-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
-
حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور
-
حديث: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم
-
باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
-
باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء
-
باب درجات المجاهدين في سبيل الله
-
باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة
-
باب الحور العين وصفتهن
-
باب تمني الشهادة
-
باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم
-
باب من ينكب في سبيل الله
-
باب من يجرح في سبيل الله عز وجل
-
باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}
-
باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}
-
باب: عمل صالح قبل القتال
-
باب من أتاه سهم غرب فقتله
-
باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-
باب من اغبرت قدماه في سبيل الله
-
باب مسح الغبار عن الناس في السبيل
-
باب الغسل بعد الحرب والغبار
-
باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}
-
باب ظل الملائكة على الشهيد
-
باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا
-
باب: الجنة تحت بارقة السيوف
-
باب من طلب الولد للجهاد
-
باب الشجاعة في الحرب والجبن
-
باب ما يتعوذ من الجبن
-
باب من حدث بمشاهده في الحرب
-
باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية
-
باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل
-
باب من اختار الغزو على الصوم
-
باب: الشهادة سبع سوى القتل
-
باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}
-
باب الصبر عند القتال
-
باب التحريض على القتال
-
باب حفر الخندق
-
باب من حبسه العذر عن الغزو
-
باب فضل الصوم في سبيل الله
-
باب فضل النفقة في سبيل الله
-
باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير
-
باب التحنط عند القتال
-
باب فضل الطليعة
-
باب: هل يبعث الطليعة وحده؟
-
باب سفر الاثنين
-
باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
-
باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر
-
باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}
-
باب اسم الفرس والحمار
-
باب ما يذكر من شؤم الفرس
-
باب: الخيل لثلاثة
-
باب من ضرب دابة غيره في الغزو
-
باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل
-
باب سهام الفرس
-
باب من قاد دابة غيره في الحرب
-
باب الركاب والغرز للدابة
-
باب ركوب الفرس العري
-
باب الفرس القطوف
-
باب السبق بين الخيل
-
باب إضمار الخيل للسبق
-
باب غاية السبق للخيل المضمرة
-
باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب بغلة النبي البيضاء
-
باب جهاد النساء
-
باب غزو المرأة في البحر
-
باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه
-
باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال
-
باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
-
باب مداواة النساء الجرحى في الغزو
-
باب رد النساء الجرحى والقتلى
-
باب نزع السهم من البدن
-
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله
-
باب فضل الخدمة في الغزو
-
باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر
-
باب فضل رباط يوم في سبيل الله
-
باب من غزا بصبي للخدمة
-
باب ركوب البحر
-
باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
-
باب: لا يقول فلان شهيد
-
باب التحريض على الرمي
-
باب اللهو بالحراب ونحوها
-
باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه
-
باب الدرق
-
باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق
-
باب حلية السيوف
-
باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة
-
باب لبس البيضة
-
باب من لم ير كسر السلاح عند الموت
-
باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر
-
باب ما قيل في الرماح
-
باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب
-
باب الجبة في السفر والحرب
-
باب الحرير في الحرب
-
باب ما يذكر في السكين
-
باب ما قيل في قتال الروم
-
باب قتال اليهود
-
باب قتال الترك
-
باب قتال الذين ينتعلون الشعر
-
باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر
-
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
-
باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟
-
باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
-
باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه
-
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس
-
باب الخروج بعد الظهر
-
باب الخروج آخر الشهر
-
باب الخروج في رمضان
-
باب التوديع
-
باب السمع والطاعة للإمام
-
باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به
-
باب البيعة في الحرب أن لا يفروا
-
باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون
-
باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال
-
باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}
-
باب من غزا وهو حديث عهد بعرسه
-
باب من اختار الغزو بعد البناء
-
باب مبادرة الإمام عند الفزع
-
باب السرعة والركض في الفزع
-
باب الجعائل والحملان في السبيل
-
باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب الأجير
-
باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر
-
باب حمل الزاد في الغزو
-
باب حمل الزاد على الرقاب
-
باب إرداف المرأة خلف أخيها
-
باب الارتداف في الغزو والحج
-
باب الردف على الحمار
-
باب من أخذ بالركاب ونحوه
-
باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو
-
باب التكبير عند الحرب
-
باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير
-
باب التسبيح إذا هبط واديًا
-
باب التكبير إذا علا شرفًا
-
باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
-
باب السير وحده
-
باب السرعة في السير
-
باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع
-
باب الجهاد بإذن الأبوين
-
باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل
-
باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟
-
باب الجاسوس
-
باب الكسوة للأسارى
-
باب فضل من أسلم على يديه رجل
-
باب الأسارى في السلاسل
-
باب فضل من أسلم من أهل الكتابين
-
باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري
-
باب قتل الصبيان في الحرب
-
باب قتل النساء في الحرب
-
باب: لا يعذب بعذاب الله
-
باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}
-
باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟
-
باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟
-
باب26
-
باب حرق الدور والنخيل
-
باب قتل النائم المشرك
-
باب: لا تمنوا لقاء العدو
-
باب: الحرب خدعة
-
باب الكذب في الحرب
-
باب الفتك بأهل الحرب
-
باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته
-
باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق
-
باب من لا يثبت على الخيل
-
باب دواء الجرح بإحراق الحصير
-
باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه
-
باب: إذا فزعوا بالليل
-
باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس
-
باب من قال: خذها وأنا ابن فلان
-
باب: إذا نزل العدو على حكم رجل
-
باب قتل الأسير وقتل الصبر
-
باب: هل يستأسر الرجل؟ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل
-
باب فكاك الأسير
-
باب فداء المشركين
-
باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان
-
باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون
-
باب جوائز الوفد
-
باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟
-
باب التجمل للوفود
-
باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟
-
باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا
-
باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم
-
باب كتابة الإمام الناس
-
باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
-
باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو
-
باب العون بالمدد
-
باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا
-
باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره
-
باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم
-
باب من تكلم بالفارسية والرطانة
-
باب الغلول
-
باب القليل من الغلول
-
باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم
-
باب البشارة في الفتوح
-
باب ما يعطى البشير
-
باب: لا هجرة بعد الفتح
-
باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة
-
باب استقبال الغزاة
-
باب ما يقول إذا رجع من الغزو
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر.
-
باب الطعام عند القدوم
-
حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░31▒ (بابُ قَولِ اللهِ تَعَالَى): ولأبي ذرٍّ: <╡> بدل: ((تعالى))؛ أي: بابُ بيانِ سببِ نزولِ قولِ الله تعالى في سورة النِّساء ({لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}): أي: عن الجهادِ للكفَّار، ويجوزُ تنوين ((باب))، فـ((قول)) مبتدأ وخبرُه محذوفٌ يقدَّر؛ نحو: يدلُّ على فضلِ الجهَادِ.
({مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}): حالٌ من {الْقَاعِدُونَ}، أو من ضَميره، و{مِنَ} بيانيَّةٌ، وقيل: للتَّبعيضِ، والمراد: القاعدون عن غزوةِ بدرٍ، كما قاله ابن عبَّاسٍ أو عن غَزوة تبوك، كما قاله مقاتلٌ ({غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}): برفع {غَيرُ} صفةٌ لـ{الْقَاعِدُونَ}؛ لأنَّه لم يُقصَد به قومٌ بأعيانهم وبدل منهم، وقرأَ نافعٌ وابن عامرٍ والكسائيُّ بنصبها حال أو استثناء منهم، وقُرِئ بجرِّها على أنَّها صفة لـ{الْمُؤْمِنِينَ}، أو بدل منهم، و{الضَّرَرِ}: المرضُ أو العاهَة من عمَى أو عرجٍ أو زَمانةٍ أو نحوها.
قال في ((الكشَّاف)): وعن زيدِ بن ثابتٍ: كنتُ إلى جنبِ رسولِ الله صلعم فغشيَتْه السَّكينةُ، فوقعَتْ فخذُه على فخذِي حتَّى خشيتْ أن ترضَّها، ثم سُرِّي عنه، ثمَّ قال: ((اكتبْ))، فكتبتُ في كتفٍ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ}، فقال ابنُ أمِّ مكتومٍ وكان أعمَى: يا رسولَ الله، وكيفَ بمَن لا يستطيعُ الجهادَ من المؤمنين؟ فغشيتْه السَّكينةُ كذلك، ثمَّ قال: ((اقرأْ يا زيدُ))، فقرأتُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فقال: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}، قال زيدٌ: أنزلها اللهُ وحدَها فألحقتُها، والَّذي نفسِي بيدِه لكأنِّي أنظرُ إلى ملحقهَا عند صدعٍ في الكتفِ، انتهى، وما نقلَهُ عن زيدٍ بالعنعنةِ، رواه البخاريُّ في هذا البابِ، وكذا أصحابُ ((السُّنن)) كما في الخفَاجيِّ.
({وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ}): بعطف {الْمُجَاهِدُونَ} على {الْقَاعِدُونَ}، والظَّرفان متعلِّقان به؛ أي: لا يستَوي المجاهدونُ والقاعدونُ عنه من غيرِ عذرٍ، وهذا وإن كان معلوماً لكن فائدتُه تذكيرُ ما بينهما من التَّفاوتِ العظيمِ والبونِ البعيدِ؛ ليأنفَ القاعدُ عن الجهادِ ويرغبُ فيه أنفةً عن انحطَاطِ منزلتهِ، ففيه حثٌّ عليهِ كقولهِ تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]؛ لينهضَ بنفسِهِ عن صفةَ الجَهلِ إلى شرفِ العلمِ، قاله في ((الكشَّاف)).
وجملة: ({فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}): موضِّحةً لِما نُفِي من استواءِ القاعدِينَ والمجاهِدِين، كأنَّه قيل: ما لهم لا يستوونَ؟ فأُجيبَ بذلك، و{دَرَجَةً} نُصِبَ بنزعِ الخافضِ؛ أي: بدرجةٍ، أو على المصدرِ؛ لأنَّه تضمَّنَ معنى التَّفضيل، ووقعَ موقعَ المرَّة منه كأنَّه قيل: فضَّلهُم تفضيلة، أو على الحال بمعنى: ذوي درجةٍ، قاله البيضاويُّ كـ((الكشَّاف)).
({وَكُلًّا}): أي: من القاعدِين والمجاهدين ({وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}): بنصبٍ {كُلًّا} بـ{وَعَدَ} باتِّفاق السَّبعةِ على نصبها، وقرأَ الحسنُ البصريُّ برفعِهِ كما رفعَه ابن عامرٍ في سورة الحديدِ، نبَّه عليه الخفَاجيُّ مع بيان أنَّه رفعَه هناك؛ لعدمِ الفعليَّة قبله، ولا يَرِد عليهِ أنَّ حذفَ العائد مخصُوصٌ بالشِّعرِ على ما في ((أمالي ابن الشجريِّ))؛ لأنَّ الصَّحيحَ / عدمُ اختصَاصِهِ به، فاعرفْه.
و{الْحُسْنَى} هي الجنَّة، وعدَّهُم بها لحُسن عقيدتهم وخلوصِ نيَّتهم، وأمَّا التَّفاوتُ فبزيادَةِ العملِ، وقال في ((الكشَّاف)): {وَكُلًّا}؛ أي: وكلُّ فريقٍ من القاَعدينَ والمجاهدِينَ {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى}؛ أي: المثوبةَ الحسْنَى، وهي الجنَّة وإن كانَ المجاهدون مفضَّلين على القاعدِينَ درجةً، وعن النبيِّ صلعم: ((لقد خلفتُم بالمدينةِ أقواماً ما سِرْتُم مَسِيراً ولا قطعتُم وادياً إلَّا كانُوا معكُم))، وهم الذين صحَّتْ نيَّاتهم، ونصحت جيوبهم بمعنى قلوبهم، وكانتْ أفئدتهُم تهوي إلى الجهادِ، وبهم ما يمنعُهُم من المؤمنينَ من ضَررٍ أو غيرِه.
({وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ}): أي: عن الجهاد ({أَجْراً عَظِيماً}): بنصب {أَجْرًا} على المصدر؛ لأنَّ {فَضَّلَ} بمعنى آجر، أو على أنَّه مفعولٌ ثانٍ له؛ لتضمُّنه معنى أعطَى، أو على أنَّه حالٌ من {دَرَجَاتٍ} وإن كانَتْ نكرةً لتقدُّمهِ عليها.
({دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً}): بنصب {دَرَجَاتٍ} وما بعدَها على أنَّ كلَّ واحدٍ بدلٌ من {أَجْرًا}، ويجوزُ نصب {دَرَجَاتٍ} على المفعولِ المطلقِ، كأنَّه قيل: وفضَّلهُم تفضيلاتٍ، ونظيرُه: ضربتُه أسواطاً، وأمَّا نصب {مَغْفِرَةً وَرَحْمَةً} فعلى المصدريَّة لفعلٍ مضمرٍ يُقدَّر بغفرَ ورحمَ، قاله البيضاويُّ، وقال أيضاً: كرَّر تفضيلَ المجاهدين وبالغَ فيه إجمالاً وتفصيلاً تعظيماً للجهادِ وترغيباً فيه، وقيل: الأوَّل ما خوَّلهم به في الدُّنيا من الغنيمةِ والظَّفرِ وجميلِ الذِّكرِ، والثَّاني ما جعلَ لهم في الآخرَةِ، وقيل: المرادُ بالدَّرجةِ: ارتفاعُ منزلتِهِم عندَ الله تعالى، والدَّرجاتُ مَنازلهم في الجنَّةِ، وقيل: القاعدونَ الأولُ هم الأضرَّاء والقاعدون، الثَّاني هم الذين أذنَ لهم في التَّخلُّف اكتفاءً بغيرِهِم، وقيل: المجاهدون الأُوَل: مَن جاهدَ الكفَّار، والآخرون مَن جاهدَ نفسَهُ، وعليه قوله عليه السَّلام: ((رجعْنَا من الجهَادِ الأصغَرِ إلى الجهادِ الأكبرِ))، انتهى.
وقوله: وقيل المرادُ بالدَّرجةِ ارتفاعُ... إلخ قال الخفاجيُّ: يعني: المراد بالتَّفضيلِ الأوَّل رضوانُ الله تعالى ونعميه الرُّوحاني، والثَّاني نعيمُ الجنَّة المحسوسُ، ثمَّ قال: وإرادةُ جهادِ النَّفسِ يأباهُ السِّياق وسببُ النُّزول، ولذا أخَّره، وقال المحدِّثون: هذا الحديثُ لا أصلَ له، انتهى.
وفي البغويِّ: قال ابنُ محيريز: في هذِهِ الآيةِ هي سبعون درجةً، ما بين الدَّرجتين عدْوُ الفرسِ الجوادِ المضمَرِ سبعين خريفاً، وقيل: الدَّرجاتُ هي الإسلامُ والجهادُ والهجرةُ والشَّهادة، فازَ بها المجاهدونَ، وذكرَ بسندِهِ إلى أبي سعيدٍ الخدريِّ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: ((يا أبا سعيدٍ، مَن رضيَ بالله ربًّا، وبالإسلامِ ديناً، وبمحمَّد صلعم نبيًّا وجبَتْ له الجنَّة))، فتعجَّبَ بها أبو سعيدٍ قال: أعدها عليَّ يا رسولَ الله ففعلَ، قال رسولُ الله صلعم: ((وأُخْرى يرفعُ اللهُ بها العبدَ مائةَ درجةٍ في الجنَّة، ما بين كلِّ درجتين كما بينَ السَّماء والأرضِ))، فقال: وما هي يا رسولَ الله؟ قال: ((الجهادُ في سبيلِ الله، الجهادُ في سبيلِ الله)).
وذكر بسندِهِ أيضاً إلى أبي هُريرة ☺ قال: قال رسولُ الله صلعم: ((مَن آمنَ بالله ورسوله، وأقامَ الصَّلاة، وصامَ رمضان، كان حقًّا على اللهِ أن يدخلَهُ الجنَّةَ جاهدَ في سبيلِ اللهِ، أو جلسَ في أرضهِ التي وُلد فيها))، قالوا: يا رسولَ الله، أفلا ننذرُ النَّاس بذلك؟ قال: ((إنَّ في الجنَّة مائةَ درجةٍ أعدَّها الله للمجاهدينَ في سبيلهِ ما بين كلِّ درجتينِ كمَا بين السَّماء والأرضِ، وإذا سألتُم اللهَ فاسألوهُ الفردوسَ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّة وأعلى الجنَّة وفوقَهُ عرشُ الرَّحمن، ومنه تفجَّرُ أنهارُ الجنَّة)) / .
({وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا}): أي: لِمَا عسَى أن يفرطَ منهُم من تقصيراتٍ وارتكابِ الخطيئاتِ ({رَحِيمًا} [النساء:95-96]): أي: بهم، فلذا وعدَهُم بالجنَّات.
تنبيه: الثَّابتُ في الرِّواية للأكثرِ ذكرُ الآيةِ في قوله: {عَلَى الْقَاعِدِينَ}، وقالوا عَقِبَه: <إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا}>، ووقع لأبي ذرٍّ ذكرها إلى قوله: <{غَيرُ أُولِي الضَّرَرِ}> وقال عَقِبَه: <إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا}>.