أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب هل يقال: مسجد بنى فلان؟

          ░41▒ هذا (بابٌ)؛ بالتنوين: (هل يقال: مسجد بني فلان؟)؛ يعني: هل يجوز أن يضاف مسجد من المساجد إلى قبيلة، أو إلى أحد مثل بانيه أو الملازم للصلاة فيه، فيقال: مسجد بني أمية، أو مسجد سنان باشا؟
          نعم؛ يجوز، والدليل عليه حديث الباب المروي عن ابن عمر الآتي ذكره، وإنما ترجم المؤلف الباب بلفظة (هل) التي للاستفهام؛ إشارةً إلى أنَّ في هذا خلاف إبراهيم النخعي، فإنَّه كان يكره أن يقال: مسجد بني فلان؛ لقوله تعالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن:18]، ذكره عنه ابن أبي شيبة، وحديث الباب يرد عليه، والجواب عن تمسكه بالآية: أن الإضافة فيها إلى الله تعالى حقيقة، وإضافتها إلى غيره إضافة تمييز وتعريف على سبيل المجاز لا للملك، كذا قاله إمام الشَّارحين، وتبعه الشراح.
          قلت: وقد يقال: إن إبراهيم النخعي لا يمنع الجواز، بل كان يكره ذلك، وبين الكراهة وعدم الجواز فرق بيِّن(1)، فالأولى عدم الاعتداد بخلافه؛ لأنَّ الكراهة لا تفيد عدم الجواز، وعادة المؤلف إطلاق ترجمته، وعدم القطع بالحكم؛ فلهذا أتى بالاستفهام، وقد يقال: إن عادة المتقدمين التعبير بالكراهة، ومُرادهم عدم الجواز، وعليه فيكون مراده بالكراهة عدم الجواز؛ فافهم.
          قال إمامنا الشَّارح: (ووجه ذكر هذا الباب ههنا، ووجه المناسبة بينه وبين الأبواب المتقدمة: أن المذكور في الأبواب السابقة أحكام تتعلق بالمساجد، والمذكور في هذا الباب أيضًا حكم من أحكامها، وهذا القدر كاف) انتهى.


[1] في الأصل: (فرقًا بينًا)، وليس بصحيح.