غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

حذيفة بن اليمان

          228 # حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَان _بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، وخفَّة الميم_ حِسْل، أو حُسَيْل، أبو عبد الله العَبْسِيُّ(1) ، الصَّحابيُّ.
          واليَمَان لقَب / عليه، وإنَّما قيل له ذلك؛ لأنَّه أصاب دماً في قومه(2) ، فهرب إلى المدينة، وحالف بني الأَشْهَل من الأنصار، فسمَّاه قومُه: اليَمَان؛ لأنَّ الأنصار من اليمن.
          وهاجر إلى النَّبيِّ صلعم، فخيَّره بين الهجرة والنُّصْرة، فاختار النُّصرة، وشهد أُحُداً، وقُتل أبوه بها.
          وهو صاحب سِرِّ رسول الله صلعم في المنافقين، لم يعلَمهم أحدٌ إلَّا حُذيفة، بإعلام رسول الله صلعم، وذلك: أنَّ رسول الله صلعم لمَّا قَفَل من تَبوك، همَّ جَمعٌ من المنافقين بضعةَ عشرَ رجلاً أن يَفتِكوا برسول الله صلعم، فتَلثَّموا ليلاً، وتقدَّموا العَسكرَ (ليتكمَّنوا)، فيتمكَّنوا منه، فمَرُّوا على رسول الله صلعم فقال: «يا حُذيفةُ! أتَعرِفُ هؤلاء؟» قال: لا يا رسول الله! فقال: «إنَّما هم فلان بن فلان، وفلان بن فلان». فسمَّى جَميعَهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وبيَّن له قصدَهم، واستكتمه، فما ذَكَرهم صريحاً لأحدٍ أبداً(3) .
          وسأله عمر: أفي عُمَّالي أحدٌ من المنافقين؟ قال: نعم. قال: مَن هو؟ قال: لا أَذكرُه. قال حُذيفة: فعزَله عمرُ، كأنَّما دُلَّ عليه.
          وكان عمر إذا مات ميِّتٌ يَسأل عن حُذيفة، فإنْ حضر الصَّلاةَ عليه صلَّى عليه، وإن لم يحضر حُذيفة لم يحضر عمر؛ لأنَّ الصَّلاة على المنافق حرامٌ بقوله تعالى: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ } [التوبة:84] ، أيْ للدُّعاء، فإنَّه كان من عادته أنَّه يَقِف على القبر، فيدعو لصاحبه، فنُهيَ عن ذلك.
          وشهد حُذيفةُ الحربَ بنَهَاوَنْد، فلمَّا قُتِل النُّعْمانُ بنُ مُقَرِّن أميرُ ذلك الجيش، أخذَ حذيفةُ الرَّايةَ، وكان فَتْحُ هَمَذَانَ والرَّيِّ والدِّيْنَوَرِ على يده، وذلك: أنَّ عُمر بلَغه اجتماعُ الفُرْس بنَهَاوَند، فكتب إلى أهل الكوفة والبصرة ليَسيرَ ثُلُثاهم، وقال: لأَستعْمِلَنَّ عليهم رجلاً يكونُ لها. فخرج إلى المسجد، فرأى النُّعمانَ بن مُقَرِّن يصلِّي، فأمره بالمسير والتقدُّم على الجيش في قتال الفُرْس، وقال: إنْ قُتِل النُّعمانُ، فحُذيفةُ، وإن قُتِل حُذيفةُ، فجَريرٌ. [فخَرَج النُّعمانُ ومعه حُذيفةُ والمُغيرةُ بن شُعبة والأَشعث بن قَيس وجَرير](4) وعَبد الله بن عمر(5) ، فلمَّا أتى نَهَاوند، قال النُّعمان: يا مَعشرَ المسلمين! شَهِدتُ / رسولَ الله صلعم، فكان إذا لم يُقاتِلْ أوَّلَ النَّهار، أخَّر القتالَ حتَّى تزول الشَّمس(6) ، اللَّهمَّ ارزُقِ النُّعمانَ الشَّهادةَ بنَصْرِ المسلمين، والفَتْحِ عليهم. فأمَّن القومُ، ثمَّ قال النُّعمان: إذا هَزَزتُ اللِّواء ثلاثاً، فاحملوا مع الثَّالثة، فإن قُتلتُ، فلا يَلْوي عليَّ أحدٌ. فلمَّا هَزَّ اللِّواءَ الثَّالثةَ حَمَل النَّاسُ معه، فقُتل، وأخذَ الرَّايةَ حُذيفةُ، ففتح الله عليهم، وكانت الوقعةُ سنةَ إحدى وعشرين، يومَ الجمعة، ولمَّا جاءَ نَعِيُّه إلى عمر، خرج إلى النَّاس، فنَعَاه إليهم على المنبر، ثمَّ وضع يده على رأسه وبكى، وكانت الوقعةُ مع الهُرْمُزان.
          وشَهِد حذيفةُ فتحَ الجزيرة، ونزل نَصيبين، وتزوَّج بها.
          وكان يَسأل النَّبيَّ صلعم عن الشَّرِّ ليتجَنَّبه، وأَرسلَه ليلةَ الأحزاب ليأتيَه بخبر الكُفَّار.
          عن إبراهيم التَّيْمِيِّ: أنَّ فتىً من أهل الكوفة قال لحُذيفة: يا أبا عبد الله! رأيتُم رسولَ الله صلعم وصحبتموه؟ قال: نعم، يا ابنَ أخي. قال: كيف كنتم تَصنعون؟ قال: والله لقد كُنَّا نَجْهَد. قال الفتى: واللهِ، لو أَدركناه ما خَلَّيناه يَمشي على الأرض، ولحمَلناه على أعناقنا، ولفعلنا وفعلنا. فقال حُذيفة: يا ابنَ أخي! واللهِ، لقَد رأيتُني يومَ الأحزاب مع رسول الله صلعم، فقال: «مَن يَقوم، فيذهبُ إلى هؤلاء القوم، فيأتينا بخبرهم؟ أَدخَلَه الله الجنَّةَ». فما قام مِنَّا رجلٌ، ثمَّ صلَّى رسول الله صلعم ما شاء، ثمَّ التَفَت (إلينا)، فقال مثلَه، فسكتَنا(7) ، وما قام مِنَّا أحدٌ، ثمَّ صلَّى ما شاء الله، ثمَّ التفت إلينا، وقال: «مَن يَنظُر لنا(8) ما فَعَل القومُ على أن يكونَ رفيقي في الجنَّة؟» فما قام رجلٌ؛ من شِدَّة الخوف، وشِدَّة الجوع والبرد، فدعاني، فقال: «يا حُذيفةُ(9) ». [فلم أجد بدًّا من القيام، فقلت لبَّيك يا رسول الله وسَعديك] ، (فأتيته)، وإنَّ جَنبَيَّ ليضطربان، فمسح رأسي ووجهي، ثمَّ قال: «ائْتِهم، وائتِني بخبرهم، ولا تُحْدِثْ شيئاً (حتَّى) تَرجعَ إليَّ». ثمَّ قال: «اللَّهمَّ احفَظْه من بين يَدَيه، ومِن خَلفِه، وشِماله ويمينه، وفوقِه وتَحتِه». فخَرجت إليهم، كأنَّما أَمشي في حَمَّام، فرأيتُ أبا سفيان يَصطلي بنار، فوضعتُ سَهماً في كَبِد قوسي لأَرميَه، ولو رميتُه لأصبته، فذكرتُ قولَ النَّبيِّ صلعم: «لا تُحْدِثْ شيئاً حتَّى تَرجعَ إِليَّ». فكففتُ يدي، ولمَّا رأى أبو سفيان هبوبَ الرِّيح، ولم تَدَعْ لهم ناراً، ولم تَذَرْ لهم قراراً، قال: لِيأْخُذْ كلُّ رجلٍ بيدَ صاحِبِه، ولِينظُرْ مَن هو. فأَخذتُ بيد جَليسي، فقلتُ: مَن أنت؟ قال: سبحان الله! أنا فلان. /
          وإذا رجلٌ من هَوَازِن، ثمَّ قال أبو سفيان بأعلى صوته: أنتم تَعلَمون هذه(10) الرِّيح، وقد بلغني خُلْفُ بني قُرَيظة، فارتَحِلوا، فإنِّي راحلٌ. وركب، فرجعتُ إلى رسول الله صلعم كأنَّما أَمشي في حَمَّام، وإذا به يُصلِّي، فلمَّا انفَتَل من(11) صلاته أخبرته، فضحك حتَّى بدت أنيابُه في جوف اللَّيل، فلمَّا أخبرته، ذهب عَنِّي ما كنت أَجِده، فأدناني عند رِجلَيه، وأَلقى عَليَّ طرفَ ثوبه، وألزق صَدري ببطن قدمَيه، فلم أزل نائماً حتَّى أصبحتُ، قال لي: «قُمْ يا نَوْمَانُ». انتهى(12) .
          ولم يشهد حُذيفة بدراً؛ لأنَّ المشركين أخذوا عليه الميثاق لا يقاتلهم، فسأل النَّبيَّ صلعم: هل يُقاتِل أو لا؟ فقال: «بل تَفِي لهم، ونَستعين الله عليهم»(13) .
          وسأل رجلٌ حذيفةَ: أيُّ الفِتن أَشدُّ؟ قال: أن يُعرض عليكَ الخيرُ والشَّرُّ، فلم تَدرِ أيَّهما تَركبُ(14) .
          قال حذيفة: حدَّثَنا رسولُ الله صلعم حديثَين، قد رأيتُ أحدَهما، وأنا أنتظر الآخَرَ، حدَّثَنا: أنَّ الأَمانةَ نَزلت في جَذر(15) قُلوب الرِّجال، ثمَّ نزل القرآن، فعَلِموا من القرآن، وعَلِموا من السُّنَّة، ثمَّ حدَّثَنا عن رفع الأمانة، فقال: «يَنام الرَّجل النَّومة، فتُقبَض الأمانةُ من قلبه، فيظلُّ أَثرُها مثلَ الوَكْتِ(16) ، ثمَّ ينام نَوْمَة، فتُقبض الأمانةُ، فيظلُّ أثرُها مثلَ المَجْل، كجمرٍ دَحْرَجْتَه على رجلَيك، فتنفَّطَتْ، فتراه مُنْتَبِراً(17) ، وليس فيه شيء _ثمَّ أخذ حَصاةً، فدَحرجها على رجله، قال: _ فيُصبح النَّاس يتبايعون، لا يكاد أحدٌ يؤدِّي الأمانةَ؛ حتَّى يُقال: إنَّ في بني فلان رجلاً أميناً. وحتَّى يقال للرَّجل: ما أجلَده، وما أظرفَه، وما أعقلَه! وما في قلبه مثقالُ حَبَّة من خَرْدلٍ من إيمان». قال: ولقد أتى عَليَّ زمان، وما أبالي أَيَّكم بايعت، لئن كان مسلماً، ليردَّنَّه عليَّ(18) دِيْنُه، ولئن كان يهوديًّا أو نصرانيًّا، ليردَّنَّه عَليَّ ساعِيْهِ(19) ، وأمَّا اليوم فما كنتُ لأُبايِعَ إلَّا فلاناً [وفلاناً](20) .
          روى زيدُ بنُ أَسْلَمَ: أنَّ عُمر ☺ قال لأصحابه: تَمنَّوا. فتمنَّوا مِلْءَ البيت الذي كانوا فيه أموالاً وجواهرَ ينفقونها في سبيل الله تعالى، فقال عمر: لكنِّي أتمنَّى رجالاً مثلَ أبي عُبيدةَ، ومُعاذِ بن جبل، وحذيفةَ بنِ اليَمَان، أستعملهم في طاعة الله. ثمَّ بعث بمالٍ إلى أبي عُبيدة، وقال: انظُرْ ما يَصنع؟ قال: فقَسمه، ثمَّ بعث بمالٍ إلى حُذيفة، وقال: انظُرْ ماذا يَصنع؟ قال: فقسمه، وهكذا مُعاذ، قال عمر: قد قلتُ لكم. /
          قال ليثُ بنُ أبي سُلَيم: لمَّا نزل بحُذيفةَ الموتُ جزع جزعاً شديداً، وبكى بكاءً كثيراً، فقيل: ما يبكيك؟ قال: ما أَبكي أَسَفاً على الدُّنيا، بل الموت أحَبُّ إِليَّ، ولكنِّي لا أدري على ما أَقدَم، على رضىً أم على سخط.
          وقيل: لمَّا حضَره الموتُ، قال: هذه آخِرُ ساعةٍ من الدُّنيا، اللَّهمَّ إنَّك تعلم أنِّي أُحبُّك، فبارِكْ لي في لقائِك. ثمَّ مات.
          وكان موتُه بعد(21) قَتل عثمانَ بأربعين ليلةً.
          قال محمَّد بن سِيرين: كان عُمَرُ إذا استَعمل عاملاً كتب عهدَه: وقد بعثتُ فلاناً، وأَمَرته بكذا. فلمَّا استَعمَل حُذيفةَ على المدائن، كتب عهدَه: أنْ اسمَعوا له وأَطِيعوا، وأَعطُوه ما سألكم. فلمَّا قدم المدائنَ استقبله الدَّهَاقين، فلمَّا قرأ عهدَه، قالوا: سَلنا ما شئتَ. قال: أسألكم طعاماً آكلُه، وعَلَفَ حِماري، ما دُمتُ فيكم. فأقام فيهم، ثمَّ كتب إليه عمر ليقدم عليه، فلمَّا بَلَغ عمرَ قدومُه، كَمَنَ له في الطَّريق، فلمَّا رآه عمر على الحال التي خرج من عنده، قام إليه فالتزمه، وقال: أنت أخي، وأنا أخوك.
          [قال في الإحياء في حقوق الأخوَّة(22) : إنَّ النَّبيَّ صلعم خرج إلى بئر يغتسل عنده، فأمسك حذيفة بن اليمان بالثَّوب على رسول الله صلعم وستره حتَّى اغتسل، ثمَّ جلس حذيفة ليغتسل، فتناول رسول الله صلعم الثَّوب وقام يستر حذيفة من النَّاس، فأبى حذيفة، وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لا تفعل. فأبى إلَّا أن يستره بالثَّوب حتَّى اغتسل، وقال صلعم: «ما اصطحب اثنان قطُّ إلَّا كان أحبَّهما إلى الله أرفقُهما بصاحبه»] .
          روى حُذيفة عن رسول الله صلعم مئتي حديث، وخمسة وعشرين حديثاً. قاله ابن حزم(23) .
          قال الكِرْمانيُّ(24) : رُوِي له عشرون حديثاً، تفرَّد البخاريُّ منها بثمانية.
          وقال ابن حجر(25) : روى البخاريُّ منها اثنين وعشرين حديثاً.
          روى عنه: قيسُ بن أبي حازم، وأبو وائل، وزيدُ بن وَهْب، وأبو إدريس الخَوْلانيُّ، ورِبْعِيُّ بنُ حِرَاش(26) .
          وخارج الصَّحيح، روى عنه: أبو عُبيدة، وعُمر بن الخطَّاب، وعليُّ بن أبي طالب.
          روى عنه البخاريُّ بالواسطة، في أوَّل كتاب العلم [خ¦قبل 61] ، وفي(27) الوضوء [خ¦224] ، وغيرها(28) .
          توفِّي أوَّل سنة ستٍّ وثلاثين، بالمدائن.
          وهو حَلِيفُ بني(29) الأَشْهل، وابنُ أختهم.
          - فائدة:
          في حلِّ الألفاظ الواردة في الحديث المذكور:
          الجَذر _بفتح الجيم وكسرها، وبالمعجمة السَّاكنة_: الأصل.
          والوَكْتُ _بفتح الواو، وسكون الكاف، آخرها مثنَّاة فوقيَّة_: الأَثَر اليسير، وجَمعُه: وَكَتٌ _بفتحتين(30)_ والبُسْرُ إذا وقعت فيه نُكتة من الإِرْطَاب، فقد وَكَّتَ بالتَّشديد.
          والمَجْلُ _بفتح الميم، وسكون الجيم_: من مَجَلَتْ يدُه تَمْجُل، بفتح الجيم في الماضي، وضمِّها في المضارع، وسكونها في المصدر، ومَجِلَتْ تَمْجَل مَجَلاً، بكسر الجيم ماضياً، وفتحها غابراً(31) ومصدراً: إذا ثخن جلدها وتعجَّن(32) ، يعني يظلُّ أثرها كأثر المَجْل.
          والمُنْتَبِرُ(33) _بضمِّ الميم، وسكون النُّون، وفتح الموحَّدة، وكسر المثنَّاة الفوقيَّة_: المُرتَفع، ومنه المِنْبَر.
          - تتمَّة:
          العَبْسِيُّ / _بفتح المهملة، وسكون الموحَّدة، ثمَّ مهملة_: منسوب إلى أبي القبيلة، وهو عَبْس بن بَغِيْض بن رَيْث بن غَطَفَان.
          ويَلتبس بهذه المادَّة موادُّ، منها:
          عَنْسِيٌّ، مثل الأوَّل، لكنَّه بالنُّون.
          وعَيْشِيٌّ كذلك، لكن بالمثنَّاة التَّحتيَّة، والشِّين المعجمة.
          والعِيْشِيُّ كذلك، لكن بكسر المهملة.
          أمَّا الأوَّل، فهو: في أهل الكوفة، كعُبيد الله بنِ مُوسى وغيره.
          و [أمَّا] الثَّاني، فمعظمه وغالبه بالشَّام، كبلال بن سَعْد، وعُمير بن هانئ، من التَّابعين، وإنَّما قلنا: غالبه، فقد يقع على النُّدْرَةِ خلافُه، كعمَّار(34) بن ياسر من الصَّحابة، فإنَّه عَنْسِيٌّ _بالنُّون والمهملة_ مع أنَّه معدود في الكوفيِّين.
          وأمَّا الثَّالث، فعامَّتهم بالبصرة؛ إمَّا بصريُّون، أو نَزلوا البصرة، كعبد الرَّحمن بن المبارَك.
          وأمَّا الرَّابع، فمنسوب إلى عِيْش، وهو اسم لبطون من القبائل. قاله ابن السَّمعانيِّ(35) ، لكن ليس في الصَّحيحين من يُنسَب إليه.
          - خاتمة:
          لمَّا لم يكن اليَمَانُ من رجال البخاريِّ، وهو صحابيٌّ كبير، أحببت أن أذكرَه عند وَلَده زيادةً للفائدة.
          قلت: حضر هو وابناه حُذيفةُ وصَفْوانٌ أُحُدَاً مع النَّبيِّ صلعم، فقُتل حُسَيْل(36) ، قتله المسلمون خطأ.
          قال محمودُ بنُ لَبِيْد: لمَّا خرج رسول الله صلعم إلى أُحُد، رُفع حُسَيْلُ بنُ جابر _وهو اليَمَان_ وثابتُ بن وَقْش في الآطام مع النِّساء والصِّبيان، وهما شيخان كبيران، فقال أحدُهما لصاحبه: لا أبا لك! ما تنتظر؟! فوالله ما بقي لواحدٍ مِنَّا من عمره إلَّا يسير، إنَّما نحن هامَة اليوم أو غداً، أَفَلا نأخذ أسيافنا، ثمَّ نلحق برسول الله صلعم ؛ لعلَّ الله أن يرزقنا الشَّهادة؟ فأخذا أسيافهما، ودخلا في المسلمين، ولا يُعلَم بهما، فأمَّا ثابت، فقتله المشركون، وأمَّا حُسَيْل، فاختلفَ عليه أسيافُ المسلمين(37) ، وهم لا يعرفونه، فقتلوه، فقال حذيفة: أبي واللهِ أبي! قال المسلمون: والله ما عرفناه. وصَدَقوا، قال حذيفة: يغفر الله لكم، وهو أرحم الرَّاحمين. فأراد رسول الله صلعم أن يَدِيَهُ، فتصدَّق بدِيتهِ على المسلمين، فزاده رسول الله صلعم خيراً، ودعا له.


[1] في (ن) تصحيفاً: (العيسى).
[2] تصرُّف المؤلِّف ☼ يقتضي أنَّ الَّذي أصاب الدَّمَ هو (اليَمان) والد حذيفةَ ☻، وقد تبع في ذلك الحافظَ ابنَ حجر في الإصابة:2/ 44، وتهذيب التهذيب:2/ 193، والصَّواب أنَّ حَليفَ الأنصار هو جدُّه الأعلى (جِرْوة بن الحارث)، كما في كتب التَّراجم، انظر تهذيب الكمال:5/ 497.
[3] أخرجه بمعناه الطَّبرانيُّ في المعجم الكبير:3/ 165 برقم: (3015)، وعنده برقم (3017) تسمية هؤلاء المنافقين.
[4] ما بين الحاصرتين سقط من الأصول كلِّها، واستدركناه من أسد الغابة:5/ 358، وعنه ينقل المؤلِّف، وانظر تهذيب الكمال:29/ 460.
[5] في غير (ن): (عبيد الله بن عمر) وهو تصحيف.
[6] المسند (23744)، وأبو داود (2657)، والتِّرمذي (1613)، والنَّسائيُّ في سننه الكبرى (8637).
[7] في غير (ن): (فسكتَ).
[8] في (ن) تصحيفاً: (إلينا).
[9] في غير (ن): (أي حذيفة).
[10] في (ن) تصحيفاً: (هذا).
[11] في غير (ن): (عن).
[12] انظر تفسير البغويِّ:6/ 330-331، والحديث بطوله في المسند: (23334)، ومختصرًا في صحيح مسلم: (1788).
[13] المسند (23354)، ومسلم (1787).
[14] في النسخ جميعها: (تركت) وهو تصحيف.
[15] في (ن) تصحيفاً: (جند).
[16] في (ن) تصحيفاً: (الوكسا).
[17] في (ن) تصحيفاً: (منبتراً) بتقديم الباء على التاء.
[18] في (ن): (إليَّ) والمثبت أولى.
[19] في (ن) تصحيفاً: (ساعته).
[20] البخاري (6497)، ومسلم (143).
[21] في غير (ن): (قبل).
[22] 2/175.
[23] في (ن) تصحيفاً (ابن الأخرم).
[24] شرح البخاريِّ:2/ 10، وجاء في الأصول كلِّها: (عشرين)، وصوَّبناه من المصدر موافقًا للوجه.
[25] مقدمة الفتح: ص474.
[26] في (ن) تصحيفاً (خراش).
[27] سقطت الواو في (ن).
[28] في غير (ن): (وغيرهما).
[29] في (ن) تصحيفاً: (بن).
[30] كذا ضبطه بفتحتين، ولا يصح، فقد نصوا على ضبطه بإسكان الكاف (كالوعْد) في المصدر والجمع والمفرد (وكتة)، وانظر القاموس واللسان (وكت).
[31] الغابر: الباقي، والغابر: الماضي، وهو من الأضداد، وهو هنا يعني به الفعل المضارع.
[32] في (ن) تصحيفاً: (وتعجز).
[33] في (ن) تصحيفاً: (والمنبتر) وكذلك ضبطه المصنف هنا إذ قدم الباء على التاء وهو سهو منه ☼؛ لأنه افتعل من (نبر) فالتاء متقدِّمة.
[34] في (ن) تصحيفاً: (كعمر).
[35] الأنساب:4/140، قلت: بقي (العِيْسِيُّ) بكسر العين والسين المهملة، نسبة إلى (بيت عيسى)، وقد ينسب إلى (عيسى)، وانظر تاج العروس (سنس) و(عيس).
[36] في غير (ن): (حِسْل) وكذلك المواضع التي بعده، وكلاهما صحيح كما سبق.
[37] في (ه) (المسلمون) ولا تستقيم.