أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى

          ░109▒ هذا (بابٌ) بالتنوين (المرأة) مبتدأ (تطرح)؛ أي: ترمي، خبره (عن المصلي شيئًا من الأذى) وكلمة (من) بيانية؛ أي: النجس، كقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222]؛ أي: نجس، واقتصر إمام الشَّارحين على تنوين (باب)، وزعم العجلوني أنَّه يجوز تركه، وعليه؛ فالجملة حال من المضاف إليه، أو مستأنفة، انتهى، قلت: الظَّاهر: أنَّه بالتنوين فقط؛ لأنَّه على عدمه يختل التركيب والمعنى؛ فافهم.
          قال ابن بطال: (هذه التَّرجمة قريبة من التراجم التي قبلها؛ لأنَّ المرأة إذا تناولت ما على ظهر المصلي؛ فإنَّها تقصد إلى أخذ ذلك من أي جهة كانت، فإن لم يكن هذا المعنى أشد من مرورها بين يديه؛ فليس دونه) انتهى.
          قلت: وفيه نظر؛ فإن هذه التَّرجمة مستقلة بنفسها لا تَعلُّق لها بالأبواب والتراجم التي قبلها، فإن أحكام السترة والمرور قد أتمها البخاري وأكملها، وقد ذكر في هذا الباب والذي قبله مسائل في أحكام الصلاة؛ لأنَّه من تتمة كتاب (الصلاة)، وليس في الحديث مرور غير أنها قد تناولت القذر من ظهر المصلي، وهو ليس بمرور أصلًا، ومراد البخاري بهذا الباب: أن المرأة إذا طرحت قذرًا عن ظهرالمصلي؛ هل تفسد صلاته أم لا؟ فالفساد ناشئ من وقوع الأذى على ظهره وهو يصلي، هل يمضي في صلاته أم يقطعها؟
          وذكر حديث الباب في باب مستقل وترجم له: (باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة؛ لم تفسد عليه صلاته)، ذكره في (الطهارة)، وإنما أعاده هنا لبيان اختلاف العلماء في ذلك، ولأن عادته تكرار الأحاديث؛ لأخذ الأحكام منها مع تغيير السند والمتن؛ فافهم.