سنة خمس وأربعين، وصلَّى عليها مروان بن الحكم، وهو أمير على المدينة، وقيل: في شعبان، عن ستِّين سنة. وقيل: سنة إحدى وأربعين. وقيل: سبع وعشرين، في خلافة عثمان.
[1] عيون الأثر:2/369.
[2] في (ن): (تزوج).
[3] في (ن): (فلن).
[4] في غير (ن): (أفشي).
[5] السمط الثمين للمحب الطبري: ص 126.
[6] قوله حفصة ♦: والله ما طلقني عن سَبَع، كذا في السمط السمين: ص127، وفي سائر المصادر(ما طلقني عن شبع)، وروايتنا _والله أعلم_ هي الوجه والجادة، وما سواه أظنه تصحيفاً عن (سَبَع) لأن في كلمة (شبع) تنقصاً من جناب النبي صلعم فإنه لم يتكثر من النساء، ليشبع نهمته وشهوته، وإنما هو أمر من الله، فلم يبق إلا أن تكون مصحفة، والله أعلم.
[7] في (ن): (فتجلت).
[8] عيون الأثر:2/384.
[9] أسد الغابة:7/67.
[10] في (ن): (لعلك).
[11] في (ن) تصحيفاً: (مذ رأتني).
[12] في غير (ن): (وبالراء).
[13] في غير (ن): (بحديث) وهو تصحيف.
[14] الهداية والإرشاد:2/840.
[15] في غير (ن): (عنها البخاري).
[16] في (ن) هنا بياض مقدار كلمتين أو ثلاث.
[17] معالم التنزيل:8/162.
[18] في غير (ن): (أمها).
[19] في (ن): (لم أزل كنت حريصاً).
[20] في غير (ن): (يا بن عباس).
[21] الحديث بطوله في صحيح البخاري برقم (2468)، مع خُلف في حروف يسيرة، وهو في كتاب المظالم، باب الغرفة والعلِّية المشرفة.
[22] في غير (ن): (تأخذ).
[23] في غير (ن): (حدثتك).
[24] في غير (ن): (إذ الغلام).
[25] في (ن): (بينه وبينه).
[26] في (ن): (حتى).
[27] في (ن): (لعائشة).
[28] الحديث ساقه البخاري أيضاً في النكاح برقم (5191)، باب موعظة الرجل ابنته.
[29] محاسن التأويل:8/159، والحديث في صحيح البخاري برقم (5268).
[30] في (ن) تصحيفاً: (فقيل له).
[31] في غير (ن): (لي).