-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
-
حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور
-
حديث: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله عز وجل
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب غاية السبق للخيل المضمرة
-
باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب رد النساء الجرحى والقتلى
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب من اختار الغزو بعد البناء
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب السرعة والركض في الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب الأجير
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب قتل النساء في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب26
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░30▒ (بابٌ): بالتَّنوين (الشَّهَادَةُ سَبْعٌ): بتقديم السِّين المهملة على الموحَّدة، خبرُ ((الشَّهادة))، ويجوزُ ترك تنوين ((باب)) على إضافتِهِ لـ((الشَّهادة))، و((سبع)) خبرٌ لمحذوفٍ؛ أي: هي سبعٌ، والجملةُ مستأنفةٌ استئنافاً بيانيًّا (سِوَى الْقَتْلِ): أي: إلَّا القتلَ في سبيلِ اللهِ، فتكونُ بها ثمانيةٌ، لكنْ استشكلَهُ الإسماعيليُّ وغيره بأنه لا مطابقةَ بين التَّرجمةِ والحديثِ الذي أوردَهُ هنا، وأجابَ الزَّركشيُّ ومَن تبعَهُ بأنَّه أشارَ بها إلى أنَّ الحديثَ بالسَّبعِ قد وردَ، لكنْ ليس على شرطِهِ؛ أي: وهو ما رواهُ مالكٌ في ((الموطَّأ)) من حديثِ جابرِ بن عتيكٍ بلفظ: ((الشُّهداءُ سبعةٌ سوَى القتلِ في سبيلِ الله تعالى، المطعُونُ شهيدٌ، والغرقُ شهيدٌ، وصاحِبُ ذاتِ الجنْبِ شهيدٌ، والمبطونُ شهيدٌ، والحرقُ شهيدٌ، والَّذي يموتُ تحتَ الهدْمِ شهيدٌ، والمرأةُ تموتُ بجُمْعٍ شهيدٌ)) و((جُمْع)) بضمِّ الجيم وسكون الميم فعين مهملة بمعنى: مجموع، كالذُّخر بمعنى: المذخُورِ، وهي أن تموتَ وفي بطنها ولدٌ ميتٌ، وقيل: هي الميِّتة بكراً.
وقال في ((الفتح)): جمع بضمِّ الجيم وقد تُفتَح وتُكسَر أيضاً، وهي النفساءُ، قال: وقيل: التي تموتُ بمزدلفَةَ، وهو خطأٌ ظاهرٌ، والأوَّل أشهرُ، انتهى، وقال في ((القاموس)): ماتَتْ بجمعٍ مثلَّثةُ، عذراء أو حاملاً أو مثقلةً.
وأجابُ ابن المنيِّرِ بأنَّ ظاهرَ كلامِ ابن بطَّالٍ: أنَّ البخاريَّ أرادَ أن يُدخِل حديثَ جابر بن عتيك _أي: الَّذي رواهُ أبو داود والنَّسائيُّ وابن حِبَّان_ فأعجلَتْه المنيَّة عن ذلك، / وزادَ فيه ونقصَ، فمِن زيادته: ((ومَن ماتَ في سبيلِ اللهِ فهو شهيدٌ))، قال: ولأحمدَ من حديثِ راشدِ بن خُنَيسٍ وفيه: ((والسِّل))، وروى أصحابُ ((السُّنن)) وصحَّحه التِّرمذيُّ من حديثِ سعيدِ بن زيدٍ مرفوعاً: ((مَن قُتِل دون مالِهِ فهو شهيدٌ))، وقال: في الدِّين والدَّم والأهلِ مثلُ ذلك، انتهى.
وروى الخطيبُ في ((تاريخه)) عن ابن عبَّاسٍ مرفوعاً: ((مَن عشِقَ وعفَّ وكتَمَ فماتَ فهو شهيدٌ))، ورواه السَّرَّاج في ((مصارعِ العُشَّاق)) بلفظ: ((من عشِقَ فظفرَ فعفَّ فمَاتَ ماتَ شهيداً))، وروى ابنُ عبدِ البرِّ في ((كتاب العلمِ)) عن أبي ذرٍّ وأبي هريرةَ: ((إذا جاءَ الموتُ طالبَ العلمِ وهو على حالِهِ ماتَ شهيداً))، وروى التِّرمذيُّ وقال: حسنٌ غريبٌ: ((مَن قالَ حين يُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: أعوذُ باللهِ السَّميعِ العليمِ من الشَّيطانِ الرَّجيم، وقرأ ثلاث آياتٍ من آخرِ سورةِ الحشرِ، فإن ماتَ من يومِه ماتَ شهيداً))، ولأبي نُعيمٍ عن ابن عمر: ((مَن صلَّى الضُّحى وصامَ ثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ ولم يتركْ الوترَ كتبَ اللهُ له أجرَ شهيدٍ)).
قال في ((الفتح)): وروى مسلمٌ عن أبي هُريرةَ شاهداً لحديثِ جابرِ بنِ عَتِيكٍ، ولفظُه: ((ما تعدُّونَ الشُّهداءُ فيكم؟)) قال: ويحتمَلُ أن يكونَ أرادَ التَّنبيه على أنَّ الشَّهادةَ لا تنحصِرُ في القتلِ، بل لها أسبابٌ أُخَر، وتلكَ الأسبابُ اختلفَتْ الأحادِيثُ في عدَدِها، ففي بعضِها خمسَةٌ، وفي بعضِهَا سبعَةٌ، والَّذي وافَقَ شرطَ البُخاريِّ الخمسة، فنبَّه بالتَّرجمة على أنَّ العددَ الواردَ ليس على معنى التَّحديدِ، انتهى.
وقال بعضُ المتأخِّرين: ويحتملُ أن يكونَ بعض الرُّواة _يعني: رواةُ الخمسةِ_ نسيَ الباقِي.
قلتُ: وهو احتمالٌ بعيدٌ، لكنْ يقرِّبه ما تقدَّمَ من الزيادَةِ في حديثِ أبي هُريرة عند مسلمٍ، وكذا وقَعَ لأحمدَ من وجهٍ آخر عنه: ((والمجنوبُ شهيدٌ)) يعني: صاحِبَ ذاتِ الجنْبِ، والَّذي يظهرُ أنَّه صلعم أعلمَ بالأقلِّ، ثمَّ عَلِمَ زيادةً على ذلكَ فذكرَهَا في وقتٍ آخرَ ولم يقصِدْ الحصرَ في شيءٍ من ذلكَ، وقد اجتمَعَ لنا من الطُّرقِ الجيِّدة أكثرَ من عشرينَ خَصْلةً، فإنَّ مجموعَ ما قدَّمته ممَّا اشتملتْ عليه الأحاديثُ التي ذكرتها أربعَ عشرةَ خصلةً، وتقدَّم في باب مَن ينكبُّ في سبيلِ الله حديثُ أبي مالكٍ الأشعريِّ مرفوعاً: ((مَن وقصَه فرسُه أو بعيرُه أو لدغَتْه هامةٌ أو ماتَ على فراشِه على أيِّ حتفٍ شاءَ اللهُ فهو شهيدٌ)).
وصحَّح الدَّارقطنيُّ من حديثِ ابنِ عُمر: ((موتُ الغريبِ شهَادةٌ))، ولابنِ حبَّانَ من حديثِ أبي هُريرة: ((مَن ماتَ مُرَابطاً ماتَ شَهيداً))...الحديث، وللطَّبرانيِّ من حديثِ ابن عبَّاس مرفوعاً: ((المرءُ يموتُ على فراشِهِ في سبيلِ اللهِ شهيدٌ))، وقال ذلك أيضاً في المبطونِ واللَّديغِ والغَرِيقِ والشَّريقِ والذي يفترسُهُ السَّبُع والخارُّ _بالخاء المعجمة وتشديد الرَّاء_ عن دابَّته، وصاحبُ الهدْمِ، وذاتُ الجنْبِ، ولأبي داود من حديث أمِّ حرامٍ: ((المائدُ في البحرِ الذي يصيبُه القيءُ له أجرُ شهيدٍ)).
وقد تقدَّمت أحاديثُ في مَن طلبَ الشَّهادة بنيَّة صادقة أنَّه يُكتَب شهيداً في باب تمنِّي الشَّهادة، ويأتي في كتاب الطِّبِّ حديثٌ في من صبرَ في الطَّاعونِ أنَّه شهيدٌ، وتقدَّمَ حديثُ عقبةَ بن عامرٍ في من صرعَتْه دابَّتُه، وأنَّه عند الطَّبرانيِّ، وعنده من حديثِ ابن مسعودٍ بإسنادٍ صَحيحٍ أنَّ: ((مَن يتردَّى من رؤوسِ الجبَالِ وتأكلُه السِّباعُ، ويغرَقُ / في البحارِ لشهيدٌ عندَ اللهِ))، قال: ووردَتْ أحاديثُ أخرى في أمورٍ أخرى لم أعرِّج عليها لضعفِهَا، قال ابنُ التِّين: هذه كلُّها ميتاتٌ فيها شدَّة تفضَّلِ اللهِ على أمَّة محمَّد بأن جعلهَا تمحيصاً لذنوبِهِم، وزيادةً في أجورِهِم، يبلِّغهم بها مراتبَ الشُّهداء.
قلتُ: والَّذي يظهرُ أنَّ المذكورين ليسُوا في المرتبَةِ سواء، ويدلُّ عليهِ ما روى أحمدُ وابنُ حبَّان في ((صحيحه)) من حديثِ جابر، والدَّارميُّ وأحمدُ والطَّحاويُّ من حديث عبدِ الله بنِ حبشيٍّ، وابنُ ماجه من حديثِ عَمرو بن عنبسةَ: أنَّ النبيَّ صلعم سُئل: أيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال: ((مَن عقرَه جوادُه وأُهرِيق دمُه))، وروى الحسنُ بن عليٍّ الحلواني في كتاب ((المعرفة)) له بإسنادٍ حسنٍ من حديث عليِّ بن أبي طالبٍ قال: ((كلُّ موتةٍ يموتُ بها المسلمُ فهو شهيدٌ، غيرَ أنَّ الشَّهادةَ تتفَاضَلُ)).
قال: ويتحصَّلُ ممَّا ذكِرَ في هذه الأحاديثِ أنَّ الشهداء قسمان، شهيدُ الدُّنيا والآخرةِ، وهو من يُقتَل في حربِ الكفَّار مُقبلاً غيرَ مدبرٍ مُخلِصاً، وشهيدُ الآخرةِ، وهم مَن ذُكِروا؛ أي: غيرِ المقتولِ في سبيلِ الله بمعنى أنَّهم يُعطَون من جنسِ أجرِ الشُّهداء، ولا تجرِي عليهم أحكامهُم في الدُّنيا، وللنَّسائيِّ وأحمدَ من حديثِ العرباضِ بن ساريةَ مرفوعاً: ((يختصمُ الشُّهداءُ والمُتوفَّون على الفرشِ في الذين يُتوَفَّون من الطَّاعونِ فيقولون: انظرُوا إلى جراحِهِم، فإن أشبهَتْ جراحَ المقتولينَ فإنَّهم معهم ومنهم، فإذا جراحُهُم قد أشبهَتْ جراحَهم))، قال: وإذا تقرَّر ذلك فيكونُ إطلاقُ الشُّهداءِ على غيرِ المقتولِ في سبيلِ الله مجازاً، فيحتجُّ به مَن يجيزُ استعمالَ اللَّفظِ في حقيقتِهِ ومجازِه، والمانعُ يجيبُ بأنَّه من عمومِ المجاز، وقد يُطلَق الشَّهيدُ على من قُتِل في حربِ الكفَّار، لكن لا يكونُ له ذلك في حكمِ الآخرةِ لعارضٍ يمنعُه كالانهزامِ وفسَادِ النِّيَّة، انتهى ملخَّصاً.
وقال شيخُ الإسلام وغيرُه: وقد قسَّم العلماءُ الشُّهداء ثلاثة أقسامٍ: شهيدٌ في حكم الدُّنيا، بمعنى أنَّه لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، وفي حكمِ الآخرةِ بمعنى أنَّ له فيها ثواباً خاصًّا، وهو مَن قُتِل في قتالِ الكفَّار بسببهِ، وقد قاتلَ لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، وشهيدٌ في الآخرة دون الدُّنيا، وهم من ذُكِروا آنفاً، وشهيدٌ في الآخرةِ دون الدُّنيا، وهو من قُتِل في قتالِ الكفَّار بسببِه وقد غلَّ في الغنيمةِ أو قُتِل مُدبِراً أو قُتِل رياءً ونحوه.
تنبيهٌ: أوصلَ العينيُّ وغيرُه الشُّهداء أخذاً من الأحاديثِ إلى نحو أربعين، منها: ما رواهُ الحارثُ بن أبي أسامةَ عن أنس بنِ مالكٍ قال: قال رسولُ الله صلعم: ((الشُّهداءُ ثلاثةٌ: رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالهِ صابراً محتسباً لا يريدُ أن يُقتَل ولا يَقتُل، فإن ماتَ أو قُتِل غُفِرتْ له ذنوبُه كلُّها، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويُؤمن من الفَزَع الأكبرِ، ويُزوَّجُ من الحورِ العينِ، ويُخلَعُ عليه حلَّة الكرامةِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الخلدِ، والثَّاني رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالهِ محتَسِباً يُريد أن يَقتُل ولا يُقتَلَ، فإن ماتَ أو قُتِل كانتْ ركبتُه وركبةُ إبراهيمَ الخليلِ عليه السَّلامُ بين يدي اللهِ ╡ في مقعدِ صِدْقٍ، والثَّالث رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالهِ محتسباً يريدُ أن يُقتَل ولا يَقتُل، فإن ماتَ أو قُتِل فإنَّه يجيءُ يوم القيامةِ شاهراً سيفَهُ واضعَه على عاتقِهِ والنَّاسُ جاثونَ على الرُّكبِ يقولون: أفسِحُوا لنا، قد بذلنا دماءَنا لله ╡، والذي نفسِي بيدِه لو قال ذلك لإبراهيمَ / عليه السَّلام أو لنبيٍّ من الأنبياءِ عليهم السَّلام لتنحَّى لهم عن الطَّريق لِما يرى من حقِّهِم، ولا يسألُ اللهَ شيئاً إلَّا أعطَاهُ، ولا يشفعُ في أحدٍ إلَّا شفعَ فيه، ويُعطَى في الجنَّةِ ما أحبَّ))...الحديث بطوله، وليُنظرْ حاله.
وروى التِّرمذيُّ من حديثِ فضَالة بن عُبيدٍ يقول: سمعتُ عمرَ بن الخطَّاب ☺ يقول: سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: ((الشُّهداءُ أربعةٌ: رجلٌ مؤمنٌ جيِّدُ الإيمانِ لقيَ العدوَّ فصدقَ اللهَ حتَّى قُتِلَ، فذاك الذي يرفعُ النَّاس إليه أعينَهُم يوم القيامةَ هكذا _ورفعَ رأسَه حتَّى وقعَتْ قلنسوتَهُ، فما أدرِي أقلنسُوةَ النبيِّ صلعم_ قال: ورجلٌ مؤمنٌ جيِّد الإيمانِ، لقي العدوَّ، فكأنَّما ضربَ جلدَه بشوكِ طلحٍ من الجبنِ، أتاه سهمٌ غَرْبٌ فقتلَهُ فهو في الدَّرجة الثَّانية، ورجلٌ مؤمنٌ خلطَ عملاً صالحاً، فصدقَ اللهَ حتى قُتِلَ، فذاك في الدَّرجة الثَّالثة، ورجلٌ مؤمنٌ أسرفَ على نفسِهِ، لقيَ العدوَّ فصدقَ اللهَ حتَّى قُتِلَ، فذاك في الدَّرجةِ الرَّابعةِ))، وقال التِّرمذيُّ: هذا حسنٌ غريبٌ.
ومنها ما في ((الاستذكار)) عن عمرَ قال: الشَّهيدُ مَن احتسَبَ نفسَهُ على الله شهيداً، ومنها ما في ((الصَّحيح)): ((من قُتِل دونَ مالهِ فهو شهيدٌ، ومن قُتِلَ دونَ أهلهِ فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دونَ دينهِ فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دونَ دمهِ فهو شهيدٌ، ومَن وقصَه فرسُه أو لدغتْه هامةٌ، أو ماتَ على فراشِهِ على أيِّ حتفٍ شاء اللهُ فهو شهيدٌ، ومَن حبسَه السُّلطانُ ظالماً له أو ضرَبه فهو شهيدٌ، وكلُّ موتةٍ يموتُ بها المسلمُ فهو شهيدٌ)).
وفي حديثِ ابن عبَّاسٍ: ((المرابطُ يموتُ في فراشِهِ في سبيلِ الله فهو شهيدٌ، والشَّرقُ شهيدٌ، والَّذي يفترسُه السَّبُع شهيدٌ))، وعندَ ابنِ أبي عُمر من حديثِ ابن مسعودٍ: ((ومَن تردَّى من الجبالِ شهيدٌ))، وقال ابنُ العربيِّ: وصاحبُ النَّظرة وهو المعينُ والغريبُ شهيدان، قال: وحديثهما حسنٌ.
ولما ذكر الدَّارقطنيُّ حديث ابنِ عُمر: ((الغريبُ شهيدٌ))، صحَّحَه، وروى ابنُ ماجه بسندٍ جيِّدٍ من حديثِ أبي هُريرة: ((مَن ماتَ مريضاً ماتَ شهيداً ووقيَ فتنةَ القبرِ))، وللنَّسائيِّ من حديثِ سويد بنُ مُقرِّن: ((مَن قُتِل دونَ مظلمةٍ فهو شهيدٌ))، وللآجرِّيِّ بسندِه: ((يا أنسُ، إن استطعْتَ أن تكونَ أبداً على وضوءٍ فافعل، فإنَّ ملكَ الموتِ إذا قبضَ روحَ العبدِ وهو على وضُوءٍ كُتِبَ له شَهادةٌ))، ولأبي نُعَيم وقال: غريبٌ عن جابرٍ: ((مَن ماتَ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ أُجِيرَ من عذابِ القبرِ)).