الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: بلغ رسول الله عن أصحابه شيء فخطب

          3081- وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بلغَ رسولَ اللهِ صلعم عن أصحابهِ شيءٌ فخطبَ فقَالَ: «عُرِضَتْ عليَّ الجنَّةُ والنَّارُ، فلمَ أرَ كاليومِ في الخيرِ والشَّرِّ، ولو تعلمونَ ما أعلمُ؛ لضحِكْتُم قليلًا ولَبَكَيْتُم كثيرًا»، قَالَ: فما أتى على أصحابِ رسولِ اللهِ صلعم يومٌ أشدُّ منه، قَالَ: غطَّوا رؤوسَهُم ولهم خنينٌ، قَالَ: فقامَ عمرُ، فقَالَ: رضيْنَا باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمَّدٍ صلعم نبيًّا، قَالَ: فقامَ ذلكَ الرَّجُلُ فقَالَ: منْ أبي؟ قَالَ: «أبوكَ فلانٌ»، قَالَ: فنزلتْ: {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101] .
          وعنهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلعم خرجَ حينَ زاغتِ الشَّمسُ فصلَّى لهم صلاةَ الظُّهر، فلمَّا سلَّمَ؛ قامَ على المنبرِ، فذَكَرَ السَّاعةَ، وذَكَرَ أنَّ قبلَها أمورًا عِظَامًا، ثمَّ قَالَ: «مَنْ أحبَّ أنْ يسأَلَني عنْ شيءٍ؛ فلْيَسْأَلْنِي(1) عنهُ، فواللهِ؛ لا تسألُوني عن شيءٍ إلَّا أخبرتُكم به ما دمتُ في مقامي هذا»، قَالَ أَنَسُ [بْنُ مَالِكٍ](2) : فأكثرَ(3) النَّاسُ البكاءَ حينَ(4) سمعوا ذلكَ منْ رسولِ اللهِ صلعم، وأكثرَ رسولُ الله صلعم أن يقولَ: «سَلُوني»، فقامَ عبدُ اللهِ بنُ حذافةَ فقَالَ: من أبي يا رسولَ الله؟ قَالَ: «أبوك حذافةُ»، فلمَّا أكثرَ رسولُ اللهِ صلعم منْ أن يقولَ: «سلوني»؛ بركَ عمرُ، فقَالَ: رضينا باللهِ ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ(5) رسولًا، قَالَ: فسكَتَ رسولُ الله صلعم حينَ قَالَ عمرُ ذلك، ثمَّ قَالَ رسولُ الله صلعم: «أولى، والذي نفسي بيدِه؛ لقد عُرِضَتْ عليَّ الجنَّةُ والنَّارُ آنفًا في عُرْضِ هذا الحائطِ، فلم أرَ كاليومِ في الخير والشَّرِّ»، قَالَ ابنُ شهابٍ: أخبرني عبيدُ(6) اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عتبةَ، قَالَ: قَالَتْ أمُّ عبدِ اللهِ بنِ حذافةَ لعبدِ اللهِ بنِ حذافةَ: [ما سمعتُ](7) بابنٍ قطُّ أعقَّ منكَ أَأَمِنْتَ أن تكون أمُّكَ قدْ قارفتْ بَعْضَ ما يقارفُ نساءُ أهلِ الجاهليَّةِ فتفضَحَها على أعينِ النَّاسِ؟ فقَالَ عبدُ اللهِ بنُ حذافةَ: واللهِ؛ لو أَلحَقَنِي [بعبدٍ](8) أسودَ للحقتُ بهِ(9) .
          في بَعْضِ طرقِ الْبُخَارِيِّ: فذكرَ السَّاعةَ، فذكرَ أنَّ فيها أمورًا عظامًا. [خ¦540]
          وليسَ في شيءٍ منها قولُ ابن شهابٍ، عن أمِّ عبدِ الله بنِ حذافةَ.
          - مسلمٌ: عن أنسٍ: أنَّ النَّاسَ سألُوا النَّبيَّ صلعم حتَّى أحفَوه بالمسألةِ، فخرجَ ذاتَ يومٍ، فصَعِدَ المنبرَ، فقَالَ: «سَلُونِي، لا تسألوني عن شيءٍ إلَّا بيَّنتهُ (10) لكم»، فلمَّا سمعَ القومُ ذلك؛ أرمُّوا ورَهِبوا أن يكونَ بين يدي أمرٍ قد حَضَرَ.
          قَالَ أنسٌ: فجعلتُ ألتفتُ يمينًا وشمالًا، فإذا كلُّ رجلٍ لافٌّ رأسَهُ في ثوبِهِ يبكي، فأنشَأَ رجلٌ من المسجدِ، كانَ يُلاحَى فيدعى لغير أبيهِ، فقَالَ: / يا نبيَّ الله؛ من أبي؟ قَالَ: «أبوكَ حذافةُ» ثمَّ أنشأَ عمرُ بن الخطَّابِ (11) ، فقَالَ: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ رسولًا، عائذًا (12) باللهِ من سوءِ الفتنِ، فقَالَ رسولُ الله صلعم: «لم أرَ كاليومِ قطُّ في الخيرِ والشَّرِّ، إنِّي صُوِّرَتْ ليَ الجنَّةُ والنَّارُ فرأيتهما دونَ هذا الحائطِ».
          زاد الْبُخَارِيُّ في بَعْضِ طُرُقِهِ: فقامَ إليه رجلٌ، فقَالَ: أين مَدخَلِي يا رسولَ الله؟ قَالَ (13) : «النَّارُ» وقَالَ فيه: ثمَّ قَالَ رسولُ الله صلعم: «أوْلَى، والذي نفسي بيدِه، لقد عُرِضَتْ عليَّ الجنَّةُ والنَّارُ آنفًا في عُرْضِ هذا الحائطِ، وأنا أصلِّي، فلم أرَ كاليومِ في الخيرِ والشَّرِّ».
          ذكرهُ في كتابِ الاعتصامِ. [خ¦7294]
          وقَالَ في آخرَ: عن أنسٍ أَيْضًا: صلَّى لنا رسولُ اللهِ صلعم (14) ثمَّ رَقِيَ المنبرَ، فأشارَ بيدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ المسجدِ، ثمَّ قَالَ: «لقد رأيتُ الآنَ منذُ صلَّيتُ لكم الصَّلاة الجنَّةَ والنَّارَ، متمثِّلَين (15) في قِبلَةِ هذا الجدارِ، فلم أرَ كاليومِ في الخيرِ والشَّرِّ» ثلاثًا.
          ذكرهُ [في الصَّلاة] (16) في بابِ رفعِ البصرِ إلى الإمامِ في الصَّلاةِ. [خ¦749]
          وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: خطبَ رسولُ الله صلعم خطبةً ما سمعتُ مثلَها، في هذه القصَّة قولُه ◙: «لو تعلمون ما أعلمُ». [خ¦4621]
          خرَّجَهُ البُخَارِيُّ من حديثِ أنسٍ وعَائِشَةَ وحديثِ أبي هُرَيْرَةَ أَيضًا.


[1] في (ص): (فيسألني).
[2] سقط من (صق) و(ك).
[3] في (ص): (فأكثروا).
[4] في (صق): (حتى).
[5] زيد في (ص): الصلاة.
[6] في (أت) و(ص): (عبد).
[7] زيادة من (م) والمطبوع.
[8] سقط من (صق).
[9] في المطبوع: (للحقته).
[10] في (ص): (أبينه).
[11] زيد في (ق).
[12] في (أ) و(صق) و(ك): (عائذٌ).
[13] في (ص): (فقال).
[14] في (غ): (رسول الله صلعم لنا).
[15] في (أتم): (ممثلتين).
[16] سقط من (أت).