الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة

          1857- العاشر: عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: «لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكانت الأنصار أهلَ الأرض والعَقار، فقاسَمهم الأنصار على أن أعطَوهم أنصافَ ثِمار أموالهم كلَّ عامٍ، ويكفونَهم العملَ والمؤنَة، وكانت أمُّ أنس بنِ مالك، وهي تُدعى أمُّ سُلَيم، / وكانت أمَّ عبد الله بنِ أبي طلحةَ، كان أخاً لأنسٍ لأمِّه، وكانت أعطَت أمُّ أنسٍ رسول الله صلعم عِذاقًا(1) لها، فأعطاها رسول الله صلعم أمَّ أيمنَ مولاتَه أمَّ أسامةَ بنِ زيد، فلمَّا فرَغ رسول الله صلعم من قتال أهل خيبرَ وانصرف إلى المدينة، ردَّ المهاجرون إلى الأنصار منائحَهم(2) الَّتي كانوا منحوهم من ثمارهم، قال: فَرَدَّ رسول الله صلعم إلى أمِّي عِذاقَها، وأعطى رسول الله صلعم أمَّ أيمنَ مكانَهنَّ من حائطه». [خ¦2630]
          وفي رواية أحمدَ بن شَبيب: «من خالصه».
          زاد مسلم: قال ابن شهاب: «وكان من شأن أمِّ أيمنَ أمِّ أسامةَ بن زيد: أنَّها كانت وصيفةً لعبد الله بن عبد المطَّلب، وكانت من الحبشة، فلمَّا ولَدت آمنةُ رسول الله صلعم بعدما توُفِّي أبوه كانت أمُّ أيمنَ تحضُنه، حتَّى كبِر رسول الله صلعم فأعتقها، ثمَّ أنكحها زيدَ بنَ حارثةَ، ثمَّ توُفِّيت بعدما توُفِّي رسول الله / صلعم بخمسةِ أشهر».
          وأخرجاه من حديث سليمانَ التَّيميِّ عن أنس(3) قال: «كان الرَّجل يجعل للنَّبيِّ صلعم النَّخَلات من أرضه حتَّى افتتح قريظةَ والنَّضير، فجعل بعد ذلك يردُّ عليهم، وإنَّ أهلي أمروني أن آتي النَّبيَّ صلعم فأسألَه ما كان أهلُه أعطوه أو بعضَه، وكان نبيُّ الله صلعم قد أعطاه أمَّ أيمنَ، فأتيت النَّبيَّ صلعم فأعطانيهنَّ، فجاءت أمُّ أيمنَ فجعلت الثَّوب في عُنقي وقالت: والله لا يعطيكَهنَّ(4) وقد أعطانيهنَّ، فقال النَّبيُّ صلعم: يا أمَّ أيمنَ، اترُكيه ولكِ كذا وكذا.
          وتقول: كلَّا والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول: كذا. حتَّى أعطاها عشرةَ أمثاله أو قريباً من عشرةِ أمثاله». [خ¦3128]


[1] العِذاقُ: النخل، واحدها عَذْق بفتح العين.
[2] منَحوهم: أعطوهم، وأصل المنحة العطيَّة، ثم قد تكون لفظاً على وجهين: أحدهما: أن يعطي الرجلُ الرجلَ الشيءَ عطيَّة بَتْلة تكون ملكاً، والثاني: في مَنفَعة الشيء، أو في ما يتولَّد من الشيء، وهو على وجوه: فمنها: العريّة والعاريّة والإفقار والإخبال، وقد خصوا بالمنحة أيضاً، أن يمنَحه شاة أو ناقة؛ ليحلبها مدةً معلومة، وأما العاريَّة فأن يُعيره الثوبَ ليلبَسَه، أو الآلة ليستعملها، فهذه منفعة خاصة.
[3] سقط قوله: (عن أنس) من (الحموي).
[4] في (الحموي): (نعطيكهن) وعند مسلم: (نعطيكاهن).