الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: كان النبي يصلي في مرابض الغنم

          1981- الرَّابع والثَّلاثون بعد المئة: عن أبي التَّيَّاحِ عن أنسٍ قال: «كان النَّبيُّ صلعم يصلِّي في مرابضِ الغنم(1)»، ثمَّ سمِعتُه بعدُ يقول: «كان يصلِّي في مرابضِ الغنم قبل أن يُبنى المسجدُ»، هكذا أخرجاه مختصراً من حديث شعبَةَ عن أبي التَّيَّاحِ. [خ¦234]
          وأخرجاه بطوله من حديث عبدِ الوارث عن أبي التَّيَّاحِ عن أنس: «أنَّ رسول الله صلعم قدِم المدينةَ، فنزَل في عُلْوِ المدينة، في حيٍّ يقال لهم: بنو عمرِو بنِ عَوف، فأقام فيهم أربعَ عشْرَة ليلةً، ثمَّ إنَّه أرسل إلى مَلأِ بني النَّجَّار، فجاءوا متقلِّدين بسيوفهم، قال: فكأنِّي أنظر إلى رسول الله صلعم على راحلته وأبو / بكرٍ رِدفُه وملأُ بني النّجَّار حولَه، حتَّى ألقى بفِناءِ أبي أيّوب، قال: فكان يصلِّي حيث أدرَكَته الصَّلاةُ، ويُصلِّي في مَرابضِ الغنم، قال: ثمَّ إنَّه أمَر بالمسجد، فأرسَل إلى بني النَّجَّار، فجاءوا، فقال: يا بني النَّجَّار، ثامِنُوني بحائطِكم(2) هذا.
          قالوا: لا والله! ما نطلُبُ ثمنَه إلَّا إلى الله، قال أنس: وكان فيه ما أقول: كان فيه نخلٌ وقبورُ المشركين وخِرَب، فأمر رسول الله صلعم بالنَّخل فقُطِعَ، وبقبور المشركين فنُبِشَت، وبالخِرَب فسُوّيت، قال: فصفّوا النَّخل قبلةً له، وجعَلوا عِضادتَيه حِجارةً، قال: فكانوا يرتجزون، ورسول الله صلعم معهم، وهم يقولون:
اللَّهمَّ إنَّه لا خيرَ إلَّا خيرُ الآخره                     فانصُر الأنصار والمهاجره»
[خ¦1868]
          وفي رواية البخاري عن مُسدَّد نحوُه، وفيه: «وجعلوا ينقلون الصَّخر، وهم يرتجزون، والنَّبي صلعم معهم، وهو يقول(3) : اللَّهمَّ إنَّ الخيرَ خيرُ الآخرةِ، فاغفِر للأنصارِ والمهاجرَةِ». [خ¦428]
          وقد تقدَّم رجزُهم بمثل ذلك في حَفر الخندق.


[1] مربَضُ الغَنَم: مأواها الذي تأوي إليه، وجمعه مرابِضٌ.
[2] ثامنوني بحائطكم: كنايةٌ عن بيعه وتقرير ثمنه.
[3] في (الحموي): (نسخة: وهم يقولون)، وهي روايةٌ للبخاري.