-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
-
حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور
-
حديث: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله عز وجل
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب غاية السبق للخيل المضمرة
-
باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب رد النساء الجرحى والقتلى
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب من اختار الغزو بعد البناء
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب السرعة والركض في الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب الأجير
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب قتل النساء في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب26
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░19▒ (باب فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ) أي: باب بيان فضلِ من وردَ فيهم قولُ الله (تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: <╡> ({وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا}) الآيات الثلاث، كذا قدره الشرَّاح، والأولى أن يقدِّر: باب بيان فضلِ قولِ الله تعالى الوارد في شأنِ المقتولين في سبيلِ الله، وإضافةُ ((فضل)) إلى ((قولِ الله)) على معنى في نحو: مكر الليلِ؛ ليبقَى التركيبُ إضافياً، فتأمل.
وحذف الإسماعيليُّ من الترجمة ((فضل)) كما في ((الفتح)) وقال فيه: وأشارَ بإيرادِ الآية إلى ما ورد في بعضِ طرقِهِ كما سيأتي في المغازي، وفي آخره عند قولِهِ: فأنزلَ الله فيهم: ((بلِّغوا قومَنَا أنا قد لقينَا ربَّنا فرضِيَ عنَّا ورضِينا عنه)) زادَ عمرُ بن يونسَ عن إسحاقَ بن أبي طلحَةَ فنسخَ بعدَمَا قرأنَاهُ زماناً وأنزلَ اللهُ تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران:169] الآية، انتهى.
قال القسطلانيُّ: وبهذه الزِّيادة تحصل المطابقةُ بين الحديثِ والآية، انتهى.
والآيات الثَّلاث في أواخرِ سُورة آل عمران: {وَلاَ تَحْسِبَنَّ} بكسر السين وفتحها؛ أي: ولا تظنَّ يا محمد، أو يا من يتأتَّى منه الظنُّ أيَّ شخصٍ كان على حدِّ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سبأ:31].
قال البيضاويُّ: نزلَتْ في شهداء أحدٍ، وقيل: في شهداءِ بدرٍ، والخطَابُ لرسولِ الله صلعم أو لكلِّ أحدٍ، وقرأَ هشام بالتاء كالبَاقين، وبالياء على إسنادِهِ إلى ضَمير الرَّسول، أو من يحسب، أو إلى {الَّذِيْنَ قُتِلُوا}، والمفعول الأول محذوف؛ لأنَّه في الأصلِ مبتدأ جائزُ الحذفِ عند القرينةِ، وقرأ ابن عامر: ▬قتَّلوا↨ بالتشديد لكثرة المقتولين.
({بَلْ أَحْيَاءٌ}) أي: بل هم أحياءٌ، وقرئ بالنصبِ على: بل أحسبهم أحياءً، انتهى.
وعبارة ((الكشَّاف)): وقرئ بالياء على: ولا يحسبنَّ رسولُ الله، أو ولا يحسبنَّ حاسبٌ، ويجوز أن يكون {الَّذِيْنَ قُتِلُوا} فاعلاً، ويكون التَّقدير: ولا يحسبنَّهم الذين قتلوا أمواتاً؛ أي: ولا يحسبنَّ الذين قتلوا أنفسَهُم أمواتاً.
فإن قلت: كيف جازَ حذفُ المفعول الأول، قلتُ: هو في الأصل مبتدأ فحُذِف كما حُذِف المبتدأ في قوله: {أَحْيَاء}، والمعنى: هم أحياءٌ لدَلالة الكلام عليهما، وقرئ: ▬تحسَبن↨ بفتح السين، ▬وقتّلوا↨ بالتشديد، ▬وأحياءً↨ بالنصب على معنى بل أحسبهم أحياء.
({عِنْدَ رَبِّهِمْ}) أي: مقرَّبون عندَه، فالظرفُ خبرٌ بعد خبرٍ لهم.
({يُرْزَقُونَ}) أي: من الجنَّة، وقال في ((الكشَّاف)): يُرزقون مثل ما يُرزقُ سائرُ الأحياء يأكلونَ ويشربُونَ، وهو توكيدٌ لكونهم أحياءً ووصفٌ لحالهم التي هُم عليها من التَّنعُّم برزقِ اللهِ تعالى، انتهى.
والجملةُ خبر ثالثٌ لهم المقدَّر.
({فَرِحِينَ}) حال من ضمير {يُرْزَقُونَ}، قال العينيُّ: ويجوزُ أن يكونَ صفة {أَحْيَاءٌ}، انتهى.
وفيه: أن {أَحْيَاءٌ} مرفوعٌ إلا في قراءة شاذة بالنَّصبِ، لو تعرَّض لها العينيُّ لحسن ما قاله، فتدبَّر.
({بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}) هذا الجارُ والمجرور متعلِّق بـ{آَتَاهُمُ} أو بيانٌ لما آتاهُم، والجار والمجرورُ الأول متعلِّق بـ{فَرِحِينَ} وما آتاهُم من فضلِهِ هو شرفُ الشَّهادة والفوزِ بالحياةِ الأبديَّةِ، والقُرْب من اللهِ والتَّمتع بنعيمِ الجنَّة، قاله البيضاويُّ.
({وَيَسْتَبْشِرُونَ}) أي: ويسرُّون بالبشَارةِ، وهو معطوفٌ على {فَرِحِينَ} لتأويلهِ بيفرحونَ، أو تأويل يستبشرونَ بمستبشرينَ، أو عطفٌ على {يُرْزَقُونَ}.
({بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ}) أي: يفرحُونَ بإخوانِهِم المؤمنينالمجاهِدِين الذين لم يقتلوا فلم / يلحقُوا بهم ({مِنْ خَلْفِهِمْ}) أي: الذين من خلفِهم زماناً أو رتبةً ({أَنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}) أي: فرحين بأن لا خوفٌ عليهم.
({وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}) وقال البيضاويُّ كـ((الكشاف)): بدل من {الذين}، والمعنى: أنهم يستبشرون بما تبيَّن لهم من أمرِ الآخرة وحالِ من تركوا خلفَهُم من المؤمنين، وهو أنَّهم إذا ماتُوا أو قُتلوا كانوا أحياءً حياةً لا يكدِّرُها خوفُ وقوع محذورٍ، وحزنِ فراقِ محبُوبٍ، والآية تدلُّ على أنَّ الإنسانَ غيرُ الهيكلِ المحسُوسِ، بل هو جوهرٌ مدرك بذاتِهِ لا يفنى بخرابِ البدنِ، ولا يتوقَّفُ عليه إدراكهُ وتألمهُ والتذاذُه، ويؤيد ذلك قوله تعالى في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} [غافر:46] الآية، وما روى ابنُ عباسٍ أنه عليه السَّلام قال: ((أروَاحُ الشُّهداءِ في أجوَافِ طيرٍ خُضرٍ تردُ أنهَارَ الجنَّةِ وتأكُلُ من ثِمَارها وتَأوي إلى قَناديل معلَّقة في ظِلِّ العرشِ)) ومن أنكرَ ذلك، ولم ير أن الرُّوح إلا ريحاً وعرضاً، قال: هم أحياءٌ يوم القيامة، وإنما وصفُوا بها في الحالِ لتحقُّقه ودنوِّه، أو أحياء بالذِّكرِ، أو بالإيمان.
وفيها: حثٌّ على الجهَادِ، وترغيبٌ في الشَّهادةِ، وبعثٌ على ازديادِ الطَّاعَة، وإحمادٌ لمن يتمنَّى لإخوانهِ مثل ما أنعمَ عليه وبُشرَى للمُؤمنين بالفلاحِ، انتهى.
وسيأتي لذلك بسطٌ قريباً.
وقال العينيُّ: أي: يفرحون بإخوانهم الذين فارقُوهُم أحياءً يرجون لهم الشَّهادة يقولون: إن قُتِلوا نالوا ما نِلْنا من الفضلِ، وقال السدِّي: يؤتى الشهيدُ بكتابٍ فيه يقدمُ عليك فلانٌ يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيسرُّ بذلك كما يسرُّ أهل الدنيا بقدُومِ غائبهم.
({يَسْتَبْشِرُونَ}) كرَّره للتأكيدِ، أو ليتعلَّق به ما هو بيان لقولهِ: {أَلَّا خَوْفٌ}، ويجوزُ أن يكون {يَسْتَبْشِرُونَ} الأول بحالِ إخوانهم، وهذا بحالِ أنفسِهِم، قاله البيضَاويُّ.
({بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}) هي ثوابُ أعمَالهم ({وَفَضْلٍ}) أي: زيادةٍ على ثوابهم كقولهِ تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] وتنكيرُهما للتَّعظيم ({وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}) قال البيضاويُّ: هذا من جملةِ المستبشر بهِ عطف على {فَضْلٍ}، وقرأَ الكسَائي بالكسر على أنه استئنافٌ معترضٌ دالٌّ على أن ذلك أجرٌ لهم على إيمانهم، مشعرٌ بأنَّ من لا إيمانَ له أعمَاله محبطةٌ وأجورُهُ مضيَّعة، انتهى.
وقال في ((الكشاف)): ويعضدُ قراءة الكسَائي قراءة عبد الله: ▬والله لا يضيع أجر المؤمنين↨ انتهى.
قال عبدُ الرحمن بن زيد بنِ أسلم: هذه الآية جمعَتْ المؤمنين كلهم، سواء الشُّهداء وغيرهم، وقلَّ ما ذكرَ اللهُ فضلاً للأنبياء وثواباً أعطَاهُم، إلا ذكرَ ما أعطَى المؤمنين من بعدِهِم.
وذكر أبو بكر ابنُ مردويه بإسنادهِ إلى جابرِ بن عبد الله قال: نظرَ إلي رسولُ الله صلعم ذات يومٍ فقال: ((يا جابِر مالي أراكَ مُهتماً)) قال: قلت: يا رسولَ الله، استشهدَ أبي وترك عليه ديناً وعيالاً، قال: ((ألا أخبرك، ما كلَّم الله أحداً قط إلا مِن وراءِ حجابٍ، فإنَّه كلَّمَ أباكَ كفَاحاً _قال: على الكِفَاحِ المواجهة_،قال: سلني أُعطِك، قال: أسألُك أن أُرَدَّ إلى الدُّنْيا وأُقتَلَ فيكَ ثانِيةً، فقال الربُّ ╡: إنَّه سَبَقَ منِّي أنَّهم إليها لا يرجعونَ، قال: أي ربِّ فأبلِغْ مَن وَرائِي، فأنزلَ الله ╡: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} حتى أنفذَ الآية)).
وقال مقاتلٌ: نزلت في قتلى بدرٍ، وكانوا أربعة عشر شهيداً، وروى الإمام أحمدُ بسنده إلى ابنِ عبَّاسٍ مرفوعاً: الشُّهداءُ على بارق نهرٍ ببابِ الجنَّة في قبَّة خضراءَ، يخرجُ عليهم رزقهُم بكرةً وعشيًّا، وقال سعيد بنُ جُبير: لما دخلوا الجنَّة ورأوا ما فيها / من الكرَامةِ للشُّهداء قالوا: يا ليتَ إخواننا الَّذين في الدنيا يعلمونَ ما عرفناهُ من الكرامة، فإذا شهدوا القتَالَ باشرُوها بأنفُسهِم حتَّى يستشهدوا فيصيبُوا ما أصبْنَا من الخَيرِ، فأُخبِر رسُولُ الله صلعم بأمرِهِم وما هُم فيه من الكرامَةِ، وأخبَرَهم أني قد أنزلْتُ على نبيِّكم وأخبرتُهُ بأمرِكُم وما أنتُم فيه فاستبشَروا، فذلك قوله تعَالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران:170] الآية.
وتمت الآيات الثَّلاث في رواية الأصيلي وكريمة، لا الآيتان فقط كما يوهمه كلام ((الفتح)) ومن تبعه إلا أن يريدَ الآيتين بعد {يُرْزَقُونَ} فافهم.
وقال في رواية أبي ذر: <{يُرْزَقُونَ} إلى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}>.