الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: أخبر ذلك ابن الخطاب

          2966- وذكرَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا في المغازي في بابِ {إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا} [آل عمران:122] [خ¦4053] عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ: أنَّ أباهُ استشهدَ يومَ أحدٍ، وتركَ(1) دَينًا، وتركَ ستَّ بناتٍ، فلمَّا حضرَ جذاذُ النَّخلِ؛ قَالَ: أتيتُ رسولَ اللهِ صلعم، فقلت: قدْ علمتَ أنَّ والدي قدِ استشهدَ يومَ أحدٍ، وتركَ دينًا كثيرًا، وإنِّي أحبُّ أنْ يراكَ الغرماءُ، قَالَ: «اذْهَبْ فَبَيْدِرْ(2) كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ»، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّما(3) أُغْرُوا(4) بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ لَي أَصْحَابَكَ»، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللهُ عن وَالِدِي أَمَانَته(5) ، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، [فَسَلَّمَ اللهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا، حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلعم كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تمرةً](6) واحدةً. [خ¦4053]
          قَالَ: أُغْرُوا بي: هِيجُوا بي. [خ¦2781]
          وَخَرَّجَهُ أَيْضًا في البيوعِ في بابِ الكيلِ على البائعِ والمعطي [خ¦2127] ، قَالَ فيهِ: «صنِّفْ تمركَ أصنافًا: العجوةَ على حدةٍ، وعذقَ(7) زيدٍ على حدةٍ، ثمَّ أرسلْ إليَّ» ففعلتُ، ثمَّ أرسلتُ إلى النَّبيِّ صلعم فجلسَ على أعلاهُ أو في وسطهِ، ثمَّ قَالَ: «كِلْ للَّقومِ» فكِلتهمْ حتَّى أوفَيتهمِ الَّذي لهمْ، وبقيَ تمري كأنَّهُ لم ينقصْ منهُ شيءٌ.
          وزادَ في طريقٍ أخرى: «واللِّينَ(8) على حدةٍ». [خ¦2405]
          وَخَرَّجَهُ في كتابِ الاستقراضِ في بابِ إذا قاصَّ(9) أو جازفهُ في الدَّينِ؛ [خ¦2396] فهوَ جائزٌ (10) ، عنْ وهبِ بنِ كيسانَ، عنْ جَابِرٍ: أنهُ أخبرهُ أنَّ أباهُ توفِّيَ وترك عَلَيْهِ ثلاثينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ من اليهودِ، فاستنظرهُ جَابِرٌ فأبى أنْ يُنظرهُ، فكلَّمَ جَابِرٌ رسولَ اللهِ صلعم ليشفعَ (11) لهُ إليهِ، فجاءهُ رسولُ اللهِ صلعم، فكلَّمَ اليهوديَّ ليأخذَ ثمرَ (12) نخلهِ بالَّذي لهُ؛ فأبى، فدخلَ رسولُ اللهِ صلعم النَّخلَ، فمشى فيها، ثمَّ قَالَ لجَابِرٍ: «جُدَّ لهُ فأوفِ الَّذي لهُ»، فجدَّهُ بعدما رَجَعَ رسول الله صلعم، فأوفاه ثلاثينَ وَسْقًا، وفضلتْ لهُ سبعةَ عشرَ (13) وَسْقًا، فجاء جابرٌ رسول الله صلعم لِيُخْبِرَهُ / بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّى الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ: «أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ»، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ الله صلعم لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا.
          وَخَرَّجَهُ في (14) الهبةِ في بابِ إذا وهبَ دينًا على رجلٍ، [خ¦2601] عنِ ابنِ شهابٍ عنِ ابنِ (15) كعبِ بنِ مالكٍ: أنَّ جَابِرَ بنَ عبدِ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رسولَ الله صلعم فكَلَّمْته، فَسَأَلتهُمْ (16) أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ (17) حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ رسولُ الله صلعم [حَائِطِي] (18) ، ولم يَكْسرْه لهم، وَلكنْ قَالَ «سَأغْدُو عَلَيْكَ (19) »، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ، وَدَعَا فِي ثمَرِه (20) [بِالْبَرَكَةِ] (21) ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُ لهُمْ (22) ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا، بقيةٌ، ثمَّ جئتُ رسولَ اللهِ صلعم وهو جالسٌ فأخبرتُه بذلكَ، فقَالَ رسولُ الله صلعم لعمرَ: «اسمعْ_وهو جالسٌ_ يا عمرُ،» فقَالَ عمرُ: ألَا يكونُ (23) قد علِمْنا أنَّك رسولُ اللهِ؟! واللهِ؛ إنَّك لرسولُ اللهِ [صلَّى اللهُ عليكَ] (24) .
          وَخَرَّجَهُ في كتابِ [الصُّلحِ في بابِ] (25) الصُّلحُ بينَ الغرماءِ وأصحابِ الميراثِ والمجازفة في ذلك: [خ¦2709] عن وَهْبِ بنِ كيسانَ، عن جَابِرٍ قَالَ: تُوُفِّي أَبي وعَلَيْهِ دينٌ، فعرضْتُ على غرمائِه أن يأخذوا التَّمْرَ بما عَلَيْهِ، فأبَوا، ولم يَرَوا أنَّ فيه وفاءً، فأتيتُ النَّبيَّ صلعم فذكرتُ ذلكَ (26) لهُ، فقَالَ: «إذا جددْتَه فوضَعْتَه في المِربَد [فآذنِّي] (27) »؛ فآذنتُ (28) رسولَ صلعم، فجاءَ ومعه أبو بكرٍ، وعمرُ، فجلسَ عَلَيْهِ، فدعا بالبركةِ، ثمَّ قَالَ: «ادعُ غرماءَك، فأوفِهِم»، فما تركتُ أحدًا له على أبي دينٌ إلَّا قضيتُه، وفَضَلَ ثلاثةَ (29) عَشَرَ وَسْقًا؛ سبعةٌ عجوةٌ، وستةٌ لَونٌ، أو ستةٌ عجوةٌ وسبعةٌ لَونٌ، فوافيتُ مع رسولِ الله صلعم المغربَ، فذكرتُ لهُ ذلكَ فضحكَ، فقَالَ: «ائتِ أبا بكرٍ وعمرَ، فأخبرْهما»، فقَالَا: لقدْ علمْنَا إذْ (30) صنعَ رسولُ الله صلعم ما صنعُ أنْ سيكونُ ذلك.وفي روايةٍ: صلاةَ الظُّهر، وفي أخرى: صلاةَ العصرِ، وهذه الرِّوايتان غير متَّصلتين.
          وَخَرَّجَهُ في كتابِ الأطعمةِ في بابِ الرُّطبِ والتَّمْرِ [خ¦5443] : عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي ربيعةَ، عن جَابِرٍ قَالَ: كانَ بالمدينةِ يهوديٌّ، وكانَ (31) يُسلفُني في تمرِي إلى الجِدادِ، وكانتْ لجَابِرٍ الأرضُ التي بطريقِ رُومةَ، فجلَسَتْ (32) فَخَلا (33) عامًا، فجاءَني اليهوديُّ عندَ الجدادِ، ولمْ أَجُدَّ منهَا شيئًا، فجعلتُ أستنظرُهُ إلى قابلٍ، فيأبَى (34) ، فأُخبرَ بذلكَ النَّبيُّ صلعم، فقَالَ لأصحابِه: «امشُوا نستنظرْ لجَابِرٍ من اليهوديِّ»، فجاءوني في نَخْلي، فجعلَ النَّبيُّ صلعم يكلِّمُ اليهوديَّ، فيقولُ (35) : أبا القاسمِ؛ لا أُنْظِره، فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلعم؛ / قامَ فطافَ في النَّخلِ، ثمَّ جاءهُ فكلَّمه، فأبَى، فقمتُ فجئتُ بقليلِ رُطبٍ فوضعتُه بينَ يدِي النَّبيِّ صلعم فأكلَ، ثمَّ قَالَ: «أينَ عريشُك (36) [يا جَابِرُ] (37) » فأخبرتُه، فقَالَ: «افرشْ لي فيهِ» ففرشتُه، فدخلَ فرقدَ، ثمَّ استيقظَ، فجئتُه بقبضةٍ أخرى، فأكلَ منها، ثمَّ قامَ فكلَّمَ اليهوديَّ، فأبى [عَلَيْهِ] (38) ، فقامَ في الرِّطَابِ في النَّخلِ الثَّانيةَ، ثمَّ قَالَ: «يا جَابِرُ؛ جُدَّ واقضِ»، فوقفَ في الجَدَادِ، فجددتُ منها ما قضيتُه وفضلُ مثلُه، فخرجتُ حتَّى جئتُ النَّبيَّ صلعم فبشَّرتُه، فقَالَ: «أشهد أنِّي رسول الله».
          قَالَ الْبُخَارِيُّ: فَخَلَا: ليس عندي مقيَّدًا (39) ، ثمَّ قَالَ: فجلَّى: ليسَ فيه شكٌ.
          وفي طريقٍ آخرَ: أتيتُ النَّبيَّ صلعم فقلتُ: إنَّ أبي تَرَكَ عَلَيْهِ دينًا (40) ، وليسَ عندِي إلَّا ما يُخرجُ نخلُه (41) ، ولا يبلُغُ ما يُخرجُ سنينَ ما عَلَيْهِ، فانطلقَ معي لكَي لا يُفحشَ عليَّ الغرماءُ، فمشَى حولَ بَيْدَرٍ من بيادرِ التَّمْرِ، فدَعَا، ثمَّ أخَّرَ (42) ؛ فجلسَ عَلَيْهِ... وذكرَ الحديثَ. [خ¦3580]
          ومن تراجمِه على هَذَا الْحَدِيث أَيْضًا: بابٌ إذا قضَى دونَ حقِّه أو حلَّلَه؛ فهو جائزٌ [خ¦2395] ، خَرَّجَهُ في كتابِ الاستقراضِ، ومن تراجمه عَلَيْهِ أَيْضًا: بابُ قضاءِ (43) الوصيِّ ديونَ الميِّتِ بغيرِ محضرٍ منَ الورثةِ. [خ¦2781]


[1] زيد في (أتم): (عليه).
[2] في (ص): (فتبدر).
[3] في (س): (كأنهم).
[4] في (ص): (غروا).
[5] في (أتم): (يؤدي الله أمانة والدي).
[6] سقط من (ص) و(ك).
[7] زيد في المطبوع: (بن).
[8] في (أ) و(ص) و(ك): (واللَّبن).
[9] في (أت) و(ص): (قاض).
[10] زيد في المطبوع: (تمرًا بتمر أو غيره).
[11] في (ق): (فيشفع).
[12] في (ص): (تمر).
[13] في (ص): (سبع عشرة).
[14] زيد في (ص): (باب).
[15] في (أت): (أبي).
[16] في غير (صق): (فسألهم).
[17] في (ق): (ثمر).
[18] سقط من (ق).
[19] زيد في المطبوع: (إن شاء الله تعالى).
[20] في (أ): (ثمرها)، وفي (غ): (تمرها).
[21] سقط من (صق).
[22] في (أتم): (فقضيتهم).
[23] في (صق): (نكون).
[24] سقط من (ق) والمطبوع.
[25] سقط من (أت).
[26] زيد في (أ) و(ص): (فآذني).
[27] زيادة من (ق) و(ك).
[28] في (أتم): (آذنت).
[29] في (أت): (ثلاث).
[30] في (ص): (إذا).
[31] في (ص): (فكان).
[32] في (ص) و(ك): (فخاست).
[33] في (ص): (فحلا)، وزيد في (صق): (نخلنا).
[34] في غير (صق): (فأبى).
[35] زيد في (ق): (يا).
[36] في (أ) و(ق): (عرشك).
[37] سقط من (صق) و(ك).
[38] سقط من (أت).
[39] في غير (غ): (مقيد).
[40] في (ص): (دينٌ).
[41] في (غ): (نخيله).
[42] في (س): (آخر).
[43] في (ص) و(ك): (قضى).