غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

          1537 # زينب بنت رسول الله صلعم، هي أكبر بناته، وأمُّها خديجة بنت خويلد.
          قال ابن الأثير(1) : ولا اعتبار بمن شذَّ، فقال: ليست زينب أكبر بناته. وإنَّما الخلاف بين القاسم وزينب، أيُّهما أكبر؟ وهاجرت بعد بدر، وولدت من أبي العاص بن الرَّبيع _واسمه لقيط(2) على المرجَّح_ ابناً اسمه عليٌّ، توفِّي وقد ناهز الاحتلام، وكان رديف رسول الله صلعم يوم الفتح، وولدت له أيضاً [أمامة] .
          قالت عائشة: وكان الإسلام قد فرَّق بين زينب وبين أبي العاص حين أسلمت، إلَّا أنَّ رسول الله صلعم كان لا يقدر أن يفرِّق بينهما؛ لأنَّه كان بمكَّة لا يُحِلُّ ولا يُحَرِّم، فلمَّا أسلم أبو العاص ردَّ عليه زينب بعد سنين.
          فقال ابن عبَّاس: ردَّها عليه بالنِّكاح (الأوَّل)، ولم يحدث صداقاً. وعن الحجَّاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه: ردَّها عليه بمهر جديد(3) .
          قال ابن سيِّد النَّاس(4) : وكان في أسارى بدر أبو العاص بن الرَّبيع، فبعثت زينب قلادة لها كانت لخديجة، أدخلتها بها عليه حين بنى بها، فلمَّا رأى القلادة رسول الله صلعم رقَّ لها رقَّة شديدة، وتذكَّر أيَّام خديجة، وكان قصد زينب أن تفدي زوجها بالقلادة، فقال صلعم لأصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لزينب أسيرها، وتردُّوا عليها قلادتها». فقالوا: نعم [نعم يا رسول الله] . فأطلقوه، وردُّوا عليها الذي لها، وأخذ رسول الله صلعم على أبي العاص أن يخلِّي سبيل زينب إليه، فأجابه إلى ذلك، فبعث صلعم زيد بن حارثة، ورجلاً من الأنصار، فقال: «كونا ببطن يأجَج حتَّى تمرَّ بكما زينب، فتصحباها حتَّى تأتيا بها».
          ولمَّا توفِّيت زينب دخل قبرها رسول الله صلعم وهو مهموم مغموم، فلمَّا خرج سرِّي عنه، فسئل عن ذلك؟ فقال: «ذكرت زينب وضعفها، فسألت الله تعالى أن يخفِّف عنها ضيق القبر وغمِّه، ففعل، وهوَّن عليها». توفِّيت السَّنة الثَّانية.


[1] أسد الغابة:7/131.
[2] في (ن) تصحيفاً: (لعيط).
[3] في (ن): (بمهر جديد وصداق جديد) وهو تكرار.
[4] عيون الأثر:1/351، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، برقم (26362) وإسناده حسن، ويأجج بوزن جعفر، موضع على ثمانية أميال من مكة، وقال ابن سيده: مفتوح الجيم، مصروف، ملحق بجعفر، حكاه سيبويه، وفي تهذيب اللغة: يأرجج، مهموز، مكسور الجيم الأولى، وحكاه السيرافي عن أصحاب الحديث، والفتح هو القياس.