أصل الزراري شرح صحيح البخاري

باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

          ░70▒ هذا (باب) حكم (ذكر البيع والشراء)؛ أي: الإخبار بوقوعهما من غير كراهة في الخطبة (على المنبر) الكائن (في المسجد)؛ أي: النَّبوي وغيره، بخلاف فعل البيع والشراء، فإنَّه منهي عنه فيه، وليس المراد: أنَّه أوقعهما فيه كما توهمه بعضهم؛ حيث زعم أنَّه لا مطابقة بين الحديث والتَّرجمة، كما نبَّه عليه إمام الشَّارحين، فقوله: (على المنبر) : متعلق بقوله: (ذِكرُ)، وقوله: (في المسجد) : صفة للمنبر أو حال منه، وفي رواية تقديم (المسجد) على (المنبر)، وفي رواية أبي ذر: (على المنبر والمسجد)؛ بالواو العاطفة، وعليها فيشكل تعدية (ذكر) بـ (على) بالنسبة للمسجد؛ لأنَّ التقدير يكون: وعلى المسجد، وأجاب إمام الشَّارحين: (بأنه ضمَّنه معنى الاستعلاء؛ عكس قوله تعالى: {لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71]، وبأنه يغتفر بالتَّابع ما لا يغتفر في المتبوع، وبأنه من باب قولهم: علفتها تبنًا وماء باردًا؛ فإن تقديره: وسقيتها ماء باردًا؛ لأنَّه لا يعلف بالماء) انتهى بزيادة.
          وقال المازري: اختلفوا في جواز ذلك في المسجد مع اتفاقهم على صحة العقد لو وقع، انتهى.
          قلت: فيه نظر، فإن العقد حال الخطبة جائز مع الحرمة عند الإمام الأعظم وأصحابه، وغير صحيح عند مالك ومن تبعه، وأما العقد في المسجد في غير حال الخطبة من غير إحضار السلعة؛ فجائز غير مكروه، وبها؛ مكروه؛ فافهم.
          وقد خبط هنا العجلوني وخلط، وأطلق في محل التقييد، وغير العبارة، ولم يفهم الإشارة؛ فافهم.